لقد كان تناول موضوع النساء والمخدرات تحدياً كبيراً لعدة أسباب فهو من جهة موضوع حساس وملتبس اجتماعياً، يرتبط بالمرأة وما تمثله من رمزية في المجتمع العراقي ومن جهة أخرى فهو موضوع خطير لكونه يتعلق بظاهرة آخذة بالانتشار وتمثل تهديداً مباشراً للأسرة والمجتمع...
في قلب واقع اجتماعي متشابك، حيث تتقاطع التحديات الفردية مع الضغوط الأسرية والمجتمعية، برزت ظاهرة جديدة تستحق النظر العميق: النساء والمخدرات في العراق. حديثنا اليوم مع الباحث سلام رياض حبيب العبادي، من قسم علم الاجتماع في كلية الآداب بجامعة بغداد، يأخذنا في رحلة علمية ميدانية جريئة عبر دوائر الإصلاح العراقية، لاستكشاف أسرار قضية لطالما بقيت في الظل.
أطروحته لدرجة الدكتوراه، بعنوان “النساء والمخدرات: دراسة ميدانية في دوائر الإصلاح العراقية”، ليست مجرد دراسة أكاديمية، بل نافذة على معاناة نساء يعانين من ضغوط اجتماعية ونفسية مزدوجة، ويواجهن وصمة مضاعفة في مجتمع لا يزال كثير من أفراده يتجنب الحديث عن هذه الظاهرة بجرأة. من اختيار الموضوع وسط اعتراضات المجتمع الأكاديمي، مروراً بتحديات الوصول إلى عينة بحثية حساسة داخل السجون، وصولاً إلى تحليل النتائج التي تكشف عن أبعاد اجتماعية ونفسية معقدة، يأخذنا الحوار مع الباحث العبادي في عمق الظاهرة كما لم يُستكشف من قبل.
من خلال هذا الحوار، سنتعرف على دوافع الباحث، وكيفية تعامل النساء مع المخدرات، والعوامل الأسرية والاجتماعية التي تؤثر على انخراطهن في التعاطي أو الاتجار، بالإضافة إلى الدروس المستخلصة والتوصيات الوقائية والعلاجية التي يمكن أن تسهم في حماية المجتمع.
ما الدافع الأساسي الذي جعلك تختار موضوع النساء والمخدرات كأطروحة دكتوراه؟
لقد جاء اختياري لموضوع النساء والمخدرات كأطروحة دكتوراه انطلاقاً من عدة دوافع مترابطة.
أولها: أن هذه الظاهرة تمثل أحد أخطر التحديات الاجتماعية المعاصرة التي يمر بها المجتمع العراقي حيث أخذت النساء يشكلن نسبة متزايدة في قضايا التعاطي والاتجار بعد أن كان يُنظر إلى الظاهرة سابقاً على أنها محصورة بالذكور. هذا التغير السريع أوجد حاجة ملحة لدراسة علمية معمقة تتناول خصوصية المرأة في علاقتها بالمخدرات.
ثانياً: لاحظت خلال اطلاعي على الدراسات السابقة وجود فجوة معرفية واضحة فمعظم البحوث العراقية والعربية ركزت على الشباب والذكور بشكل رئيسي بينما الجانب المتعلق بالنساء ظل مهمشاً أو عُرض بشكل جزئي لا يفي بالغرض بالرغم من آثار الظاهرة على النساء غالباً ما تكون أشد خطورة بحكم مكانتهن في الأسرة ومسؤوليتهن عن الأبناء.
ثالثاً: كان هناك دافع اجتماعي وإنساني يتمثل في رغبتي في تسليط الضوء على المعاناة المركبة للنساء المدمنات أو المتاجرات بالمخدرات واللواتي يتعرضن لوصمة اجتماعية مضاعفة تحول دون وصولهن إلى العلاج والدعم النفسي والاجتماعي الأمر الذي يستدعي إبراز أصواتهن وإيجاد توصيات علمية تسهم في حماية هذه الفئة ومعالجة أوضاعها.
