q
قبل أن تُقبِل على الزواج، يخبرك الجميع بأن الزواج يحتاج إلى بذل جهد لإنجاحه. وفي الحقيقة، لم أصدق هذا الأمر قَط إلى أن وجدت نفسي بعد أربع سنوات من زواجي -وكنا قد أنجبنا طفلين ومررنا بظروف عصيبة مع الانتقال إلى الجهة الأخرى من البلاد- أذهب أنا وزوجي للحصول على استشارة أسرية...
بقلم: ساني سي جولد

قبل أن تُقبِل على الزواج، يخبرك الجميع بأن الزواج يحتاج إلى بذل جهد لإنجاحه. وفي الحقيقة، لم أصدق هذا الأمر قَط إلى أن وجدت نفسي بعد أربع سنوات من زواجي -وكنا قد أنجبنا طفلين ومررنا بظروف عصيبة مع الانتقال إلى الجهة الأخرى من البلاد- أذهب أنا وزوجي للحصول على استشارة أسرية. اتضح أنه لا يوجد زر تضغط عليه ببساطة لتدع الحب وحده يقود العلاقة ويحافظ على نفسه ذاتيًّا دون مجهود منك؛ إذ لا بد أن تكرس وقتًا وجهدًا حقيقيين لفهم شريك حياتك وتقديره. جميع المتزوجين يعلمون أن هذه الأشياء ليست دائمًا سهلة التحقيق. وفيما يلي أوضح بعض ما جاء في أبحاث العلاقات الأسرية (مع التطرُّق إلى نظرية الألعاب) حول كيف تصبح شريك حياة أفضل.

كن لطيفًا كلما استطعت ذلك. تقوم أغلب الأساليب الحديثة في استشارات العلاقات الأسرية على البحث الذي أجراه عالِم النفس البارز جون جوتمان، الذي اشتهر بتصوير حياة آلاف الأزواج على شرائط فيديو وتحليل تفاعلاتهم وتحويلها إلى بيانات قابلة للقياس. وكانت إحدى أبرز النتائج المادية التي توصل إليها أن الزوجين السعيدين يتفاعلان معًا خمسة تفاعلات إيجابية مقابل كل تفاعل سلبي، فيقول جوتمان: "كان هذا أبرز ما توصل إليه تحليل البيانات". وكان هذا ينطبق على الأنواع المختلفة من العلاقات، متضمنةً العلاقات التي يكون طرفاها مستقلين أو تفصل بينهما مسافات أو حتى تميل شخصياتهم إلى الجدال. وهذه التفاعلات الإيجابية ليست بالضرورة مواقف كبيرة، فكما يقول جوتمان: "الابتسامة أو الإيماءة بالرأس أو مجرد إبداء الاهتمام بالاستماع إلى الطرف الآخر، كلها تُعَد تفاعلات إيجابية".

فكر فيما يحتاجه الطرف الآخر، حتى في أثناء الخلافات. يرى جوتمان أنه لحل الخلافات يمكننا التعلُّم من "نظرية الألعاب"، وهي دراسة النزاعات وصناعة القرارات المُستخدَمة في العلوم السياسية وعلمي الاجتماع والاقتصاد. كان الاعتقاد السائد قديمًا أن المفاوضات أغلبها مواقف ذات مجموع صفري، أو بمعنى آخر فإن المكاسب التي يحصل عليها طرف هي خسائر يتكبدها الطرف الآخر. وفي عام 1950، أثبت عالِم الرياضيات جون ناش أن ثمة نتيجة أخرى أفضل يمكن التوصل إليها؛ وهو حل ينطوي على أن يقدم كلا الطرفين بعض التنازلات، ولكن في النهاية تخرج جميع الأطراف راضية (وهو ما يُعرف الآن باسم "توازن ناش"، الذي حصل من أجله جون ناش على جائزة نوبل في عام 1994).

