تتسابق المؤسسات الحكومية اليوم في محاولة إستجداء الاموال بأي طريق كانت وكأنها تحاول الحفاظ على مراكزها في التكوينة المؤسساتية، فتلك دائرة المرور تحاول استيفاء الضرائب، بموجب قرار مجلس الوزراء الخاص بالسيارات المستوردة وتلك التي تحمل رقم إقليم كردستان، تفرضها على السيارات التي سمحت كل الحكومات السابقة بدخولها للعراق وهي بكامل قدرتها المالية وبدون ضريبة أو كمرك وتلك التي سمحت الحكومات بدخولها وهي تحمل رقم إحدى محافظات الاقليم التي أصبحت اليوم مكن خطر تحاول مديرية المرور العامة أن تتلافاه بإستحصال الاموال من المواطنين وكأنا بهم كانوا ينصبون المصائد والشراك لأبناء شعبهم، مما يدفع الكثيرون من ابناء شعبنا للتساؤل : لماذا لم يتم التوجيه سابقاً بمنع شراء السيارات التي تحمل رقم الاقليم؟ وسمحتم للناس بالشراء والاستمرار بذلك وهم يشترونها من العراق لا من دولة أخرى. وكم عدد سيارات المنفيست التي دخلت العراق سابقاً، مئات الآلاف منها، لم يتم إتخاذ مثل تلك الإجراءات معها وتم تحويل أرقامها!
لأكثر من مرة يصرح السيد مدير المرور العامة بأن الإقليم متعاون معنا بشكل كبير، فلماذا لا يتم التنسيق معهم واستثمار هذا التعاون بهذا الشأن من خلال شبكة تعمل على تحديث بيانات السيارات في دوائركم المرورية بدلاً من توجيه تلك الضربة لتجارة السيارات لديهم وهم يعانون كما بقية أفراد الشعب العراقي من وطأة الازمة الاقتصادية ولديهم موظفون لم يستلموا رواتبهم منذ أشهر، لا نعلم كيف وافق مُصلح العراق على هذا القرار، أو أنه قد تم تضليله بأهمية القرار في حفظ الامن، وإذا كان كذلك فلا أعتقد أن قراراً لحفظ الامن يتم جنى سعره من اموال الناس، وإذا كان كذلك فليجبر الجميع على دفع ضرائب لشراء الاسلحة ورواتب الجيش بل وليدفع الشعب تعويضات لشهداء وجرحى العمليات الارهابية أيضاً!
على كل عملية تنظيمية من الممكن فرض رسوم بسيطة لاستحصال رقم العجلة، إذا كان يخدم الامن، بطلب يتقدم به من يريد استبدال رقم سيارته، ونعتقد أن السيارات التي يتم شرائها من الاقليم هي سيارات حديثة وتختلف عن ما تجلبه الشركة العامة للسيارات من وباء لشوارعنا وارواح اهلنا بهدف إرضاء دول الجوار في سيارات ابعد ما تكون منه للمتانة واقرب ما تكون فيه للحوادث واستنزاف موارد العوائل العراقية بأعطالها السريعة لتنشيط سوق المعدات الاولية لها.
الجميع يعلم أن من يشتري سيارة من الاقليم هدفه فرق السعر وهو يدفع مبلغ مليون دينار عن هذا الرقم كما أن الوكالة التي تعطى له من أولوياتها كافة المستمسكات القانونية للحائز الجديد وهم منظمون بطريقة أفضل من طريقة إدارتنا لملف السنويات وغيرها ويمكن ملاحظة ذلك في الفرق بين السنوية الصادرة من إدارات مرور الاقليم والمرور في بقية المحافظات.
كذلك فإن أي سيارة يتم بيعها يتم تجديد وكالتها بأخرى ومن دوائر مرور الاقليم حصراً فما المانع من أن تكون هناك عجلات تحمل رقم محافظة من محافظات العراق أو أقاليمه، إذا كنتم مؤمنون حقاً بالدستور : ماذا لو أصبحت البصرة اقليماً؟ والدستور يكفل حق الاقاليم بذلك ولو اختار رقماً غير الرقم الاتحادي هذا. هل سيتم فرض الضرائب لاستبداله؟
ضراب وغرامات وأجور، لا أحد يعترض عليها مطلقاً، فلا شيء يمنح مجاناً ولكننا في العراق قد نصل يوماً الى تقنين إستهلاك الأوكسجين حتى! حينما تعجز الحكومة وبكل مستشاريها الاقتصاديين على تجاوز الازمة بأقل الخسائر من ابناء شعبنا، علينا أـن نجد حلولاً أكبر من تلك التي نمد بها ايدينا لجيوب أبناء شعبنا.
فمع أمطار آذار الاخيرة، بدأت الحفر تنتشر في الشوارع الرئيسية والفرعية محدثة تأثيراً كبيراً على العجلات بزيادة أعطالها ومع كل الضرائب والغرامات تأبى المؤسسات التي تفرضها في تحويل ولو جزء يسير منها لخدمات المدينة، فما أن تدخل واحداً من انفاق شارع محمد القاسم حتى يخيل اليك أنك تدخل نفقاً مرعباً لما فيه من حفر ومطبات مؤثرة حقاً وبشكل كبير.
ومن حقنا أن نتساءل لو أن الشعب هو من يفرض الغرامة على الحكومة لسوء إدارتها لأبسط الملفات، كم ستدفع الحكومة لأبناء الشعب، حسابها بسيط : ستدفع عن كل العجلات التي أعطبها سوء تخطيط وتأثيث وتعبيد الشوارع وما أكثرها، وستدفع عن كل لحظات الشقاء التي عاشها أبناء شعبنا منذ 2003 وفقدانه للأمن والسعادة وستدفع عن كل مريض مات ولم يجد علاجه أو لم يجب مالاً لشراءه، وعن كل كرامة العراقيون التي فقدوها وعن الحقوق الانسانية التي افتقدوها وعن كل سجين سجن دون وجه حق، وعن كل عائلة تسكن في الايجار لسنين طويلة، وعن التلوث البيئي بأنواعه القاتلة وعن دمار البنية التحتية بمشاريع وهمية استنزفت كل قدرات العراق المالية وعن التأخير الحاصل في الوصول الى مناطق العمل وضياع الوقت، وعن كل التضخم الذي أطاح بأعلى الرواتب وعن كل الفساد الذي نهب مئات المليارات والاموال المهربة من العراق، وعن كل عراقي هرب من الجور والفقر ليموت غريقاً في بحار العالم وعن الايتام بفقدانهم لأولياء أمورهم، وعن الخسائر التي نابت المدن التي احتلتها العصابات بسبب التماهل في الدفاع عنها، وعن كل شهيد بسبب الاهمال في إكمال مشاريع البنية التحتية أولئك الذين قتلتهم أعمدة الكهرباء في موسم الامطار وعن كل عاطل عن العمل أضاع فيها سنين عمره، وعن كل أرملة ضاعت حقوقها وتاهت اسرتها بفقدانها رب اسرتها وعن الاضرار المتعمد وغير المتعمد بمستقبل العراقيين وبالأحرى عن كل دمعة طفل يتيم وعن وعن وعن..
فاتورة لا يمكن لكل الحكومات العراقية ولو بعد مئات السنين أن تنتهي من سدادها لأنها بحق قائمة حسابات طويلة وطويلة جداً لا تتحمل نفقاتها كل حكومات المصلحين.
اضف تعليق