وأخيراً فإن هذا الموضوع يعكس همّاً شخصياً كمواطن وباحث إذ شعرت أن معالجة ظاهرة النساء والمخدرات ليست مجرد دراسة أكاديمية بل هي مسؤولية مجتمعية تسهم في صياغة رؤى وحلول عملية يمكن أن تفيد في السياسات العامة وتسد النقص البحثي القائم، وتضع أسساً لبرامج وقائية وعلاجية أكثر فاعلية تراعي خصوصية المرأة في السياق العراقي.
كيف وجدت التحدي في تناول موضوع حساس وملتبس اجتماعياً مثل هذا؟
لقد كان تناول موضوع النساء والمخدرات تحدياً كبيراً لعدة أسباب فهو من جهة موضوع حساس وملتبس اجتماعياً، يرتبط بالمرأة وما تمثله من رمزية في المجتمع العراقي ومن جهة أخرى فهو موضوع خطير لكونه يتعلق بظاهرة آخذة بالانتشار وتمثل تهديداً مباشراً للأسرة والمجتمع. وما زاد من صعوبة التحدي هو أنني لم أجد دراسات سابقة كافية تتناول تعاطي النساء للمخدرات في العراق على وجه التحديد إذ انصبَّ أغلب البحث على الذكور مما جعل المهمة مضاعفة إذ ألزمني ذلك بفتح مسار جديد في البحث الاجتماعي العراقي. وبصفتي إنساناً وباحثاً في الوقت نفسه اصطدمت بالواقع المؤلم للنساء المتعاطيات والمتاجرات وكان لذلك أثر نفسي عليّ لكنني سعيت لأن أوازن بين الجانب العلمي والجانب الإنساني للحفاظ على موضوعية الدراسة. ولا أنسى هنا أن أشير إلى دور الدكتور خالد حنتوش الذي وقف إلى جانبي وشجعني على المضي قدماً مما منحني دافعاً إضافياً للاستمرار رغم كل التحديات.
هل واجهت اعتراضات أو استغراب من المحيط الأكاديمي أو المجتمعي عند اختيارك هذا الموضوع؟
نعم واجهتُ استغراباً واعتراضات من بعض الزملاء في الوسط الأكاديمي ومن المحيط المجتمعي عند اختياري لموضوع النساء والمخدرات، لأن الخوض في قضايا النساء المرتبطة بالمخدرات يُعدّ موضوعاً حساساً وملتبساً اجتماعياً. بعضهم رأى أن هذا الاختيار قد يثير تحفظاً أو يواجه رفضاً مجتمعياً، خاصة وأن الدراسات السابقة كانت تركز على الذكور وتتفادى تناول النساء بشكل مباشر. لكن في المقابل كان لمشرفي الأستاذ الدكتور خالد حنتوش دور كبير في دعمي وتشجيعي على المضي قدماً إذ كان مؤمناً بأهمية الموضوع وضرورته العلمية والمجتمعية. دعمه منحني قوة إضافية للاستمرار وتجاوز الاعتراضات وعلّمني كيف أوازن بين الجرأة العلمية والوعي الاجتماعي حتى لا أفقد موضوعية البحث ولا أتجاوز حدود المقبول مجتمعياً.
برأيك، ما الذي يميز ظاهرة تعاطي المخدرات بين النساء عن الرجال في المجتمع العراقي؟
ما يميز ظاهرة تعاطي المخدرات بين النساء عن الرجال في المجتمع العراقي هو أن انعكاساتها تكون أعمق وأخطر لأن المرأة ليست فرداً فقط بل محور أسرة. فإدمانها يهدد استقرار العائلة والأبناء بصورة مباشرة، بينما يُنظر لإدمان الرجل غالباً كمشكلة فردية. كما أن النساء يدخلن عالم المخدرات غالباً عبر ضغوط وعلاقات شخصية (الزوج أو الصديق) وليس بمحض إرادة فردية كما هو شائع عند الذكور. يضاف إلى ذلك أن المرأة تواجه وصمة اجتماعية مضاعفة تجعل من الصعب عليها الاعتراف أو طلب العلاج.
