قال الله تعالى في سورة- ص:
(إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ (71) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (72) فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (73) إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (74) قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ (75) قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (76) قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ (77) وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ (78) قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (79) قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (80) إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ (81) قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (83).
نعم: (انا خير منه)، هذا هو شعار ابناء ابليس اليوم الارهابيين في كل العالم وكل من يحمل فكرة انه خير من الاخرين انما يحمل في ذاته فكرا ارهابيا، ومع الاسف فان هذا الشعار يعمر كثير من القلوب، ولذا فهو اليوم قوي وفاعل على الساحة الدولية من قبل ابناء ابليس عموما والإرهابيين الكبار العالميين الثلاثة خصوصا وهم:
اولا- ابناء الرجل الاصهب (The Nordy Man) وذريته:
نقلا عن: المقدادي فؤاد كاظم؛ "الإرهاب بين ثقافتين"، مجلة رسالة الثقلين، العدد: 42ص6: (يقول المؤرخ البريطاني الشهير (أرنو لد توينبي): (إن دراسة الجنس أو العرق كعامل منتج للحضارة؛ تفترض وجود علاقة بين الصفات النفسية، وبين طائفة من المظاهر الطبيعية. ويعتبر اللون هو الصفة البدنية التي يعول عليها الأوربيون -أكثر من غيره- في الدفاع عن نظريات العرق الأبيض المتفوق، وان أكثر النظريات العنصرية شيوعا هي التي تضع في المقام الأول السلالة ذات البشرة البيضاء والشعر الأصفر والعيون الشهباء، ويدعوها البعض بـ (الإنسان النوردي) أي الإنسان الشمالي، ويدعوه الفيلسوف الألماني (نيتشة) بالوحش الأشقر.
ونيتشه هذا يمثل اكبر المفكرين الغربيين الذين مجدوا القوة، وتقوم فلسفته على "إدارة القوة"، والسعي لإنجاب الإنسان الأعلى، واخذ هذه الفكرة "هتلر" وبنى عليها نظرية تفوق العرق الجرماني؛ والتي ترتب عليها جنون القوة وهاجس السيطرة الشاملة، وقهر الشعوب الأخرى واستعبادها، فأفرزت تلك الحروب التي دمرت أوربا وغيرها؟).
ولازال هذا التيار يعتمر النفوس في كل الاحزاب اليمينية والمحافظة في اوربا وامريكا والغرب بشكل عام وان كان لا يظهر في الواجهات الا انه فعال جدا بما يعتري نفوس القادة الغربيين من امثال؛ دونالد ترمب، وهولاند الفرنسي وميركل الالمانية وديفيد كاميرون البريطاني وخادمهم الاسود الاضحوكة اوباما.
فانا خير منه عند الوحش الاشقر؛ نظرية فكرية ضاربة الجذور في تفضيل الانسان الابيض او الاصهب على بقية البشر ؛ بدأت اعتبارا من ابيقور الى نيتشه الى هيجل، وجسدها هتلر خير تجسيد في النازية، ثم بعد ظهورها البشع في النازية عادت مخففة الى المجرمين من ابنائهم المستعمرين المستوطنين الذين ابادوا السكان الاصليين في الأميركتين واستعبدوا الافارقة وما فعلوه في الشرق الاوسط والهند والجزائر وغيرها.. وهي واضحة في الذين نراهم اليوم، الذين يزعمون انهم يدعمون حرية الرأي في الاستهزاء بسيد الكائنات محمد ورموز الاسلام الاخرى ويخرون راكعين امام رموز الصهاينة ولا ينبسون ببنت شفه اتجاه العم سام الصهاينة التي صدرت ضدها عشرات القرارات الاممية من مجلس الامن دون جدوى بسبب حراستهم لها ككلاب بوليسية!!
الجريدة التي استهدفها الارهابيون (Charlie Hebdo)، عادت بتمويل حكومي واسع وبعدد الملايين من النسخ وباللغات العالمية الستة الحية.. لتستفز مقدسات مليار ونصف مليار مسلم بالاستهزاء بنبي الرحمة محمد صلى الله عليه واله، (ان صدور هذه الإهانة للرسول صلى الله عليه وسلم بتمويل فرنسي رسمي، ينبغي أن يضع الحكومة الفرنسية والمسئولين الفرنسيين تحت طائلة الملاحقة والمحاسبة حيثما وجدوا، وأصبح من حق كل مسلم اليوم حيثما وجد أن يرفع دعوى قضائية بتهمة (سب وازدراء الأديان) ضد سفراء فرنسا، وأن يوجه غضبه نحو معاقبة الدولة الفرنسية، وأي دولة غربية تستبيح معتقده، بتنظيم جميع أشكال المقاطعة السياسية، والثقافية، والاقتصادية)*.
* هذا النص هو لجريدة عربية، بمعنى ان اثارة النعرات الطائفية والدينية والعرقية لازال ومستمر، وهو غاية ابليس من شعاره الذي لازال يرفعه ابناؤه البيض لصالح ابناء الله وأحبائه الصهاينة!!!
ثانيا- ابناء الله واحباؤه أو شعب الله المحتار:
المتمثلون بالصهاينة ودولتهم العنصرية، فالواقع انهم ينظرون بعين ابليس الى كل البشر باعتبارهم افضل الجميع؛ عقيدة تلمودية لا خلاف فيها عندهم.
