قامت ضجة في المغرب مؤخراً حول زيارة الشيخ السعودي المتطرف محمد العريفي لتلبية دعوة حزب إسلامي مشارك في الحكم (العدالة والتنمية) عن طريق جناحه الدعوي التبليغي (تنظيم التوحيد والإصلاح). ومما يروجه المستضيفون أن العريفي سيلقي محاضرات حول فوائد القرآن، وكأن المملكة التي تدعي أنها مالكية المذهب والتي رفض ملكها مؤخراً إستيراد المذاهب من الشرق وجدت فراغاً في موضوع فوائد القرآن لتقوم بإستيراد المعرفة الدينية من أضيق المدارس الفقهية وأكثرها تطرفاً وهي المدرسة الوهابية.
إن هذا الكلام لا يمكن تصديقه في ظرف يلعب فيه محمد العريفي دورا نشيطاً في تجنيد الإرهابيين. ظرف بدأت فيه قوات الإرهاب الدولي تتراجع بعد دخول روسيا على الخط في الحرب السورية.
العريفي المجند والمحرض
محمد العريفي هو أحد مشايخ السعودية الممنوعين من دخول عدد من الدول منها سويسرا وبريطانيا بسبب تحريضه الممنهج والمتكرر لمواطني مختلف البلدان المسلمين على حمل السلاح والالتحاق بمجاميع مسلحة تحارب من أجل مصالح السعودية تحت راية الجهاد.
وينشط الجهاديون المدعومون سعودياً في العراق وسورية واليمن والقرن الأفريقي ووسط إفريقيا وأفغانستان وباكستان. وكانت صحيفة الدايلي ميل البريطانية نشرت في 22 يونيو من العام الماضي تقريراً حول دور العريفي في تجنيد الجهاديين ببريطانيا. وقالت أنه "لعب الدور الأبرز في هذا المجال أثناء زيارته إلى بريطانيا التي دعا خلالها إلى الجهاد في لقائه مع الجالية المسلمة في مركز "المنار" في كارديف". ووصفت الصحيفة "العريفي" بأنه "رجل الدين سيء السمعة"، وقالت: "لقد ألقى خطبة في مسجد كارديف، ساهمت في بثّ روح التطرف في نفوس ثلاثة من البريطانيين الذين يقاتلون في سوريا". وكانت الصحيفة في ذات التقرير نقلت تصريحاً للعريفي يقول فيه لعدد من المستمعين في مركز المنار: "حاربوا المشركين.. فقلوب اخوانكم معكم وأموالنا وسلاحنا (الأموال والأسلحة السعودية) معكم".
ويعتبر هذا غيضاً من فيض إذا ما قارناه بدعواته الصريحة المتداولة والمشورة في مقاطع اليوتيوب الهدم الآثار والأضرحة والكنائس ودور العبادة.
والخلاصة أن محمد العريفي من خلال أهل الخبرة في المجال الأمني البريطاني الرائد عالمياً يعتبر من دعاة الإرهاب الدولي الذين يتعين على البلدان المحاربة للإرهاب والتطرف منعهم من دخول اراضيها.
الدور الملكي في محاربة الإرهاب على المحك
يصنف المغرب نفسه ضمن الدول المحاربة للإرهاب والتطرف وأكد على ذلك مراراً وتكراراً، وآخر تأكيد على ذلك كان قبل إسبوع في خطاب الملك الموجه إلى الأمم المتحدة. في مقابل ذلك نجد من خلال تسريبات الويكيليكس أن سياسة المغرب تم بيعها لماكنة البترودولار السعودية وأنه ماضٍ في تنفيذ السياسة السعودية مقابل المال.
وهناك من المحللين السياسيين مثل صحفي جريدة لوسوار البلجيكية ريكاردوكوتيريز من ربط أحداث ارهابية بالدولة المغربية مباشرة في اشارة إلى تحريض ائمتها على الكراهية ضد الشيعة والتي اسفرت عن تفجير مسجد مغربي شيعي في بروكسيل -وهو ما يتناغم مع خطاب الأئمة السعوديين-. أمام كل هذا، زيارة العريفي من عدمها حسب القرار الذي ستتخذه السلطات العليا في المغرب ستساهم في خلق إحدى هذه التصورات:
1- منع العريفي سيساعد في قضية مصداقية الدور الملكي في محاربة الإرهاب الدولي وخطاب التطرف.
2- عدم منعه سيزيد من مصداقية مضامين تسريبات الويكيلكس حول سيطرة السعودية على القرار المغربي بإستعمال المال. وهذا ما سيضر بقضايا المغرب المهمة وعلى رأسها قضية الصحراء والأمازيغ وقضايا حقوق الإنسان ومستقبل الشراكة الأورومتوسطية. كما سيضع المسؤولين المغاربة في مواقف مستقبلية صعبة إذا تمت تسوية الملف السوري وفتح ملف الجهاديين المغاربة في تحقيق دولي مستقل.
إن قدوم العريفي إلى المغرب يضع الدور الملكي في محاربة الإرهاب على المحك. وجدية هذا الدور من عدمها سيحددها موقف السلطات من استضافة داعية للعنف والإرهاب ممنوع في عدد من الدول الديموقراطية.
اضف تعليق