تعتبر قضية الأمازيغ في المغرب من أكثر القضايا تعقيدا عندما يتعلق الأمر بدراسة الهويات في المغرب. استهلت مايا شاتزميلر* كتاب القومية وأقليات الهوية في العالم الإسلامي بحديث عن تحول هذه الأقليات من وضع الذمية إلى وضع اقلية بالمفهوم الحديث.
في حديثها عن المغرب، اوردت المرسوم الملكي لسنة 2001 الذي بمقتضاه تم إنشاء المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية (IRCAM)، والذي أظهر رغبة الملكية في ادماج الأمازيغية داخل الخطاب القومي المغربي. خطاب طالما سيطر عليه عاملي العروبة والإسلام (شاتزميلر 2005, 164). في الحقيقة لا المرسوم الملكي ولا المؤلفة في تعاطيها معه أثبتا أن الأمر يتعلق بالأمازيغ كأقلية، خاصةً وأن المرسوم ركز على أهمية الأمازيغية بصفتها عنصر ثقافي مغربي دون تصنيفه كعنصر للأقلية. وهذا يطرح تساؤلاً مشروعاً عن مدى ملاءمة إدراج النموذج الأمازيغي في كتاب يتحدث عن اقليات كانت تعتبر ذمية في الماضي، الشيء الذي يتنافى مع تاريخ وضعية الأمازيغ في المغرب.
وفقا لشاتزميلر، المرسوم الملكي سيكون له تأثير مزدوج. فمن جهة، ادراج الأمازيغية في المناهج الدراسية سوف يسمح للسكان الأمازيغ بالتعلم والمشاركة في الإقتصاد؛ ومن جهة ثانية فإنه سيحدث تقسيماً في المجتمع تستفيد منه الحكومة المركزية (شاتزميلر 2005, 166). هناك عدد من الاشكالات يمكن طرحها حول النقطة الأولى منها:
1- كونها اظهرت الأمازيغ وكأنهم الفئة الوحيدة التي لا تشارك في الإقتصاد وهذا عكس الواقع تماماً. كمثال بسيط، هناك عدد من القطاعات التجارية والمقاولات الصغرى والحرف معروفة بالتواجد القوي للمغاربة الأمازيغ.
2-إضافة التيفيناغ إلى المناهج لن يسهل حصول الأمازيغ على خدمات أفضل. ذلك لأن ما يدرس في المناهج لا يمثل خصوصية اللهجة التي تختلف بحسب المناطق. وهذا يعني ضرورة تعلم التيفيناغ الذي يتم تدريسه إلى جانب العربية. الإستفادة من الخدمات يتم تسهيلها من خلال توظيف أناس محليين في مختلف المناطق يفهمون اللهجة والثقافة المحلية وليس بالضرورة تدريس لغة في المناهج على أمل أن تتعلمها وتتداولها الأجيال القادمة.
القضية الأمازيغية تصعب دراستها من الناحية العرقية إذا ما أخذنا بعين الاعتبار التداخل الذي حدث بين العرب والأمازيغ لمدة قرون عديدة، بحيث يذهب عدد من الباحثين إلى وجود قبائل عربية تبربرت وأخرى بربرية تعربت عبر التاريخ. الأستاذ العربي اكنينح قدم نماذج لقبائل عربية تبربرت كان منها قبائل آيت علي، آيت عطوان وآيت شاكر وغيرها (إكنينح 2003, 36-37).
ولعل الخطأ الأكبر الذي ارتكبته شاتزميلر في كتابها المذكور اعتمادها على الأديب الفرانكو-جزائري، كاتب ياسين، في فصل يتعامل مع الأمازيغ في المغرب. وهنا نطرح سؤالي الخبرة والملاءمة. فياسين لم يبرهن عن مؤهلات تجعله مرجعاً في قضية الأمازيغ بالمغرب. كما أنه مع افتراض أهليته، فإنه باعتباره لا يعتبر الأمازيغ اقلية في شمال إفريقيا يكون الاستشهاد به في الحديث عن الأقليات غير ملائم تماماً. وهذا ما تحقق عندما سردت مقولته المشهورة حول كون العرب اقلية سيطرت على الأغلبية مستعملةً الدين (شاتزميلر 2005, 166). ويشكل على هذا القول من خلال التاريخ الذي ثبت فيه تداول سلالات أمازيغية على حكم المغرب لمئات السنين. فإذا أخذنا يوسف بن تاشفين، على سبيل المثال، نجد أنه كان حاكماً بربريا من المرابطين في شمال أفريقيا والأندلس، وقد سيطر على أجزاء من ايبيريا باسم الدين الإسلامي. كما أنه إشتهر بإعتماد لقب أمير المسلمين. وهذا من جملة الأشياء التي تنفي صحة ما ذهب إليه ياسين ويذهب إليه نشطاء آخرون معاصرون.
لعل أفيد ما أتت به شاتزميلر في موضوع الأمازيغ المغاربة نظرية سالم شاكر والتي يمكن اعتبارها كمفتاح لفهم قضية الهوية الأمازيغية في المغرب. فهو يركز على عامل الوعي في قضايا الهوية ويرى أن الوعي العربي عند معظم المغاربة هو من أنزل الأمازيغية لغةً وثقافات إلى وضع الأقلية. وقضية الوعي هذه عند غالبية المغاربة لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تشكل مسوغاً معقولاً لإدراج الأمازيغ على لائحة الأقليات في كتاب يفتتح بباب خاص حول ماضي الذمية للأقليات في العالم الإسلامي.
اضف تعليق