q

في إطار الحملة الشرسة التي يقوم بتنظيمها المعسكر اليساري الوسطي الصهيوني، في مواجهة اليمين الإسرائيلي، وباتجاه إسقاط رئيس الوزراء "بنيامين نتانياهو" عن الحكم، بعد حركة الاندماج التي شكّلت التحالف بقيادة " إسحاق هيرتسوغ – تسيبي ليفني"، من خلال الدفع باتجاه توريط "نتانياهو" وتحجيم حزبه الليكود، فقد قام التحالف بسلسلة من الفعاليات التي تراها مناسبة باتجاه نجاح مساعيه في هذا الشأن، فعلاوةً على القيام بخلق وتضخيم قضايا تتعلق بسلوكيات، يتم انتهاجها ضد "نتانياهو" بهدف دحرجته إلى ناحية تحقيقات جنائيّة، وبخاصةً خلال هذه الفترة الحرجة التي تسبق الانتخابات التشريعية والمقررة في 17 مارس/آذار المقبل.

فقد قامت بتغذية وسائل الإعلام الإسرائيلية للحديث ضد "نتانياهو" سواء بشأن تخريبه للسياسة الإسرائيليّة الخارجية، وخاصةً بالنسبة إلى خفض العلاقات مع الولايات المتحدة ما أدى لتدهورها إلى أسوأ حالة، أو بالدفع باتجاه نشر تقرير خاص بمراقب الدولة، والذي من شأنه أن يكشف عن خروقات متعلقة بإهدار المال العام، والتي توجب- إن لم يكن قد بدأ فعلاً - إجراء تحقيق جنائي، فإن ساحة الليكود قد شهِدت فعاليات أخرى أشد صخباً، أحدثت هزّة عميقة، سيما وأنها آتية من خارج الدولة، والتي تمثلت في الحملات التي تقودها منظمات أمريكية وأوروبية ضد بقاء "نتانياهو" والليكود بشكلٍ عام في السلطة.

حيث اتهم مسئولون داخله بأن الولايات المتحدة تقوم بحملات تمويل ضخمة باتجاه المعسكر الصهيوني من خلال منظمات أمريكية يسارية تعمل في إسرائيل، وتتلقى تمويلاً من واشنطن وبعض الدول الغربية، ومنها منظمة Victory2015)) التي قامت بإطلاق الكثير من الشعارات والدعايات التي طالت الحزب و"نتانياهو" نفسه، وحذّروا من أنها مؤثّرة، كون المنظمة تتعلق بالمستشار الأمريكي "جون بيرد" وهو مستشار الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" الخاص في الانتخابات الأمريكية الفائتة، والذي كان حمل الكثير ضد "نتانياهو" تحديداً بشأن تدخله ضد "أوباما" الذي كان يخوض سباقاً رئاسياً لإعادة انتخابه رئيساً للولايات المتحدة، حيث أظهر "نتانياهو" عداءً حقيقيًا له منذ اليوم الأول من دخوله البيت الأبيض، على أساس سياسي وعرقي، وكانت أكّدت مصادر أمريكية هذه الاتهامات، عندما أفادت قناة فوكس نيوز، بأن إحدى المنظمات التي تعمل على الإطاحة بـ "نتانياهو" من الحكم، حصلت على تمويلٍ مباشر من الحكومة الأمريكية، قيمته 200 ألف دولار، أي بدفع "أوباما" نفسه الذي بات معني بإسقاط "نتانياهو" بأي ثمن.

صحيح أن "نتانياهو" بات في رعشة شبه مستمرة، إلاّ أنه لم يُعدم الحيلة في شأن نثر تلك الحملات في الهواء، حيث سارع وبناءً على ثقة متزايدة، بالإيعاز لمسؤولي حزبه إلى شن هجومات مضادّة، وعلى كلا الجبهتين، بالكشف عن المحاولات الأمريكية وبالتحذير منها، وبتعمّد معسكر المعارضة إلى تلطيخ سمعته والتحريض عليه، والتشكيك حول تمويل حملات المعسكر الانتخابية، وبإثبات أنها غير قانونية، في إشارة إلى منظمة (V15)، وبأن ما يجري هو محاولة من قبل حزب العمل واليسار لشراء السلطة بالمال، وهي الهجومات التي اعتبرت أكثر فاعلية، بناءً على علم الجمهور الإسرائيلي بسعي اليسار خطوةً بخطوة.

إضافةً إلى ذلك، فإن "نتانياهو" يعلم بأنه بات في نظر أغلبية إسرائيلية، كالدّاء الذي لايزال قوياً، بحيث لا تستطيع السياسة الإسرائيلية التخلص منه أو من قوّة حزبه بسهولة، فعلاوة على ثقته بتشكيل الحكومة القادمة كما استطاع تشكيلها في انتخابات 2013، على الرغم من عدم حصوله على أغلبية الأصوات، بسبب عجز اليسار- حزب العمل- على تشكيل الحكومة، فقد قام بالاستنجاد بالاستراتيجي الجمهوري "فنسنت هاريس" وهو استراتيجي أمريكي تابع للجمهوريين، الذين يشكلون الدعامة الرئيسية له ولحزبه في الولايات المتحدة، والذين فازوا للتو بمجلسي الشيوخ والنواب الأمريكيين، وباعتباره من أكثر المعارضين للرئيس "أوباما"، كما أن لديه المزيد من الآمال التي تدعم باتجاه نجاحه في الاحتفاظ بمنصبه للفترة القادمة.

فحَسَب الاستطلاعات الأخيرة، حاز حزبه على نسبة أكبر من المعسكر الصهيوني، وإن كان بفارق قليل، لكن الفارق تضخم أكثر، حينما حصل على نسبة 42% من مجموع أصوات الرأي الإسرائيلي، في مقابل 25% لزعيم التحالف "هيرتسوغ"، وهي الاستطلاعات التي تبرز أن أظافر اليسار الإسرائيلي لا تزال ليّنة ولم تبلغ مرحلة الخشونة بعد، إضافةً إلى أن لدى "نتانياهو" المزيد من القوّة باتجاه جذب أحزاب اليمين، وحتى بدون عقد تحالفات معها، لأنها في النهاية ستنضوي تحته سيادته، في مواجهة اليسار (ككل) الذي باتت تخشى من أن يقوم بالتفريط بالمصير الإسرائيلي على حد زعمها.

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق