جاء عصر اليوم حاملا هموما كبيرة ,كان ذلك بائنا على وجهه الحزين ,تركته يجلس ليستريح ويسترجع انفاسه ,وبعد ان اخذ شيء من الماء البارد سالته يا صاحبي مابالك ولماذا كل هذا الحزن ؟ولكن قبل هذا اسالك اين كنت؟، فتحّسر واجاب كنت في محافظة بابل ابحث عن دواء لوالدتي الراقدة في مستشفى الهندية من اسبوع وحالتها صعبة.
فسالته ولماذا تبحث عن الدواء في بابل وامك راقدة في المستشفى؟، اليس المستشفى من البديهي ان توفر للمريض علاجه؟، والا ما الداعي لوجود مستشفى وردهات للنوم, ان المستشفى التي تكون بهذا الشكل هي عبارة عن فندق؟، ضحك صديقي رغم حزنه وقال: نعم هي كذلك والله ,مستشفياتنا عبارة عن فندق ,فقد جاء الدكتور وسالني كيف هي حالتك المادية؟، وخجلا قلت له الحمد لله ,وحقا الحمد لله ولكن هذا لا يعني اني مسيور الحال, فقال ساكتب لامك هذا العلاج لتشتريه من الصيدليات الخارجية وربما لا تجده في قضاء الهندية لانه اصلي وباهض الثمن ,يقول صديقي الحزين سألت الدكتور وهل هذا الدواء موجود في المستشفى ؟قال الدكتور نعم ولكنه رديء النوعية والمنشأ الذي صنع فيه غير جيد وهذا العلاج لأهمية له بل لايعالج المريض.!!!!
هذه القصة سمعتها اليوم ومن محاسن الصدف حتى استطيع ان اقارن بالم فقد التقينا باحد الاصدقاء مساء هذا اليوم وكان معي صاحبي الذي يتالم من وضعه المادي والصعوبة التي لاقاها من جراء البحث عن دواء امه والمبلغ الذي استلفه لشراء الدواء, بعد السلام على صديقنا القادم من اذربيجان جلسنا واياه نشرب الشاي رغم شدة حرارة الجو, سالته عن سفرته وكيف كانت الاجواء هناك وجمال الطبيعة وكم كلف السفر وبعض من الاسئلة الروتينية التي نسال بها كل من يسافر وكذلك يسالنا البعض عند سفرنا الى احدى الدول العربية او العالمية؟، وبعد ان وصف لنا رحلته وكم كانت ممتعة وبالم كان يقارن الخدمات واحترام الانسان والانظمة والقوانين المرورية, كما قارن بين اذربيجان الفقيرة بمواردها مع العراق البلد الغني المتعب بكل شيء, وعند ذلك قال سأروي لكم حادثة حدثت معي في العاصمة باكو.
ففي احد الليالي وبعد رجوعنا من احد المواقع الاثرية الى الفندق الذي كنا نقيم فيه انا واصدقائي ,شعرت بالم بدأ يكثر في احدى الكليتين وماهي الا لحظات حتى اشتد عليه الالم حينها طلبت من احد اصدقائي الراقدين معي في نفس الغرفة باخبار ادارة الفندق لاحضار الدكتور الى غرفتي, وبالفعل نزل صاحبي بينما كان الشك يراودني واسال نفسي هل سيحضر الدكتور ام سيمتنع كما عندنا في العراق حيث الطبيب يعد من عالم غير عالم البشر بل فوق مستواه؟،عشرة دقائق فقط مضت واذا بالباب تفتح ليدخل صاحبي مسرورا وقد حقق انجازا كبير وهو يقول لقد جاءت الدكتورة, لم اصدق فبالاضافة الى سرعة حضور الدكتور فانها دكتورة وغاية في الجمال وعلى وجهها الوردي كانت هناك ابتسامة توحي بالحياة والامل, دخلت الدكتورة ومعها معاون ومعاونه وحقيبة كبيرة فيها الكثير من الادوية, واخبرني صاحبي ان هناك في اسفل الفندق سيارة اسعاف معدة لاي طارئ يحدث لاسامح الله, وبعد ان انتهت الدكتورة من اجراءات الفحص فتحت الحقيبة وقامت بزرق ثلاث امبولات من العقار واحدة في الوريد واثنين في العضلتين وبقيت تنتظر وماهي الا عشرة دقائق مضت فاذا بصحتي تتحسن ويزول الالم فقالت انني اعاني من التهاب كلوي حاد سبب ارتفاعا في الضغط ,كل تلك العملية كلفت مبلغا (30) الف دينار عراقي اي ما يعادل فقد كشفية المريض في (مستشفى الكفيل في كربلاء المقدسة والتابعة للعتبة المقدسة).. طبعا تركنا صديقنا الذي روى لنا قصة سفره الى اذربيجان بينما راح صاحبي يكفر بالعراق ومن كل الساسة فيه من الاسلاميين اولا ثم من العلمانيين عربا واكرادا وتركمان, مسلمين من الشيعة والسنة, والايزيديين والصابئة.
اسال الجميع؟، اسال الحكومة العراقية؟، اسال وزارة الصحة التي انتظر جبانا يفضح فساد هذه الوزارة التي لايحتاج فساد كل وزرائها الى استجواب وفي كل دوراتها الحكومية التي تعاقبت على عراقنا المجروح اليس اعتراف كل اطباء المستشفيات ان علاجات مستشفياتنا رديء يعد اعترافا للفساد؟، ام ان وزرائها الشيعة من الحرام ان يعترف احد بفسادهم لان ذلك ضد المذهب!!.
اقسم ان كل حكومتنا وكل احزابنا وكل السياسيين فاسدين والافسد منهم نحن الشعب لاننا لانملك سوى الكلام على الفيس بوك.. شعب يريد ان يموت بذل ,بل هو ميت وماهذه الكائنات التي تسير في الطرقات الا ارواح تحوم على ديارها المقفرة.
اضف تعليق