والأهم أن الدراسات وكذلك نتائج بحثي أظهرت أن النساء أكثر عرضة من الرجال لـ التسارع في الإدمان حيث تكون العواقب الصحية والنفسية والاجتماعية عليهن أشد وأسرع انتشاراً. وهذا ما يجعل ظاهرة تعاطي المخدرات بين النساء قضية حساسة وخطيرة تتجاوز حدود الفرد لتصيب المجتمع بأكمله.
ما هي الفجوة المعرفية أو النقص البحثي الذي حاولت أطروحتك سدّه؟
الفجوة المعرفية الأساسية التي حاولت أطروحتي سدها تكمن في قلة الدراسات العلمية التي تناولت تعاطي المخدرات وارتباط النساء بالإتجار بها في المجتمع العراقي. أغلب البحوث السابقة ركزت على الشباب والذكور تاركة النساء جانباً مهملاً رغم أن آثار هذه الظاهرة عليهن تكون أشد خطورة نتيجة الأبعاد الأسرية والاجتماعية والنفسية. كما أن الدراسات القائمة لم تقدم تحليلاً شاملاً للعوامل الاجتماعية والنفسية والاقتصادية المؤثرة على النساء ولم تدرس بشكل معمق كيفية تفاعل هذه العوامل مع البيئة الأسرية والمجتمعية لتعزيز انتشار المخدرات بينهن. ومن هنا، جاء التركيز في أطروحتي على:
1_التعرف على أسباب تعاطي المخدرات والاتجار بها لدى النساء.
2_دراسة خصائص النساء المتعاطيات والمتاجرات بالمخدرات.
3_تسليط الضوء على الآثار النفسية والاجتماعية والقانونية لتعاطي المخدرات بين النساء مقارنة بالرجال. بهذا الشكل تقدم الأطروحة مساهمة علمية ومعرفية جديدة تسدّ جزءاً من النقص البحثي وتضع أساساً لدراسات مستقبلية وسياسات وقائية وعلاجية تراعي خصوصية النساء في العراق.
من خلال اطلاعك، لماذا ركزت معظم الدراسات السابقة على الذكور وتجاهلت النساء؟
معظم الدراسات السابقة ركزت على الذكور وتجاهلت النساء لعدة أسباب:
1. ثقافية واجتماعية اي ان الحساسية الكبيرة في المجتمع العراقي والعربي تجاه تناول موضوع المرأة والمخدرات باعتباره وصمة عار تمس الأسرة بأكملها مما جعل الباحثين يتجنبون الخوض فيه.
2. إجرائي وميدانية الوصول إلى عينة من النساء المتعاطيات أو المتاجرات بالمخدرات أمر معقد جداً بسبب العزلة الاجتماعية والقيود الأمنية وصعوبة إجراء مقابلات مباشرة معهن.
3. افتراضات بحثية أي ساد الاعتقاد أن ظاهرة المخدرات مرتبطة أكثر بالذكور، وأن النساء أقل انخراطاً فيها، وهو ما أدى إلى تهميش موضوع المرأة في الدراسات.
4. نقص البيانات الرسمية حيث ان المؤسسات الحكومية لم تكن توفر إحصاءات دقيقة أو شفافة حول النساء ما دفع الباحثين للاعتماد على عينات ذكورية أسهل توفراً.
ومن هنا جاءت أطروحتي لتكسر هذا النمط ولتضع المرأة في قلب البحث بوصفها طرفاً أساسياً في الظاهرة، وليس مجرد استثناء أو هامش.
كيف تمكنت من الوصول إلى العينة البحثية (200 نزيلة في السجون) رغم الحساسيات الأمنية والاجتماعية؟
تمكنت من الوصول إلى عينة البحث (200 نزيلة) بعد الحصول على موافقة رسمية من السيد وزير العدل الذي وجه بتسهيل مهمة البحث داخل السجون إضافة إلى دعم وزارة الداخلية في الجانب الأمني. وقد لعب مشرفي د. خالد حنتوش دوراً أساسياً في المتابعة والتنسيق.
