إن الخرس الزوجي يعد من أخطر أنواع الانفصال بين الزوجين ومن الظواهر التي انتشرت في بيوت كثيرة، وسمي بالخرس لانعدام النقاشات الايجابية والحوارات البناءة والرغبة في السكوت لغياب ثقافة الحوار بينهم، ما تزيد هوة الاختلاف وتكبر يوما بعد اخر، فكل الآراء حول مستقبلهم وطموحاتهم تكون نهايتها شجار...
الجسد والروح عنصران مترابطان ومتفاعلان، ويتحركان بوتيرة واحدة في علاقة متفاعلة لا تكتمل سلامتها إلا بصحة الأثنين، وهي هبة الله وسر من أسراره، وكما تحتاج الروح والجسد التوازن ليعرف جوهر هويته حتى يختار طرق التعامل مع المجتمع، يحتاج الى التواصل مع الارواح التي تهفو اليها روحه، ليتعامل معها ويخلق العلاقة الودية والتراحمية بينهما، فالأرواح تلتقي وتهوى وترتبط ارتباطا وجدانيا وعقلانيا مع من لا توجد بينه وبينها شوائب معنوية.
ان وصال الأرواح أسمى ما يحكم العلاقة الزوجية، ويخلق التسامح والعطف والتفاهم والتنازلات، وإذا تم مخالفة هذا الاندماج الأصيل الذي ترتكز عليه تكوين العلاقة الزوجية فلن تتحقق الغايات المنشودة من هذا الارتباط ولن يذوق الشركاء الراحة والاستقرار النفسي.
بات الكثير من المتزوجين يعانون من حالة يسميها علم النفس الطلاق الصامت والخرس الزوجي وهي من المشاكل المعاصرة التي تنتشر بين المتزوجين وغزت البيوت الأمنة، سواء الزيجات الجديدة والتي لم يدم على ارتباطهم سوى سنوات قليلة او تعدت العشرين سنة واكثر.
الطلاق الصامت
هو زواج شكلي يفتقد لكل صفات ومميزات الزواج الحقيقي، فتكون الارواح متباعدة كالغرباء يعيشون في مكان واحد، مما يجعل الزوجين يشعران بعدم تقبل بعضهما بعضًا، وتفقد مشاعر الاشتياق والرغبة، والمزاح وروح النكتة غير مرغوب فيها بينهم، والشعور بالراحة اذا ابتعد احدهم عن الثاني، والنوم منفصلين أو تكون مواعيد النوم مختلفة ولهذا يسميه المختصين بـ(طلاق المخدة)، وتضخيم الاخطاء بدل من تلافيها، وتظهر أنانية كل طرف في التعامل ما يؤثر على سلوكهم المادي ويزيد الشجار والخلاف حول المصاريف المنزلية والشخصية.
الخرس الزوجي
يعتبر مستشاري الطب النفسي إن "الخرس الزوجي" يعد من أخطر أنواع الانفصال بين الزوجين ومن الظواهر التي انتشرت في بيوت كثيرة، وسمي بالخرس لانعدام النقاشات الايجابية والحوارات البناءة والرغبة في السكوت لغياب ثقافة الحوار بينهم، ما تزيد هوة الاختلاف وتكبر يوما بعد اخر، فكل الآراء حول مستقبلهم وطموحاتهم تكون نهايتها شجار وخصام وعدم الوصول الى حل وسط يرضي الطرفين، وهذا يؤدي الى تجنب مكاشفة الطرفين عن مشاعرهم واحلامهم واهدافهم الشخصية، وتقتصر احاديثهم حول المأكل والمشرب وامور المعيشة البسيطة مما يؤدي الى انشقاق روحي غير ظاهر وعلاقة باردة، على المستوى العائلي ايضا يصعب التفاهم بينهم على طريقة تربية الاولاد وبناء اسرة ناجحة.
في مجتمعنا نصادف الكثير من الرجال والنساء يقولون لولا الاولاد او لولا الظروف لتطلقنا وهم يظنون انهم جربوا الحلول كلها ولم ينجحوا، الذي يجعل الزوجان يتقبلان فكرة ان ليس هناك حل او اليأس من تغيير الطرف الأخر. وتكثر معها الشكوى للمقربين في الخفاء والعلن، والانتقاد واللوم الدائم على الآخر.
وهذه الفكرة تجبرهم على القبول بالطلاق الصامت ويفضلون او يرضخون لهذا الوضع كحل دون البحث عن الاسباب ومعالجتها، لعدم وعيهم وقلة علمهم بالتعامل السليم، في حين ان هناك حلولا كثيرة واولها عدم الاستسلام للواقع الذي هم فيه، فمتى ما اقتنعوا ان هناك حلولا سيجدونها.
وهناك من جرب طرق فعليا ولم يستطيع الوصول لمنطقة الاستقرار والتفاهم و المودة والرحمة، وتحت ظروف مختلفة منها الاولاد والاحتراس من المجتمع والضغوط المادية تدفعهم للمضي في علاقة شكلية سلبية.
تقول احدى السيدات حين كنت ادرس في المهجر تزوجت من شخص ولم تنجح علاقتنا وبعد نقاش وحوار اخذ منا ايام اتفقنا على الطلاق، فبادر بالخروج من المنزل وتركه لي ولم يأخذ سوى حقيبته، وكان بين الحين والاخر يكلمني ويطمئن عليّ حتى بعد زواجه من إمرأة ثانية كنت اذهب الى بيته ويستقبلني مع زوجته استقبالا جميلا.
لعل الاجواء الديمقراطية والوضع الثقافي الذي كانا يعيشانه انعكس على تصرفاتهم، وانهيا العلاقة التي يظنانها متعبة وغير موفقة بشكل ودي دون مشاكل ومحاكم وتدخل اطراف ودون اتهامات وتجريح، الامر الذي يفقده الكثير ممن يريد ان يخوض هذه التجربة سواء من كلا الطرفين او احدهم فيتردد من انهاء علاقة يجد انها تستنزف طاقته وتفتقد شروط الزواج الصحيح، مثل التفاهم والتسامح والتقبل.
تعزيز التوافق الروحي
يركز المختصون على نقاط كثيرة تسهم في معالجة الفتور والبرود الذي يصيب العلاقة الزوجية وتعزيز التوافق الروحي منها، كلام التشجيع والمديح لما يقدمه ويبذله الاثنان، وهو تعبير عن الاحساس بالأخر وما ينجزه، فلكل طرف مجموعة مهما يقوم بها ويود ان يقدرها الطرف الاخر، في حين نكران المجهود والتعب يشجع على الانانية وعدم التعاون.
الاستماع والانصات الجيد والايجابي وفهم مشاعر الاخر واسباب انزعاجه مهما كان يراها بسيطة وغير مهمة، احترام رغباته وهواياته ومساندته، محاولة تذليل الصعاب وعدم تضخيم الاخطاء والهفوات، ومعرفة اسس وطرق النقاش الايجابي ودوره في حل المشاكل الزوجية، والمتابعة والاطلاع الدائم على البرامج والمواضيع التي تطرح مشاكل ومعالجات العلاقات الزوجية.
اضف تعليق