في عهد الطاغية صدام، كان الكثير من رجال مدينة الفلوجة خير عون له، في تثبيت حكمه، بسبب الإخلاص الكبير للطاغية، وبسبب نفس صدام الطائفي، عمل على تنصيب فئة من رجال الفلوجة، في مفاصل مهمة في الجيش العراقي والمؤسسات الأمنية، فكانت سنوات متميزة بدعم حكم الطاغوت، بالمقابل كان عطاء صدام لهم كبيرا، لكن الأموال لم تغير طبيعة أهل الفلوجة القبلية، فكانوا في بحبوحة من العيش، بخلاف باقي أهل العراق، حيث المعاناة الكبيرة والظلم، من نظام لا يعرف الرحمة، فقط كانت ثلاث محافظات تسكن قلب الطاغوت، وهي الانبار وصلاح الدين ونينوى، لشدة خضوعها له.
وجرى حكم القدر، وانتهى عهد صدام في جحر حقير، وتفرق الرفاق البعثيون، ولاح ضوء نهار مختلف.
كان على المحافظات الثلاث وضمنها مدينة الفلوجة، أن تنتهج سلوك جديد يتناسب مع المرحلة، وان تتفهم فيه التغيير الذي حصل للعراق، وان تمد يدا بيضاء لباقي مكونات الشعب العراقي، لكن كان ارتباطها بالماضي وثيقا، مما جعلها تتحول إلى مجرد معقل للمخربين والإرهابيين والقتلة، حيث فتحت أبوابها لاستقبال شواذ الخلق من كل بقاع العالم، لغرض واحد وهو تدمير العراق، وقتل اكبر عدد ممكن من الشعب العراقي، أو أن يسلموا الحكم لبقايا البعث، أنهما خيارين غاب فيهما العقل والأخلاق.
ومنذ اليوم الأول للتغيير، والفلوجة تحولت لبوابة للشر، فمنها ينطلق القتلة صوب بغداد والمحافظات العراقية، بقصد التفجير والقتل، وفيها معامل تفخيخ السيارات، ومن جوامعها يتم نشر تعاليم معبد الإلحاد، بتعاليم صارمة بقتل وذبح أي مواطن تواجهوه، لكن بالمقابل عاث الفساد في بيوتهم، من قبل مرتزقة تنظيم القاعدة من العرب والأجانب، ثم مرتزقة الدواعش، لكن كان موضوع انتهاك شرفهم غير مهم عندهم! فألاهم أن لا يحكم الأغلبية في العراق، فانظر لحجم الحقد الأسود التي يملا قلبوهم.
من جهة أخرى، يمكن أن نعتبر الحكومتين السابقتين التي رأسهما المالكي، قد سجلت فشلت ذريعا، في حل ازمة الفلوجة، مع انه كان متيسر جدا إيجاد الحلول، خصوصا مع توفر المال والوقت، ولم يكن العراق يعاني من حرب كما هو اليوم، لكن تعنت الحكومة وافتعالها الأزمات، وسياسة الصراخ والغضب التي أطرت سيرتها، دفع بالأمور إلى إن تتأزم أكثر، وتحصل أخطاء تدفع معسكر الفلوجة "المخالفين"، إلى التمسك بخطيئتهم، واستغلال رجال الشر لأخطاء الحكومة، للدفع بالسذج والجهلة، للاندماج مع معسكر داعش والقاعدة.
الان عمليات التحرير تجري بوتيرة متسارعة، بفضل اندفاع رجال الحشد المبارك مع قوات الدفاع والداخلية، حيث سيتم اقتلاع جذور الكراهية والحقد، وبعدها يجب على رجال الفلوجة، فتح صفحة جديدة مع العراقيين، فالمهم لهم أن يفهموا ويقوموا بثلاث أمور أساسية، تكون المحرك لحياة افضل، وهي:
أولا: أن يتفهم أهل الفلوجة، أن صدام مات وزال حكمه إلى غير رجعة، وعليهم أن يدركوا أن نظام صدام إن أحسن لهم، فانه قد أجرم بحق أغلبية، ومصيرهم مرتبط بالشعب العراقي بكل مكوناته، وليس بشخص واحد، لذا أمر أساسي طي صفحة صدام نهائيا، وهذا دور النخب والعقلاء في رفع وعي الناس.
ثانيا: أن يعي أهل الفلوجة أن القاعدة وداعش بما يمثلانه من كيان وفكر، مجرد عصابة بربرية تهدف لتدمير البلاد، وتقدم خدمة للصهيونية، فالوعي بقبح الدور الداعشي مهم، كي يتفرق الجمع الجاهل عن قيادات داعش، وهذا مسؤولية الطيبين والعقلاء من أهل الفلوجة.
ثالثا: منظومة رجال المنابر في الفلوجة، يجب أن يتم تمحيصها، فرجال داعش من المعممين يجب أن يحاسبوا، لأنهم غرروا بالشباب والسذج، عبر نصوص فقهية شاذة ومدسوسة، لا ربط لها بالدين الإسلامي الأصيل، ومن جهة أخرى مسؤولية الوقف السني بالدفع بشيوخ محبة وسلام، لمنابر جوامع ومساجد الفلوجة، كي لا يتم الضحك من جديد على أهل الفلوجة بعنوان الدين.
اضف تعليق