جاء في سفر التثنية: (إنك يا إسرائيل شعب مقدس للرب إلهك، إياك قد اختار الرب إلهك لتكون له شعبا أخص من جميع الشعوب الذين على وجه الأرض، ليس من كونكم أكثر من سائر الشعوب التصق بكم الرب واختاركم، ولا لأنكم أقل من سائر الشعوب، بل من محبة الرب إياكم وحفظه القسم الذي أقسم لآبائكم)*. التثنية 7: 6- 8.
فتحت شعار انا خير منه الابليسي؛ صار بني اسرائيل (يعقوب) وحدهم الأسياد في هذا العالم، وبقية الناس مجرد عبيد لهم فهم دونهم في الخلقة والحقوق، فالصهيوني له حق تملك الاخر وكل ما يملك. وتلك كتبهم التلمودية تشهد على هذا والدليل هي اعمالهم في التاريخ وفي فلسطين التي سنشرحها في الحلقة الثالثة انشاء الله دليل حقيقتهم الفكرية هذا ودليل انتمائهم الى ابليس بالشعار والولاء والتذري.
يبرز شعار (انا خير منه) عندهم كما عند الارهابيين الاخرين بنشر الفتنة بين بناء البشر، وهم فقط المتفرجون على صراع البهائم من حولهم.
وقد وجدوا في التكفيريين ضالتهم في تحقيق أحلامهم هذه، وقد افلحوا فيما خططوا له.
ثالثا- ابناء ابليس التكفيريون من السلفية الوهابية ومن اتباع ابن تيمية:
هؤلاء الخوارج الجدد ؛ لانهم يرون انهم هم وحدهم خير من يمثل الاسلام الحق، وهم وحدهم القابضون على الحقيقة، وان كل الناس من غيرهم كفار لا يستحقون الا الموت تحت شعار ابليس (انا خير منه).
ويتمثل هؤلاء الابالسة اليوم بداعش والقاعدة والنصرة واتباع ابن لادن في شرق الارض وغربها متسلحين بالفكر الوهابي التكفيري السلفي.
ويتقاسم كل الإرهابيين في العالم، وأنى كانوا، مواصفات لا إنسانية؛ محصور بالقسوة والحقد على الإنسانية بما يبرز بهذا الشعار (انا خير منه). ودوما ينفذون هذا الشعار بإثارة النعرات الطائفية والعرقية والدينية والمذهبية.
فنرى اليوم وفي هذه الساعات بالذات إن هناك تناغما في مسوغات الإرهاب بين طرفين قساة:
الطرف الأول: هو القائد الغربي المتغطرس بلونه الأبيض، المترفع على كل البشر باعتباره وعاء الحضارة الوحيد، وإنما غيرهم دوني لا يملك مقومات وملكات ذاتية لبناء الحضارة، في جبهة واحدة مع ابناء العم سام المختارين من قبل الرب- كما يدعي الصهاينة - وان غيرهم عبيد ليس إلا.
والطرف الثاني: الذين يردون على الطرف الأول بنفس شعاره: فيقولون أنهم أمراء المؤمنين والناس من غيرهم كلهم كفرة.
ابناء ابليس من الطرفين ؛ هم الإرهابيون الذين يشعلون النار في العالم بسلاحهم المقيت وهو اثارة النعرات من كل لون.. والأبرياء من ابناء البشرية هم الضحايا.
والإنسانية في حالة شبه مخدرة إعلاميا.. وقد يتولانا الله برحمة تتمثل في هزة وجدانية قوية تجعل البشرية تفوق مما يراد بها من قبل ابناء ابليس وذريته.
فان القادة في كل العالم اليوم: أما مهووسون بحب المال وتكريس كل شيء في جمعه، أو بالسلطة والجاه، أو ممن تمتلئ صدورهم بالحقد على الإنسانية من قتلة الأنبياء وأشباههم، أو حكام طغاة عملاء للأسياد البيض كما في عالمنا العربي والإسلامي لا يستطيعون أن يقولوا بغير مقالة أسيادهم.
نحن نرى ان العداء للإسلام يخرج علينا دوما بشكل سيناريوهات إعلامية ودعائية، وكلما خبت نار العداء بفعل الزمن: خرج علينا واحدا من تلك (السيناريوهات)، عميقة التأثير في المجتمع الغربي: باعتباره مجتمع الحرية الفكرية !! بينما هو حقير ذليل جدا ازاء العم سام !!
من تلك (السيناريوهات)، ما كان خرجت به الصحف الدنماركية ثم النرويجية ثم الأوربية، من صور كاريكاتيرية تهين المسلمين في نبيهم المصطفى محمد صلى الله عليه واله، بدعوى حرية الصحافة التي لا تجرؤ ان تتحدث بكلمة واحدة عن خفايا محرقة اليهود (الهولوكوست)، ولا تجرؤ ان تتكلم عن حق الفلسطينيين في الحياة الكريمة والعودة والوجود، فما هم الا كاذبون وبيادق تحركهم النخبة التي تسوقهم إلى حيث مصالحها.
إن الذي يتحصل من مجمل: أفعال ونشاطات وتوجهات اصحاب شعار ابليس (انا خير منه) وبشكل منتظم ومخطط ومنظر له، في أوربا وأمريكا والغرب عموما منذ انتهاء الحرب الباردة… إن هذا الذي يجري هو بمثابة الزيت الذي يغذي نار الإرهاب وان وراءه يد خبيثة تذكيه كلما خمد!
والغريب أن الغرب عموما هو واحد ممن يدفع الفاتورة دوما ولا من منتبه ولا من واع، فلمصلحة من اذن يدور الصراع؟ ومن يقود اصحاب هذا الشعار الى النار؟ ان ابليس يكره الانسان ولا يريد له الخير. فهل من منتبه!!
اضف تعليق