هذا الغطاء الرسمي منحني الثقة والشرعية الكاملة وسهّل التعامل مع إدارات السجون كما طمأن النزيلات بأن البحث علمي بحت وليس له أي تبعات قانونية أو اجتماعية مما شجعهن على التعاون الصريح والإجابة بشفافية.
ما الصعوبات التي واجهتها أثناء جمع البيانات، خاصة في التعامل مع النزيلات؟
أما الصعوبات التي واجهتها أثناء جمع البيانات فتمثلت في عدة جوانب أبرزها:
1) الجانب النفسي للنزيلات بعضهن كنّ في حالة إنكار أو رفض الحديث عن تفاصيل حياتهن خوفاً من الوصمة الاجتماعية.
2) التحفظ وعدم الثقة اي واجهت في البداية حذر شديد من بعض النزيلات خشية أن تُستخدم المعلومات ضدهن واستغرق الأمر وقتاً لكسب ثقتهم عبر التوضيح أن الهدف علمي بحت.
3) العوائق الأمنية والإدارية أي ان دخول السجن والتعامل مع النزيلات خضع لإجراءات أمنية معقدة وكان يستلزم وقتاً طويلاً في التنسيق مع الجهات الرسمية.
4) الحالة الصحية والنفسية لبعض النزيلات كثير منهن كن يعانين من اضطرابات نفسية أو مشاكل صحية جعلت المقابلات والاستبانات أكثر صعوبة.
5) ضعف المستوى التعليمي نسبة كبيرة من النزيلات أميات أو ذوات تعليم منخفض مما تطلب شرحاً مبسطاً للأسئلة ومساعدة مباشرة في تعبئة الاستبانات.
ومع ذلك فإن الصبر واستخدام أسلوب مبسط وحواري مع إظهار التعاطف والاحترام ساعد على تجاوز هذه التحديات وجمع بيانات دقيقة وموثوقة.
إلى أي مدى ساعدت أدواتك (الاستبانة، الملاحظة، المقابلات) في الكشف عن الجوانب الخفية لظاهرة الإدمان بين النساء؟
لقد ساعدت أدوات البحث بشكل كبير في كشف الجوانب الخفية لظاهرة الإدمان بين النساء:
1- الاستبانة وفرت لي بيانات كمية دقيقة عن الخصائص الاجتماعية والاقتصادية والنفسية للنزيلات وسمحت بقياس حجم الظاهرة واتجاهاتها بشكل إحصائي.
2- المقابلات غير الرسمية كانت الأداة الأعمق إذ مكنتني من الوصول إلى تجارب شخصية لم تكن لتظهر في الاستبانة، مثل تأثير الزوج أو الصديق، والضغوط الأسرية والتجارب المرتبطة بالبغاء أو العنف.
3- الملاحظة البسيطة كشفت لي عن سلوكيات النزيلات داخل السجن (مثل الانعزال، العصبية أو التكتلات الاجتماعية) مما ساعدني على فهم انعكاسات الإدمان على الشخصية والسلوك.
وبتكامل هذه الأدوات حصلت على صورة أكثر وضوحاً وشمولاً: فالأرقام أعطت الإطار العام بينما كشفت المقابلات والملاحظة عن العمق الإنساني والاجتماعي الذي لا يمكن رصده إحصائياً فقط.
أظهرت النتائج أن الفئات الشابة والمتزوجات أكثر عرضة للتورط بالمخدرات.. كيف تفسر ذلك؟
أوضحت النتائج أن الفئات الشابة والمتزوجات هن الأكثر تورطاً في قضايا المخدرات. إذ بلغت نسبة الشابات دون 25 سنة (30%) والفئة العمرية (25–34 سنة) (43%) أي أن مجموعهن معاً يمثل (73%) من إجمالي العينة. وهذا يعكس أن النساء الشابات أكثر عرضة للانحراف نحو التعاطي والاتجار بسبب عدة عوامل منها حب التجربة والمغامرة والاندفاع العاطفي وضعف الخبرة الحياتية إضافة إلى التأثر السريع بجماعة الأقران وضغوط البيئة الاجتماعية فضلاً عن هشاشة المناعة النفسية في مواجهة ضغوط البطالة والفقر.
