ان الانسان فطر على العيش مع الجماعة والتعامل مع الآخرين، فهو لا يقدر على العيش وحيدا بمعزل عنهم، مهما توفرت له سبل الراحة والرفاهية، لذلك يجب على الانسان حتى يتفادى الأحكام المسبقة وسوء الفهم الناتج عن عدم الوعي بمواقف الآخرين وغياب الرؤية الحقيقة لديهم...
لا شك الديمقراطية نظام حكم اساسه الشعب، ولايكون الحكم هذا مشروعا الا اذا كان وليد الارادة الحرة للشعب المحكوم، وبالتالي نشوء نظام مدني..اذن النظام المدني، هو ذلك النظام الذي يعتمد الأسس الحضارية في إدارة شؤون الحياة.
حيث تشرّع القوانين ضمن مؤسسات شرعية منتخبة من قبل الشعب وفق نظام يمثل قناعته الفكرية، ولا وجود لقرارات فردية أو فئوية، إلا إذا سمح به الدستور المصوّت عليه من قبل الشعب، ويسمح في هذا النظام لحرية التعبير عن الرأي وفق القانون، ومراعاة حقوق الإنسان أيضا.
حيث ابرز أسس الديمقراطية: ككفالة الحقوق والحريات، فجوهر الحرية يقوم أساساً على الانطلاق الذي يحمل الأفراد على السعي وراء مصالحهم أيان يريدون، وكيفما يبتغوا ماداموا لا يعترضون بالأذى للغير، فالفرد سيد نفسه وبدنه وعقله، ولا تعاني الإنسانية من حرية ينطلق فيها الناس كما يحبون.
لذا فإن الإقرار بحقوق الأفراد وحرياتهم وضمانها يقوم على فكرة القانون الطبيعي، بمعنى أن للإنسان حقوقاً لاصقه به لاتنفصل عنه، يكتسبها بمجرد الميلاد، وأنه كان يتمتع بهذه الحقوق قبل نشأة الأنظمة السياسية، وبالتالي فإن العقد الاجتماعي لم يحصل، إلا لأجل حماية هذه الحقوق وعدم المساس بها، أو حرمان الأفراد من الاستمتاع بها، فالديمقراطية تقوم بالأساس على سيادة القانون ومباشرة حقوق الإنسان، وعادة في الدول الديمقراطية لايعلو أحد على القانون.
والجميع متساوون أمام القانون ويتعين بالأصل على المؤسسات الديمقراطية، أن تقوم بدور الوسيط في تخفيض حدة التوتر والمحافظة على التوازن بين التنوع والتوحد وبين الفردي والجماعي، وذلك من أجل دعم الترابط والتضامن على الصعيد الاجتماعي، فالديمقراطية التي يتطلع لها الإنسان الحر يجب أن تقوم على حق كل فرد في المشاركة في إدارة الشؤون العامة، والعنصر الرئيس لها يتمثل في إجراء انتخابات حرة ونزيهة على فترات منتظمة، يعبر فيها الشعب عن إرادته ويقع على عاتق السلطة ضمان حصول مواطنيها على حقوقهم المدنية والثقافية والسياسية والاجتماعية ومن ثم، فإن الديمقراطية على هذا الأساس تنمو وتتطور مع وجود حكومة فعالة تتصف بالأمانة والشفافية، وتقوم على الاختيار الحر وتتحمل المسؤولية الوطنية عن إدارتها للأمور العامة.
ولهذا يكون الاتجاه هو السعي المشترك، نحو إلغاء عوائق الماضي واستمراريتها السياسية والتشريعية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتصحيح ما ترتب عنها من غبن ومآسٍ وأخطاء وانتهاكات وجرائم جسيمة، وبهذا يكون التصالح والوحدة الوطنية، كمشروع مجتمعي طويل الأمد يعني إنجاز توافق وطني بين مختلف مكونات الإطار الحضاري للمجتمع حول خطة شمولية ومتكاملة، محددة، ودقيقة، تسترشد بالمبادئ الأساسية المستخلصة من تجارب فض النزاعات بالطرق الهادئة وفق القانون والحوار.
فالحوار كجزء من النظام الديمقراطية، يكون الوسيلة المهمة للتفاهم ويعتبر مطلبا انسانيا وأسلوبا حضاريا يصل الانسان من خلاله الي النضج الفكري وقبول التنوع الثقافي، الذي يؤدي الي الابتعاد عن الجمود وفتح قنوات التواصل مع المجتمعات الأخرى، بمعنى آخر الحوار من أهم أدبيات التواصل الفكري والثقافي والاجتماعي والاقتصادي، التي تتطلبها الحياة في مجتمعنا المعاصر، وله قوة في تنمية قدرة الأفراد على التفكير المشترك والتحليل والاستدلال بغية إنهاء خلافاتهم مع الآخرين بروح التسامح والصفاء بعيدا عن العنف والاقصاء، وبهذا فإن النظام المدني يقوم على الاسس الديمقراطية وبناء مؤسسات دستورية قابلة للتطور واستعياب الحياة المدنية بدالة الحوار، وتحقيق مصالح الفرد والجماعة من خلال اللياقة واحترام قيم الحوار، وكي يصار للتوصل لتفاهم مشترك مع ابداء المرونة اللازمة، وبالتالي قبول الرأي الآخر..(يقول ابن خلدون في مقدمته إن الإنسان اجتماعي بطبعه.
وهذا يعني أن الانسان فطر على العيش مع الجماعة والتعامل مع الآخرين، فهو لا يقدر على العيش وحيدا بمعزل عنهم، مهما توفرت له سبل الراحة والرفاهية، لذلك يجب على الانسان حتى يتفادى الأحكام المسبقة وسوء الفهم الناتج عن عدم الوعي بمواقف الآخرين وغياب الرؤية الحقيقة لديهم، وهنا سوف نخلق مجتمع متماسك، لا تنفصم عراه طويل الامد ذا رؤية مستقبلية ضمن تنميات مستدامة، وذا تفكير في تنويع مصادر اقتصادية متنوعة، ورفض المصدر الاحادي في التنمية الاقتصادية.
اضف تعليق