زرنا في الاسبوع الماضي، كوفد عن مجلس النواب العراقي، العاصمة المصرية القاهرة، وكان الوفد يضم الكتل والقوى السياسية الكردية والسنية والشيعية، وفضلا عن زيارة مجلس الشعب (البرلمان) المصري، كانت لقاءاتنا هناك تتعلق بشؤون لجنة الصحة والبيئة وبالتالي تشكيل لجنة مشتركة بين الجانبين، بهدف توقيع اتفاقات وبروتوكولات هامة في هذا المجال مستقبلا.
إلا أن المحطة الهامة في زيارتنا كانت اللقاء مع الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط، وقد غلبت على اللقاء والمحادثات الأجواء السياسية، العسكرية والدبلوماسية، كما لم تخلُ الخطوط العامة لهذه المسائل من الحديث عن اقليم كردستان والعلاقة بين حكومة الاقليم وبغداد، وبهذا الصدد أثير موضوع الاستفتاء واستقلال كردستان، الذي تشتد اليه الأنظار الآن أكثر من أي وقت مضى، في داخل كردستان والعراق والمنطقة، ويخضع لنقاش وبحث مكثف ويثير ردود أفعال متعددة، وفي حال كهذه، حيث يتألف ثلث أعضاء الوفد البرلماني من الكرد، ممثلين بأربعة أعضاء، من الطبيعي أن يطال الحديث مع الأمين العام للجامعة العربية، خلال حوار مستفيض وشامل، مثل هذه المواضيع، بل تحتل جزءا كبيرا منه.
صحيح أن الجامعة العربية تضم 22 دولة وعمرها تجاوز الستين عاما، ونظمت العشرات من المؤتمرات العادية والاستثنائية وأدارت العديد من اللقاءات السياسية، الاقتصادية، الادارية، الدبلوماسية، العلمية، الثقافية والتراثية، وشهدت تأثيراتها على العالم العربي والشرق الأوسط حالات مد وجزر، ولكن المعلوم أن هذه الجامعة تعيش الآن في ضعف وتعاني الضبابية في خطابها والتشتت في صفوفها، ويبدو أن العراق الذي هو عضو مؤسس للمنظمة، لايكترث كثيرا بهذا الوضع، حتى أن رئيس الوزراء حيدر العبادي غير مستعد لدفع الاشتراك السنوي البالغ 7 ملايين دولار، الى الهيئة العليا لإدارة الجامعة، وقد وجهوا لنا هذا العتاب خلال اللقاء.
وبموازاة هذا الوضع الذي تعيشه الجامعة العربية، بالنسبة لنا نحن الكرد، حيث تربطنا الجيرة مع عدد من دول هذه الجامعة، ودول أخرى فيها تؤثر على جوانب متعددة من العملية السياسية، مثل السعودية وسوريا والأردن، يحظى موقف رئيس الجامعة، ولاسيما حول مسألة الاستفتاء، بأهمية بالنسبة لنا، حيث تحدث أحمد أبو الغيط عنها بصراحة قائلا: أي خطوة نحو الاستفتاء من قبل القادة الكرد ينبغي أن تكون بالرضا والتفاهم المشترك مع بغداد، وبخلاف ذلك ستكون النتائج سيئة ولاتحمد عقباها. وفي حين قال هذا، إلا انه لم يخف اعجابه بإقليم كردستان، حيث قال: حين تزور السليمانية وأربيل تشعر كأنك تزور جزءا من اوربا في الشرق الأوسط.
تتكرر التصريحات هنا وهناك، ولاسيما من قبل الحزب الديمقراطي الكردستاني ومسؤوليه، حول اجراء الاستفتاء في اقليم كردستان خلال العام الحالي، ولكن دون معالجة العوائق التي تقف في طريق الاستفتاء داخليا، مثل إعادة تفعيل برلمان كردستان وتوحيد البيت الكردي ومواقف القوى الكردستانية، والأهم من كل ذلك الجغرافيا التي يشملها الاستفتاء، وهل يشمل كركوك والمناطق الأخرى المتنازع عليها، التي هي جزء مهم من أرض كردستان؟
كل هذه العوائق مازالت معلقة وتحتاج الى حل ولايمكن الاستهانة بها، من جانب آخر وعلى الصعيد الدولي، هناك الرفض التركي-الايراني والموقف الامريكي القائل بضرورة الحفاظ على وحدة العراق، وموقف الجامعة العربية هذا، كلها عوائق وموانع واقعية وجادة أمام هذه العملية التي تسمى الاستفتاء.
في آخر تصريح له، لصحيفة (لوفيغارو) الفرنسية، يقول بارزاني: لن نستأذن من أحد، وكأننا بعد اعلان الدولة المستقلة الذي هو الهدف الأخير للاستفتاء، سننقطع عن هذا المحيط، بما فيه بغداد، وننقل دولتنا الى جغرافيا جديدة!!.
اضف تعليق