أما المتزوجات، فقد مثلن (43.5%) من العينة ما يكشف عن ارتباط وثيق بين العلاقة الزوجية غير السوية وانتشار التعاطي بين النساء. إذ تبين أن الزوج غالباً ما يكون العامل المباشر في دفع زوجته إلى التعاطي أو الاتجار، سواء عبر الإكراه، أو المشاركة أو نتيجة لمعاناته هو من الإدمان. كما أن الضغوط الاقتصادية والأسرية الكبيرة داخل الأسرة العراقية تجعل المرأة أكثر عرضة للهروب من واقعها إلى عالم المخدرات خاصة في ظل غياب الدعم الأسري والاجتماعي. وبذلك فإن الفئة الشابة تقع ضحية الفضول والضغط الاجتماعي بينما المتزوجات يتأثرن أكثر بـ العلاقات الزوجية غير المستقرة والضغوط الأسرية والمعيشية وهو ما يفسر ارتفاع نسبتهن في نتائج الدراسة.
برأيك، ما العوامل الاجتماعية الأكثر خطورة التي دفعت النساء إلى الإدمان أو الاتجار؟
من خلال نتائج الأطروحة والميدان البحثي، تبين أن هناك مجموعة من العوامل الاجتماعية لعبت الدور الأكثر خطورة في دفع النساء نحو الإدمان أو الاتجار بالمخدرات، ويمكن تلخيصها فيما يلي:
1- العلاقات الزوجية المضطربة: أوضحت النتائج أن الزوج كان العامل الأكثر تأثيراً (38%) في دفع المرأة نحو التعاطي إما عبر الإكراه أو المشاركة أو التواطؤ، خصوصاً في الأسر التي يسودها العنف أو التفكك.
2- تأثير الأصدقاء وجماعة الأقران: جاء الصديق في المرتبة الثانية بنسبة (26%) إضافة إلى أن (41%) من المبحوثات أشرن إلى أن دخولهن عالم المخدرات كان لمجاراة الأقران، وهو ما يبرز قوة تأثير البيئة الاجتماعية المباشرة على المرأة.
3- التهميش الاجتماعي والاقتصادي: أغلب المبحوثات كن من ربات البيوت (83%) ويعشن في مناطق شعبية (66%) أو عشوائية (22%)، ما يكشف هشاشة البنية الاقتصادية والاجتماعية، وغياب شبكات الدعم الأسري أو المجتمعي.
4- ضعف المستوى التعليمي اي ان نسبة الأميات (32%) ومن لديهن تعليم ابتدائي (24.5%) تعكس خطورة قلة الوعي المعرفي والثقافي ما جعل النساء أكثر قابلية للاستدراج والانسياق وراء تجار المخدرات.
5- المشاكل النفسية والأسرية: أشارت (46%) من العينة إلى أن معاناتهن من مشاكل نفسية (اكتئاب، قلق، شعور بالوحدة) كانت الدافع الأساسي لدخول عالم المخدرات.
باختصار يمكن القول إن أخطر العوامل الاجتماعية التي دفعت النساء إلى الإدمان أو الاتجار هي:
التفكك الأسري تأثير الزوج والأقران، التهميش الاقتصادي ضعف التعليم، والمشاكل النفسية غير المعالجة.