وهذا يذكِّرني بموقف حدث لي مؤخرًا في زواجي؛ إذ كان زوجي يكره المنزل الذي اشتريناه قبل بضعة أعوام وأراد أن ينتقل إلى حي جديد، بينما كنت أنا على العكس تمامًا أحب المنزل ولم أرد الانتقال إلى أي مكان. وبعد أن دار بيننا كثير من المناقشات، أدركنا أن ما يحتاجه كلانا بالفعل هو الاستقرار في مكانٍ ما مدةً طويلة.

وإذا كان زوجي لا يشعر بأن المنزل الحالي هو المكان الذي يمكنه أن يستقر فيه، فلا أستطيع أنا أيضًا الاستقرار فيه. لذا قررنا الانتقال في الشهر التالي، من أجلنا نحن الاثنين! احرصا دائمًا على التوصل إلى "توازن ناش" في خلافكما، وعندها سيحصل كلٌّ منكما على ما يريد.

الاهتمام. يقول جوتمان: "يسعى الأشخاص دائمًا إلى جذب انتباه شريك حياتهم واهتمامه". اكتشف جوتمان في بحثه أن الزوجين اللذَين يحافظان على سعادتهما (خلال السنوات السبع الأولى من الزواج على الأقل) يفهمون إشارات طلب الاهتمام هذه، ويُبدون الاهتمام فعلًا في 86% من الوقت، في حين أن الأزواج الذين انتهى زواجهم بالطلاق كانوا يتجاوبون مع إشارات طلب الاهتمام هذه في 33% فقط من الوقت. وتقول دانا آر. بيرجر -الأستاذ المساعد في علم النفس الإكلينيكي والعلوم السلوكية بكلية فاينبيرج للطب بجامعة نورثويسترن-: "إنها اللحظة التي نختار فيها أن نُنصت إلى شريك حياتنا وهو ينفِّس عما بداخله بعد مروره بيوم عصيب، بدلًا من مواصلة مشاهدة برنامج تليفزيوني. وفي أي تفاعُل يحدث، تكون لدينا الفرصة إما للتواصل مع شريك الحياة أو الانصراف عنه. وإذا اخترنا الانصراف عنه بصورة مستمرة، فمع مرور الوقت، سيتآكل الأساس الذي يقوم عليه الزواج ببطء، حتى مع عدم وجود خلاف واضح".

تجاهَل العيوب وامتدح المميزات. تكشف الملحوظات حول كيفية تصرُّف المتزوجين في بيوتهم أن الأشخاص الذين يركِّزون على السلبيات لا ينتبهون للأشياء الكثيرة الإيجابية التي يفعلها شركاؤهم. إلا أن الزوجين السعيدين يتجاهلان الأمور المزعجة ويركِّزان على الأشياء الجيدة. فيقول جوتمان: "إذا كانت زوجتك عصبية وسيئة المزاج في صباح أحد الأيام، فلا بأس في ذلك؛ إذ لا ينبغي أن يتحول الأمر إلى مواجهة. ثم بعد ذلك عندما تفعل شيئًا لطيفًا، لاحظ ذلك وعَلِّق عليه"، وخمن ماذا سيجلب هذا الأسلوب لك؟ المزيد من السلوكيات اللطيفة بطبيعة الحال.

سأحاول أن أطبق هذا الدرس على الفور، فزوجي يترك قمصانه المتسخة مُكَوَّمة على الأرض، ولا يضع الصحون بالطريقة الصحيحة داخل غسالة الأطباق مطلقًا، كما أنه يصبح سريع الغضب عندما لا يحصل على قسطٍ كافٍ من النوم، ولكنه زوج رائع؛ فهو صادق، كما أنه يشاركني مشاعره ويهتم بي كثيرًا، وبشكل عام، يُشعرني بأني مهمة في حياته. وأريد أن أريه أنا أيضًا أنه يعني لي الكثير في حياتي، وأن كل الأمور الأخرى البسيطة التافهة لا تهمني.

اضف تعليق