ومع ان عمر الاربعين هي مرحلة نمو تصلهم الى النضج العقلي تمنحهم استقرار فكري تبعدهم عن التمرد والتأرجح في الأفكار ألا إن المستويات النضج تختلف من شخص الى اخر، في نضوج العواطف وأحكام الخبرات التي تنعكس على اختيار نمط الحياة والتعامل في حل مشاكل الأسرة والعمل...
يبدأ الانسان في سن الاربعين بجني ثمار اتعابه وغلة اجتهاده من الحكمة والعبرة المستخلصة من تجارب مر بها ومعارف تعلمها وقرأها، فتزيده ثقة بالنفس وتقدير عالي بالذات.
وهو السن الوحيد الذي خصها القرآن بالذكر في قوله تعالى: (حَتَّى إذا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِين) (سورة الاحقاف آية 15)
وهو الدليل على سن استيفاء كمال العقل والفهم والقدرة على التفكير بشكل افضل. كما يفسره اهل العلم.
ومع ان عمر الاربعين هي مرحلة نمو تصلهم الى النضج العقلي تمنحهم استقرار فكري تبعدهم عن التمرد والتأرجح في الأفكار ألا إن المستويات النضج تختلف من شخص الى اخر، في نضوج العواطف وأحكام الخبرات التي تنعكس على اختيار نمط الحياة والتعامل في حل مشاكل الأسرة والعمل، مما يجعلنا احيانا في استغراب لهذا الفارق الكبير بين الأربعينيين ونتسأل عن السبب.
إن الامر متروك للشخص ذاته في رفع فهمه وادراكه ووعيه، فمن كان غير مبالي اذا عاش بوعي عالي او منخفض، وغير مهتم بتطوير عقله وكسول في البحث عن المعلومة النافعة له، سيدخل عقده الجديد وسقف معرفته منخفضه ولا يحصد سوى القليل من التجارب التي مر بها ومعلومات اطلع عليها، كما سيواجه تخبطات في قراراته وصعوبة باختيار الافضل في أدارة امور حياته، وهذه هي الإجابة للسؤال الذي يطرحه الكثير ممن يلتقي بأشخاص رغم صغر سنهم يفاجئونه بالأسلوب والتعامل الناضج في حين البعض الآخر رغم كبر سنهم قد يصدمونه بصغر عقلهم بمجرد النقاش معهم.
فعند وصوله لسن الاربعين يكون مصاب بأمراض عضوية بسبب سلوكيات وعادات مضرة بصحته الجسدية لا يملك المعرفة والارادة القوية لتخلص منها، وامراض نفسية لانه لا يرى الامور على حقيقتها فيكرر نفس الاخطاء وينتظر نتائج مختلفة، كما يواجه صعوبات بتحقيق اهدافه، ولا يجد اجابة منطقية وهو يرى الكثير من هم في عمره وقد سبقوه في كل شيء، فيعلق فشله او تأخره بالوصول لما يريد لأسباب غير علمية مثل الحظ والنصيب، او على الاشخاص المحيطين به مثل الزوجة الأهل أو يربط فشله بفشل الحكومة او كل هذه الاسباب مجتمعة تكون له مخدر لما يواجه من لوم وعتب سواء من نفسه او المحيطين.
لذلك من المهم ان يكون الانسان متيقنا عارفا الاهمية هذه المحطة في حياته، لتساعده في تجاوز الصعوبات بشكل أفضل، فحين يغطي خصلات الشعر والذقن البياض ويزداد الظهر انحناءا وترسم التجاعيد خطوط في وجهه، وتتغير قدرته على الإبصار والسمع ويشعر ان الدنيا قاب قوسين أو أدنى من أن تصبح فانية، يعرف ما يجب القيام به، كذلك يتجنب الازمة الوجودية حول معنى الحياة والتي تتحول اذا لم يجد اجوبة منطقية مقنعة وايجابية الى نوبات اكتئاب وحزن وربما تتطور الى شكوك غير مبررة تفقده مبادئ واخلاقيات ارتكز فكره وسلوكه عليها منذ نشئته.
كذلك ستمنحه استعداد بالتعامل بوعي ودراية قبل دخوله بالعقد الجديد وفهم الجانب السلبي والإيجابي وطريقة تقبل لتغييرات والعلامات المصاحبة لهذا العمر التي تطرأ على المظهر والقدرات الجسدية، وحين يطرح على نفسه سؤال ماذا حققت في حياتي لتقييم حياته ومنجزاته، يملك جواب واثق ومرضي وهو يرى ما أنجزه خلال سنواته الماضية.
ان المستعد لسن الاربعين سيبقي معنوياته مرتفعة واقباله على الحياة ايجابي رغم مؤشرات التقدم بالسن المربكة، ويصبح محبا وصامدا بشكل أقوى وافضل، كما ستجنبه مراهقة سن الاربعين التي يمر بها البعض، وتؤدي هذه الفترة لمن لا يملك معلومات مسبقة عنها وعن تاثيرها على حياته الى مشاكل زوجية واسرية تصل الى الطلاق في بعض الاحيان.
لذلك، من المهم اتخاذ خطوات مسبقة لتساعد على التوازن النفسي والتأقلم مع الحياة بأزماتها الجسدية والنفسية، واهمها تطوير الذات وهو المفتاح السري لحل مشاكل الحياة، وتحسين التفكير من خلال اكتساب المعرفة لتعزيز القدرة على تمييز الصواب والخطأ، والتقرب الى الله لوصول الارواح للسكينة والرضا ومعرفة قيمة الشكر الله لكل ما تقدم وتأخر.
اضف تعليق