لماذا كان الزوج أو الصديق عاملاً رئيسياً في دفع المرأة لتعاطي المخدرات؟
سؤال مهم جداً والإجابة عليه تحتاج إلى الربط بين النتائج الميدانية والإطار الاجتماعي للأسرة العراقية:
الزوج أو الصديق برزا كعاملين رئيسيين في دفع المرأة لتعاطي المخدرات للأسباب الآتية:
1- الثقة والاعتماد العاطفي اي ان المرأة في المجتمع العراقي كثيراً ما تبني حياتها الاجتماعية والنفسية حول العلاقة بالزوج أو الصديق، مما يجعلها أكثر قابلية للتأثر بممارساته. فإذا كان الزوج أو الصديق يتعاطى المخدرات فمن المرجح أن يشجعها أو يجبرها على التجربة.
2- الهيمنة الذكورية والسلطة الأسرية في العلاقات الزوجية غير المتوازنة يُمارس الضغط على المرأة وقد تضطر للتعاطي لإرضاء الزوج أو لتجنب العنف الأسري خاصة مع ضعف مكانتها الاقتصادية واعتمادها عليه مادياً.
3- سهولة الوصول للمخدرات غالباً ما يكون الزوج أو الصديق هو القناة الأولى للحصول على المخدر مما يسهّل عملية البدء والاستمرار.
4- النتائج الميدانية أوضحت الدراسة أن الزوج مثّل السبب المباشر في تعاطي (38%) من النساء، بينما كان الصديق مسؤولاً عن (26%)، وهي نسب مرتفعة تكشف أن المحيط العاطفي والاجتماعي المباشر للمرأة هو الأكثر تأثيراً في سلوكها الإدماني.
5- ضعف الدعم الأسري البديل عندما تغيب الرقابة أو الاحتواء الأسري من قبل الوالدين أو الإخوة يصبح الزوج أو الصديق هو المرجعية الأساسية، حتى لو كانت مرجعية منحرفة. وباختصار: الزوج أو الصديق يمثلان البوابة الأخطر لدخول المرأة إلى عالم المخدرات، بسبب التبعية العاطفية والاقتصادية من جهة، وسهولة الاستدراج النفسي والاجتماعي من جهة أخرى.
لفت الانتباه أن نسبة ربات البيوت كانت الأعلى.. ما الذي يكشفه ذلك عن بنية الأسرة العراقية؟
من خلال نتائج الدراسة:
1- ارتفاع نسبة ربات البيوت (83%) بين المبحوثات يكشف أن المرأة غير العاملة أكثر عرضة للانخراط في المخدرات، بسبب الفراغ والملل والعزلة الاجتماعية، وهو ما يجعلها هدفاً سهلاً للاستدراج من قبل الزوج أو الصديق أو حتى شبكات الاتجار.
2- اعتماد ربات البيوت الاقتصادي على الزوج يجعل المرأة في موقع هش، فإذا كان الزوج متعاطياً أو تاجراً للمخدرات، فإنها غالباً ستنجر وراءه نتيجة الضغوط أو الخضوع.
3- القصور في الدعم الأسري يعكس هذا المؤشر ضعف دور الأسرة في الاحتواء والتواصل، حيث تعاني كثير من النساء من غياب التقدير والدعم العاطفي داخل البيت، مما يخلق بيئة خصبة للهروب نحو المخدر.
4- المعنى الاجتماعي الأعمق اي ان النسبة المرتفعة تكشف أن الأسرة العراقية لم تعد بيئة حصينة كما يفترض، بل قد تتحول أحياناً إلى بيئة طاردة أو ضاغطة، تدفع بعض النساء للبحث عن بدائل منحرفة للهروب من واقعهن.
ما الدلالة الاجتماعية وراء أن المخدر الأكثر شيوعاً بين النساء هو "الكريستال" بنسبة 96%؟
إن النتائج التي أظهرت أن المخدر الأكثر شيوعاً بين النساء في العينة هو الكريستال بنسبة 96% تحمل عدة دلالات اجتماعية مهمة:
1- سهولة الانتشار والتوافر: الكريستال متاح بسهولة أكبر مقارنة بالمخدرات الأخرى، وهو ما يجعله الخيار الأول للنساء اللاتي يدخلن عالم المخدرات، سواء للتعاطي الشخصي أو للمشاركة في الاتجار.
