بعد أمراض الانفلونزا بأنواعها وأجيالها وبعد الكوليرا والنكاف؛ نحن بحاجة لفايروس "زيكا"، وحاجتنا تلك لأن الفايروس يتسبب في تدمير الجنين في بطون الامهات ـ بحاجة لزيكا أو ما يشابهه في العمل لتدمير أجنة الفساد في بطون المفسدين ممن بدأت عملية تفريخهم المستمرة لتطرح تلك الاجنة الفاسدة الى مؤسسات الدولة، فالمفسدون وإن شبعوا وأتخموا وغادروا العراق هاربين بغلة 13 سنة من النهب المنظم بدأت أجنتهم اليوم تكبر لتعتاش على البقية الباقية التي يحاول البعض جمعها بشتى الطرق لدعم الموازنة.
انها مافيات منظمة تدير أركان الفساد والعبث بثروات الشعب، وزير النفط العراقي السيد عادل عبد المهدي وفي حديث له خلال ندوة اقامها معهد التقدم للسياسات الانمائية بشأن واقع السياسة المالية جاء فيه إن “هناك شبكات داخلية يمكن أن نشبهها بشكل تقريبي بالانظمة المافيوية تتدخل في جميع القطاعات في العراق من بينها قطاع النفط”، مبيناً أن “هذا النظام يتحرك حتى وأن كانت هناك اجراءات او خطوات لصالح الشعب من أجل الدفاع عن مصالحه الخاصة ويتغطى بشعارات عامة مختلفة”، مؤكداً وجود صعوبة في تحقيق الاصلاحات بسبب تلك المافيات الموجودة في الدولة مضيفاً "ان الازمة المالية جاءت بسبب الفساد والقرارات غير الصائبة فضلا عن غياب قانون النفط والغاز الذي سبب فجوة بين الحكومة الاتحادية والمحافظات".
السيد عبد المهدي ليس أول من شخص تلك المافيات ونظامها الأسود، بل أن أي فرد من أبناء الشعب العراقي لديه الإحساس الكبير بذلك والمواطن أول من يشعر بتلك المافيات فضعف الخدمات ومحدودية فرص العمل وإنعدام الخدمة العامة المتكاملة كلها نتائج يفرزها هذا النظام المافيوي الذي يعمل بصورة مستمرة ويتحرك بديناميكية بالغة الدقة الى مناطق ومراكز تجمع الأموال العراقية ويرسم خططاً تفوق قدرة الحكومة بكل مؤسساتها على الانقضاض عليه، لماذا؟ الاجابة بسيطة ذلك أن بعض كبار المفسدين هم من رجالات الحكومة وممن تتحدث عنهم الحكومة وتصفهم بالحيتان وتتحدث عنه المرجعية برؤوس الفساد ويصفهم الشعب بالحرامية ولكن الغريب لا أحد يضع المسميات الحقيقية لهم أو يقترب من قلاعهم التي تتحصن بالجيوش الصغيرة ودعم رؤساء بعض الكتل لذا تراهم أقوياء بمعنى كلمة القوة فقدرتهم على تقويض أي عملية إصلاح أو تجديد أو تطوير تصطدم بقوتهم على مقاومة التغيير الذي لا يصب في مصالحهم ولا يغني خزائنهم.
فتعمد الى تعطيل قدرات الحكومة الرقابية بمؤسساتها التي تحارب الفساد بشتى الطرق، وتلك القدرات الرقابية هي خط الدفاع الأول تجاه الفساد وهو معطل نسبياً، وإذا انحسرت موجة الفساد في الوقت الحاضر فذلك لضعف الموازنة الاستثمارية التي كان تقدر بنصف موازنات الأعوام السابقة وهي التي أصبحت أعشاشاً لدبابير الفساد، فما الذي تحقق من التخصيصات الاستثمارية لموازنات العقد الماضي، لا أعتقد أن هناك علامة مميزة في تلك الفترة فما نراه اليوم، لايمثل سوى تكريس للتخلف في كل شيء، نظامنا الغذائي والتعليمي والسكني والصناعي والعام، لازلنا بحاجة للمساكن والمصانع والبينة التحتية والمدراس والمستشفيات والاسواق والمرائب وحاجتنا تلك ستضل مشرعة أبوابها طالما أن تلك المافيات مستمرة بالنهب لا أحد قادر على إيقاف نشاطها أو تعطيل قدراتها الكبيرة.
نحن نصر على البحث عن فايروس، نظام، قادر على تعطيل تبرعم الفساد وانتشار بؤره وأجنته في مفاصل الدولة وبعكس ذلك فلا مستقبل لنا، والقادم سيشهد بذلك.
اضف تعليق