خلال الجلسة الأخيرة لمجلس النواب الاسبوع الفائت، وفي فقرتها الأخيرة، حضر رئيس الوزراء الدكتور حيدر العبادي الى قاعة المجلس، وفي ظرف أقل من ساعة تم التصويت على كل من قاسم الأعرجي مرشح التحالف الوطني الشيعي وزيرا للداخلية وعرفان الحيالي ممثل اتحاد القوى السنية وزيرا للدفاع، وقد حاز المرشحان على تصويت أكثرية الكتل، إلا أن التركمان وبسبب خلافاتهم الداخلية لم يستطيعوا نيل الموافقة لمرشحهم لوزارة الصناعة، مع أن الدكتور العبادي طرح اسمه على البرلمان، وكان الغائب الوحيد هو المرشح الكردي لشغل منصب وزير المالية الذي هو من حصة الكرد، ووفق الاستحقاق الانتخابي يشغله مرشح الحزب الديمقراطي الكردستاني.
وقبل يوم من مجيء العبادي الى البرلمان بهدف ملء الوزارات الشاغرة، صرحت الكتلة الصفراء في مجلس النواب أن شغل منصب وزير المالية هو من حقنا ولايجوز لأحد التدخل فيه، ولكنهم لم يخبرونا من هو مرشحهم لكي ندعمه جميعا في الكتل الكردستانية ويكون أداة لخدمة مصالح شعب كردستان في بغداد.
مضت حوالي 4 أشهر على استبعاد السيد هوشيار زيباري وزير المالية السابق من منصبه، ومضى أكثر من شهر على رد المحكمة الاتحادية طعن زيباري، حيث اعتبرت اقالته من قبل مجلس النواب اجراء صائبا وقانونيا، ولم يتبق أي عذر لدى الاخوة في الحزب الديمقراطي لإضاعة المزيد من الوقت بهذه المسألة، حيث إن بقاء هذا المنصب معلقا أكثر من ذلك يخلف انعكاسات سلبية على الكرد من نواحٍ متعددة، سأتحدث عن بعض منها:
أولا: يؤدي الى إضعاف الصوت الكردي داخل مجلس الوزراء، لأن أغلب القرارات داخل المجلس تتخذ بعد أخذ رأي الوزراء الكرد كممثلين عن المكون الكردي، وضياع صوت، ولاسيما إذا كان وزير المالية الذي هو منصب سيادي، سيخلف آثارا سلبية بلاشك.
ثانيا: فضلا عن كونه منصبا سياديا، فإن منصب وزير المالية له أهمية خاصة بسبب الأزمة الاقتصادية التي يعيشها العراق واقليم كردستان، وتظهر آثاره أكثر على موقع الكرد، لأن جوهر الخلافات بين حكومتي بغداد وأربيل له أبعاد اقتصادية، والسجالات المستمرة بين الجانبين حول ما يطلق عليه قطع رواتب الموظفين وبيع النفط بصورة مستقلة، تنتهي عند وزارة المالية وأموالها. كما ان جملة مسائل متعلقة بمواطني كردستان ترتبط بوزارة المالية الاتحادية مثل مستحقات الفلاحين المالية جراء بيع الحبوب.
ثالثا: توجه أحيانا انتقادات الى السلطة في بغداد، بأنهم لايأخذون رأي القيادة الكردستانية عند ملء المناصب التي هي من استحقاق الكرد ويغمطون حق الكرد في هذا الجانب، ناسين أن السبب الرئيس في ذلك يعود الى تقصير واهمال القوى الكردية والصراعات الموجودة فيما بينها، حتى أنه في بعض الأحيان كانت المشاكل الداخلية في حزب واحد سببا لخسارة مناصب حساسة، ودائما نعلق مشاكلنا على شماعة بغداد، ونرجع بخفي حنين، وما ينبغي للحزب الديمقراطي وكتلته في بغداد أن يأخذوه بجد ويتوقفوا عنده أن العبادي كلف أحد وزراء كابينته بإدارة وزارة المالية وكالة، فكما يقول المثل اللبيب تكفيه الإشارة.
بالرغم من تفشي الفساد وعدم استقرار الوضع الأمني وحدوث تفجيرات وعمليات ارهابية في بغداد، إلا أنه يجب الاعتراف بوجود ديمقراطية نسبية في العاصمة العراقية وداخل العملية السياسية هناك، وهذا ما نلحظه في المؤسسات التشريعية والتنفيذية، حيث يستجوب البرلمان وزراء مهمين وتتم اقالتهم بتهمة الفساد وتقبل المسألة في الحكومة بروح رياضية، فالرأي النهائي في كل التغييرات هو لممثلي الشعب، كما نص عليه الدستور.
وما يهمنا نحن الكرد في هذا الصدد، أن لا نغفل أنفسنا ولا نقوم بذر الرماد في عيون بعضنا البعض، ومع الإسراع في تنظيم البيت الكردي وإعادة تفعيل البرلمان، علينا الاعتراف أن عجلة تقدم العملية الديمقراطية في بغداد لا تنتظر حسم مشاكلنا الداخلية، فعلى الحزب الديمقراطي الكردستاني أن يتخلى عن أمل بقاء السيد هوشيار زيباري في منصبه ويتعجل في تقديم مرشح آخر لشغل وزارة المالية، ويخلصنا من هذا الموقف المحرج الذي نحن فيه.
اضف تعليق