2- القوة النفسية والجسدية للمخدر: الكريستال يعطي شعوراً مؤقتاً بالنشاط والطاقة، ويخفف من الضغوط النفسية، وهو ما يجذب النساء اللاتي يعانين من القلق أو الفراغ أو ضغوط الأسرة والعمل.
3- السرية والتخفي: الكريستال عادة يستخدم بكميات صغيرة ويمكن تناوله بدون لفت الانتباه، ما يجعله مناسباً للنساء اللواتي يحاولن إخفاء تعاطيهن عن المجتمع والأسرة.
4- دلالة على التغير الاجتماعي: انتشار هذا النوع من المخدرات يعكس توسع شبكات المخدرات واستهداف النساء كفئة هشة اجتماعياً واقتصادياً، مما يدل على تزايد تدخل النساء في تعاطي المخدرات ضمن بيئات حضرية وشعبية، حيث الضغوط الاجتماعية والاقتصادية أكبر.
ما أبرز الآثار النفسية التي رصدتها الدراسة على النساء المدمنات مقارنة بالرجال؟
أظهرت الدراسة أن النساء المدمنات يعانين من آثار نفسية أشد وأسرع تطوراً مقارنة بالرجال، ويمكن تلخيص أبرز هذه الآثار فيما يلي:
1- الاكتئاب والقلق المستمر: كثير من النساء أشرن إلى شعور دائم بالحزن، القلق، والإحباط نتيجة الضغوط الأسرية والاجتماعية، مما يزيد من صعوبة التعافي.
2- الشعور بالوحدة والانفصال الاجتماعي: نتيجة الوصمة المجتمعية والتمييز بين الجنسين، تعاني النساء من عزلة أكبر مقارنة بالرجال، مما يفاقم الإدمان ويحد من الوصول إلى الدعم الاجتماعي.
3- تدهور الثقة بالنفس والهوية الشخصية: الإدمان، إلى جانب الضغوط الأسرية والزوجية، يؤدي إلى فقدان النساء لإحساسهن بالقيمة الذاتية، بينما لدى الرجال غالباً شبكة دعم أوسع، تقلل من آثار هذه المشكلة.
4- ارتفاع مخاطر الاضطرابات النفسية الثانوية: مثل العصبية المفرطة، فقدان التركيز، واضطرابات النوم، والتي تكون أكثر شدة عند النساء نتيجة تراكم الضغوط النفسية والاجتماعية. باختصار: الآثار النفسية للإدمان على النساء أشد وأسرع انتشاراً مقارنة بالرجال، بسبب تداخل العوامل النفسية والاجتماعية والوصمة المجتمعية، مما يجعل النساء بحاجة لدعم نفسي واجتماعي أكبر وأساليب علاج متخصصة.
كيف يضاعف التهميش الاجتماعي من معاناة النساء المدمنات داخل السجن وخارجه؟
يضاعف التهميش الاجتماعي من معاناة النساء المدمنات داخل السجن وخارجه بعدة طرق:
1- الوصمة الاجتماعية المزدوجة: فالمرأة المدمنة تواجه وصمة الإدمان بالإضافة إلى وصمة كونها أنثى مخالفة للمعايير المجتمعية، ما يزيد من عزلة المرأة ويقلل فرصها في الدعم الاجتماعي.
2- ضعف شبكة الدعم: التهميش يحرم النساء من الدعم الأسري والمجتمعي، مما يجعل التعافي أكثر صعوبة، ويؤدي إلى استمرار الإدمان أو العودة إليه بعد الإفراج.
3- صعوبات إعادة الدمج: خارج السجن، تواجه النساء المدمنات صعوبة في الحصول على عمل أو التعليم أو الدعم النفسي، مما يزيد من احتمالية العودة إلى المخدرات أو الوقوع في الجرائم المتعلقة بها.
4- تفاقم المشاكل النفسية: الشعور بالرفض الاجتماعي والانفصال عن المجتمع يؤدي إلى زيادة الاكتئاب، القلق، والعزلة النفسية، وهو ما يجعل الإدمان أكثر استمرارية وتأثيراً.
