q

تعهدت السعودية بتوفير احتياجات مصر من النفط لمدة خمس سنوات قادمة، و أنه سيتم التوقيع خلال زيارة الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز لمصر والمقررة يوم 7 نيسان على اتفاقية لتمويل احتياجات مصر البترولية لمدة 5 سنوات بقيمة تبلغ نحو 20 مليار دولار وبفائدة 2% وفترة سماح للسداد3 سنوات على الأقل، كما سيتم خلال زيارة الملك توقيع اتفاقية قرض من السعودية إلى مصر بقيمة 1.5 مليار دولار لتنمية سيناء.

وفور نشر هذا التعهد السعودي عبر تصريح لمصدرين مسؤولين لوكالة رويترز، بدأت آثاره تضرب في لبنان العدو الجديد للسعودية، إذ قررت إدارة القمر الاصطناعي المصري "نايل سات" قطع إرسال ما تبثه محطة جورة البلوط "المتن"، ومن ثم إعادة بثه للعالم، بعد 48 ساعة فقط من الإخطار!، وبتنفيذ القرار تتضرر أربع قنوات لبنانيّة هي "الجديد"، و"أن بي أن"، و"المنار" و"تلفزيون لبنان". لكن الأهم في هذا القرار والذي يحمل في طياته استهدافا لحزب الله هو ابلاغ إدارة القمر وزارة الاتصالات رغبتها بوقف بثّ قناة "المنار"، بحجة أنها تخالف الاتفاق الموقع معها وبث برامج تثير "النعرات الطائفية والفتن".

من جانبها فضلت إدارة قناة المنار عدم التعليق على قرار نايل سات بانتظار المفاوضات بين الجانبَين اللبناني والمصري، مؤكدة على لسان مدير عام القناة إبراهيم فرحات، إنه رغم تنفيذ إجراءات الحجب، ستستمرّ بالبثّ عبر أقمار أخرى، ومنها القمر الروسي.

ولا يمكن تفسير قرار ادارة نايل سات بعيدا عن التأثير السعودي، لا سيما وان المملكة بارعة في محاربة الأصوات المناوئة لها فقد أوقفت بث قناة الميادين على القمر عرب سات كما أنها حجبت الكثير من المواقع الالكترونية للصحف العربية مثل صحيفة رأي اليوم، وهي تعاقب بالسجن أو الإعدام لأي صحفي يتجرأ على انتقاد الوضع الداخلي للبلاد. وعندما يتزامن هذا القرار مع زيارة العاهل السعودي إلى مصر والإعلان عن صفقات اقتصادية كبيرة فلا يمكن لاي عاقل ان يبرأ السعودية.

ويبدو ان المتاخصمين الإقليميين قد تخطو الخطوط الحمراء، فحالة الجنون تتحكم بميادين الحرب المشتعلة بين الاطراف المختلفة وبما ان الصورة باتت انعكاسا للخلفيات التي تغذي جبهات القتال أصبح من الواجب تطوير إمكانات إشاعة الصورة التي لا تتعدى بث مشاعر الغضب ضد الخصم مع التركيز على إدامة الدعم المالي والتقني الذي تتفوق فيه السعودية مع امتلاكها المال وقدرتها على التحكم بالبث الفضائي عبر أقمار عرب سات ونايل سات . ومن يتابع سير الحرب السعودية ضد حزب الله وإيران يجد ان هناك نقطتين جوهريتين كانت علامة تفوق لطرف على حساب الآخر:

أولا: على المستوى العسكري كانت إيران وحلفائها بارعون في هزيمة السعودية وحلفائها والحقوا بها خسائر فادحة ففي العراق استطاعت قوات الحشد الشعبي والجيش العراقي تلقين داعش الوهابية درسا في فنون الحرب، وفي سوريا كان التخبط السعودي واضح جدا وتقدم الجيش السوري مستمر على وقع انغام وزير الخارجية السعودي الذي بات يغرد خارج سرب الواقع بدعواته المتكررة بقرب رحيل الرئيس السوري بشار الأسد، وفي اليمن انقضى أكثر من عام ولم نرى الحسم في عاصفة الحزم .

ثانيا: نجحت السعودية وحلفائها بفرض تفوق إعلامي كبير لدرجة أن الحملات الإعلامية المنسقة التي أطلقها الإعلام المضاد لحزب الله وايران استطاعت تكوين رأي عام مضاد، كما استطاعت ترتيب أولويات الحرب السورية في بعض الأحيان، فقد انطلقت حملة منسقة ضد النظام السوري تنادي بضرورة فك الحصار وإيصال المساعدات الإنسانية إلى مضايا والمدن السورية الخاضعة للجماعات المسلحة، وقد نجح الاعلام السعودي والخليجي بتحشيد الرأي العام الدولي والمنظمات الدولية ومنها الامم المتحدة . وفي الوقت الذي فشل فيه اعلام حزب الله وإيران بالتحشيد ضد الحصار الذي تفرضه الجماعات المسلحة على مدن شيعية مثل نبل والزهراء وكفريا والفوعة رغم ما تعانيه من مأساة إنسانية، وهو ما يؤكد الضعف الإيراني في مجال الحرب الناعمة .

إيران التي خرجت من حصار اقتصادي غربي تجد نفسها اليوم في حصار سعودي يتمثل بتضاؤل وسائل نشر الصورة، على مختلف جبهات الحرب الناعمة لا سيما مع السخاء المالي السعودي الذي تحتاجه الصناعة الإعلامية، ويبدو أن محور حزب الله وإيران يخسرون الكثير في ميدان الحرب الناعمة بعد اضمحلال دور قناة العالم الإخبارية وإيقاف بث قناة الميادين من قمر عرب سات فيما سيمثل إيقاف بث قناة المنار ضربة موجعة للمحور الإيراني في المنطقة ، وان التركيز على وسائل الإعلام الجديد المتمثلة بمواقع التواصل الاجتماعي قد لا ينفع إيران كثيرا فالسعوديون اليوم يستحوذون على المحتوى الإعلامي لموقع تويتر في الشرق الأوسط وقد يكون من الواجب على إيران التفكير جديا بإطلاق منظومة بث فضائي خاصة تسهم في حماية حلفائها من العقوبات السعودية وهي فرضية مستبعدة على المستوى القريب.

اضف تعليق