منذ الأيام الماضية يُعتقد لدينا، أن اتفاقاً قريباً بشأن تحقيق تهدئة (تفاهمات محدودة) بعيدة المدى، سيحدث لا محالة، وهو الخاص بتحديد مستقبل الفترة الآتية بين حركة حماس والفصائل الفلسطينية المتماهية معها من ناحية، وإسرائيل من ناحيةٍ أخرى، وفي ضوء أن الجانبين يميلان إلى تبني تفاهمات...
منذ الأيام الماضية يُعتقد لدينا، أن اتفاقاً قريباً بشأن تحقيق تهدئة (تفاهمات محدودة) بعيدة المدى، سيحدث لا محالة، وهو الخاص بتحديد مستقبل الفترة الآتية بين حركة حماس والفصائل الفلسطينية المتماهية معها من ناحية، وإسرائيل من ناحيةٍ أخرى، وفي ضوء أن الجانبين يميلان إلى تبني تفاهمات مناسبة له، خاصة وأن حصولها سيكون بفضل وساطة مصرية خالصة، والتي تهدف الوصول إلى أجواء مستقرة بين الطرفين، وإلى تسهيل الطريق نحو المصالحة الفلسطينية وإنهاء الانقسام.
لكن وكما يبدو، فإن تفاهمات كهذه، لن يكون مرورها سهلاً، برغم توارد أنباء مختلفة بثبوتها، لا سيما وأن تخوّفات وملحوظات كثيرة، لا تزال تقف حائلاً دون الحصول عليها، وهي منتشرة بكثافة مستقرّة، وسواء داخل حماس أو في العمق الإسرائيلي.
فالطرف الإسرائيلي، يجد غضاضة في إتمامها بحذافيرها، كونها لا تزال ذات مكاسب أقل، ما دامت تلك التفاهمات، لا تُعيد المحتجزين اليهود لدى حماس إلى بيوتهم، ولا يتم نزع سلاحها بما يشمل تجهيزات الأنفاق والأنشطة العسكرية الأخرى، كما يُقدّر من ناحيةٍ أخرى، خوضها سياسة متناقضة، بسبب ادّعائها أن باستطاعتها الاهتمام بأي تفاهمات تقضي بالهدوء مع إسرائيل، وهي في الحقيقة تُعتبر القوة الدافعة، وراء المظاهرات العنيفة، والصدامات المستمرّة على طول الأسلاك المحاذية لقطاع غزة.
وبرغم عدم اهتمامها بطلب وزير الدفاع "أفيغدور ليبرمان" من (الكابنيت) ضرب حماس لا الاتفاق معها، فإن لدى حماس، مخاوف مهمّة بشأن تلك التفاهمات المنتظرة، وتشمل تراجعات إسرائيلية محتملة أو التذرع بسبب ما على الأقل، وهذا يشمل قضايا المعابر ومرور الأموال وغير ذلك من البنود المُدرجة، حتى برغم تخلّيها عن شرطها الكبير، وهو رفع الحصار، مقابل قيامها بتخفيضه إلى صيغة (كسر الحصار)، وتسهيل الحياة للسكان داخل القطاع.
وبحسب الأجواء السائدة، فإن حماس ترى التفاهمات باعتبارها الفرصة الأخيرة، وبدون أي ثمن سياسي، مع استمرار مسيرات العودة، وبقاء جناحها العسكري يتابع تكثيف قدراته العسكرية والصاروخية بخاصة، وفي ضوء شعورها، بأن الرئاسة الفلسطينية غير مستعدةً بعد، كي تقوم بإزالة العقوبات عن القطاع، برغم محو جزء صغير منها، على أثر المفاوضات التي تم التوصل إليها، خلال الفترة القريبة الماضية، إضافةً إلى ما تُقدّره، في أنه إذا أضيفت عقوبات رئاسية أكثر صرامة في غضون أشهر معدودة، فإن من شأنها إضافة مآسٍ أشدّ إلى المآسي السابقة.
من جانبها، فإن السلطة الفلسطينية، عبّرت عن قلق كبير، وبشكل لا يمكنها كتمانه، باتجاه إمكانية البدء في أي تفاهمات، كونها ستنتج اتفاقاً نهاية المطاف، وبالتالي يُعدّ خيانة للقضية الفلسطينية، ومن ثمّ التنازل إلى دولة مسخ، ضمن (صفقة القرن)، التي يسوقها الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب"، لذلك فهي تسعى إلى ضمان حصول المصالحة الفلسطينية وإنهاء الانقسام أولاً.
المسؤولون المصريون، وبرغم علمهم بالمخاوف مجتمعة، إلاّ أنهم بدوا حاسمين مع الكل، من خلال شدّ الحبل على الكل في عملية التفاوض، وبالتأكيد فقد أبلغوا الأطراف، بأن نافذة الفرص لإحراز نتيجة فاعلة، وسواء أمام تفاهمات التهدئة أو المصالحة قد تغلق، إذا لم تكن هناك نوايا صالحة للاستعمال، وفي ضوء عدم وجود وساطات أخرى تملأ فراغهم، كما أنه ليس من المؤكد، أن ينجح أي طرف في الاستمرار على إملاء سياسته وقتا طويلاً.
برغم أن الفجوة لا تزال موجودة بين كل من حماس والسلطة الفلسطينية وإسرائيل، إلاّ أن حماس تبدو أكثر راحة من أي وقتٍ مضى، وسواء إزاء التسهيلات التي تمت ملاحظتها تمهيداً للتحقيق النهائي للتفاهمات وإدراجها كأمرٍ واقع، أو مقابل سكان القطاع الذين باتت نسبة مهمّة منهم يُلقون باللوم الثقيل على سلوك السلطة الفلسطينية، باعتبارها ضالعة في الكرب الشديد الذين يعيشون تحته.
اضف تعليق