تثبيت حق الشعوب بتقرير المصير في قانون الدولي، حيث أصبح أحد المبادئ الأساسية للقانون الدولي، واتفق عليه العالم كله، وبحكم وضعه كحق للجميع، فإن من مسؤولية جميع الدول ضمان تحقيق هذا الحق، وأي عرقلة، أو انتهاك لهذا المبدأ، وخاصة من خلال استخدام القوة، يشكل انتهاكًا خطيرًا للقانون الدولي...
تثبيت حق الشعوب بتقرير المصير في قانون الدولي، حيث أصبح أحد المبادئ الأساسية للقانون الدولي، واتفق عليه العالم كله، وبحكم وضعه كحق للجميع، فإن من مسؤولية جميع الدول ضمان تحقيق هذا الحق، وأي عرقلة، أو انتهاك لهذا المبدأ، وخاصة من خلال استخدام القوة، يشكل انتهاكًا خطيرًا للقانون الدولي، ومن هنا أكدت الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الحق في إعلان العلاقات الودية، الذي تم اعتماده بالإجماع في عام 1970 ويعتبر مؤشراً رسمياً للقانون الدولي العرفي، ثم أجمعتْ المادة الأولى المشتركة بين العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على حق جميع الشعوب في تقرير المصير، وتفرض على الدول الأطراف التزاماً بتعزيز هذا الحق واحترامه.
من هنا تابعنا مباغتة الفصائل الفلسطينية لإسرائيل في السابع من أكتوبر 2023، التي أفقدت الكيان الصهيوني الشعور بالأمن والثقة في جيشهم ووكالات استخباراتهم، وبرغم أن الرد الإسرائيلي كان ردا ثأريا مروعا على غزة مخلفا مئات القتلى والجرحى وآلاف المشردين النازحين، علاوة على فرض حصار عقابي متمثل في خنق إمدادات الغذاء والطاقة والماء والأدوية، التي تشتد الحاجة إليها في ظل وجود نظام صحي هش في القطاع، وتدمير البنية التحتية الحيوية في غزة، ومخزون الإسكان، والاقتصاد، والأراضي الزراعية، وأساطيل الصيد إلى حد كبير، وانعدام الأمن الغذائي.
وقد دفع إجمالي الدمار الأمم المتحدة إلى إصدار تحذيرات متعددة بأن تصرفات إسرائيل تجعل غزة غير صالحة للعيش، وهذا العدوان رغم تعدد جرائمه الموغلة بالظلم والعدوان، لم تحقق إسرائيل أيًّا من أهدافها من الحرب، فلم يتم القضاء على حركة حماس، ولم يفرج عن الأسرى المحتجزين، لدى فصائل المقاومة في حماس بالقوة.
وهنا ظهرت قوة شعب غزة بصمود أسطوري، يدل دلالة واضحة على قدرة الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره بيده، والمفترض يقف القانون الدولي معه، الا ان فشل الامم المتحدة في الانحياز لمصير الشعب الفلسطيني بسبب الميل الغربي، الذي تقوده أمريكا، نحو مدللتها إسرائيل حدث هذا الجرم الصهيوني، الذي يندى له إلى الابد جبين الإنسانية، واستمرت الحرب الطاحنة تحصد ارواح الأطفال والنساء وكبار السن والمرضى، وبقي الكيان الصهيوني يعاند في تحقيق هدفه، وهو القضاء على حماس، وجاء يوم الأربعاء، الذي شهد الإعلان عن الاتفاق المعقد، بعد جهود وساطة من قطر ومصر والولايات المتحدة على مدى أشهر.
وبعد استمرار إراقة الدماء، التي دمرت القطاع الساحلي، وأشعلت الشرق الأوسط، ويحدد الاتفاق، الذي سري بناءً على التوافق بين أطراف الاتفاق والوسطاء وهذه دلالة مؤكدة على ان مبدأ تقرير المصير لا يتحقق الا بتضحيات الشعوب نفسها، فحماس جلبت الألم إلى عدوها على نحو لم تشهده إسرائيل في تاريخها، فقد نجحت في استعادة أوراق اعتمادها في "المقاومة"، التي كانت قد اهتزت في السابق، كما زادت شعبيتها بين الفلسطينيين في وقت أصبحت فيه قيادة الحركة الوطنية الفلسطينية على المحك، وكما نجحت في عرقلة تطبيع العلاقات الإقليمية مع إسرائيل على الأقل مؤقتاً، وأدى إلى تراجع الرأي العام الدولي تجاه إسرائيل، حيث أصبح ينظر الأوروبيون إلى إسرائيل باعتبارها تهديدًا كبيرًا للسلام.
كما واجهت إسرائيل انتفاضات متزايدة بشأن إساءة معاملة ووفاة الفلسطينيين المعتقلين منذ بداية الحرب، ودعت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على إثرها إلى إجراء تحقيقات في هذه التقارير، فضلًا عن تقارير سابقة عن استهداف المدنيين بشكل عشوائي، أو متعمد، وفي سبتمبر 2024، علقت المملكة المتحدة شحنات الأسلحة إلى إسرائيل، بسبب مخاوفها من انتهاكات القانون الدولي.
وهنا نتساءل من هو الأقرب للنصر؟ ونقولها باطمئنان إن الشعب الفلسطيني هو الأقرب، وقد نضيف باختصار، ورغم فداحة الخراب والدمار والقتل، ان المنتصر هو الشعب الفلسطيني، الذي أثبت أنه شعب حر ويحب الحياة، وتبقى حرب غزة بذاكرة العالم الى الأبد وانتصار غزة، هو نصر للقانون الدولي، وخاصة العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على حق جميع الشعوب في تقرير المصير.
اضف تعليق