باختصار: التهميش الاجتماعي يجعل النساء المدمنات أكثر عرضة للاكتئاب، الفشل في إعادة التأهيل، والاستغلال الاجتماعي أو الأسري، سواء داخل السجن أو خارجه، ويؤكد الحاجة إلى برامج دعم وإعادة دمج مخصصة للنساء.
ما هي أخطر الانعكاسات الأسرية لظاهرة إدمان المرأة على الأبناء والمجتمع؟
تؤدي ظاهرة إدمان المرأة إلى انعكاسات أسرية واجتماعية خطيرة تشمل:
1- تأثير مباشر على الأبناء: الأطفال الذين يعيشون في أسرة بها أم مدمنة معرضون لمشاكل نفسية وسلوكية، مثل القلق، الاكتئاب، ضعف الانضباط، وتأخر التحصيل الدراسي. كما أن الإدمان قد يؤدي إلى إهمال الأم لرعاية الأبناء، ما يخلق فجوة عاطفية وتربوية كبيرة.
2- تعزيز الانحراف السلوكي للأبناء: يرى الأطفال سلوكيات سلبية تُمارس في البيت، مثل الكذب، السرقة، أو حتى تعاطي المخدرات، مما يزيد احتمال تورطهم في الانحراف مستقبلاً.
3- ضعف تماسك الأسرة: الإدمان يفاقم الخلافات الزوجية ويؤدي أحياناً إلى التفكك الأسري أو الطلاق، ما ينعكس على استقرار الأسرة وتوازنها النفسي والاجتماعي.
4- انعكاسات مجتمعية أوسع: انتشار إدمان النساء يزيد من معدلات الجريمة المرتبطة بالمخدرات، مثل الاتجار أو الدعارة، ويضعف شبكة القيم والأخلاق في المجتمع، ويؤثر سلباً على الأمن الاجتماعي.
برأيك، لماذا لا تزال الإجراءات الحكومية غير كافية لاحتواء الظاهرة؟
تظل الإجراءات الحكومية غير كافية لاحتواء ظاهرة إدمان النساء بالمخدرات لأسباب عدة:
1- ضعف التركيز على الجانب الأنثوي: معظم السياسات والبرامج الحكومية تركز على الشباب والرجال، ولا توجد برامج مخصصة للتعامل مع النساء المدمنات أو المتاجرات، مما يترك فجوة في الوقاية والعلاج.
2- قصور التشريعات والتنفيذ: هناك قوانين موجودة، لكنها غالباً لا تُنفذ بشكل فعّال، ولا توفر حماية كافية للنساء أو إعادة تأهيل مناسب بعد الإفراج عنهن.
3- غياب الدعم الاجتماعي المتكامل البرامج الحكومية لا تغطي جميع احتياجات النساء، مثل الدعم النفسي، التأهيل المهني، والمساعدة الاقتصادية، وهي عوامل ضرورية لإعادة دمج المرأة في المجتمع ومنع العودة للإدمان.
4- قلة التوعية والوقاية المجتمعية اي ان ضعف حملات التوعية خاصة للنساء يجعل الإقبال على المخدرات مستمراً، ويزيد من سرعة انتشارها في الفئات الضعيفة اجتماعياً.
ما التدابير الوقائية التي تراها أكثر فاعلية للحد من انتشار المخدرات بين النساء؟
أظهرت الدراسة أن الحد من انتشار المخدرات بين النساء يحتاج إلى مجموعة من التدابير الوقائية المتكاملة، منها:
1- التوعية والتعليم المستمر أي حملات إعلامية واجتماعية تستهدف النساء بشكل مباشر لتوضيح مخاطر المخدرات الصحية والاجتماعية والنفسية مع التركيز على المدارس والمجتمعات المحلية.
2- تعزيز دور الأسرة من خلال دعم الأسرة لتكون بيئة وقائية عبر تعزيز الحوار الداخلي الرقابة الإيجابية والاهتمام بالجانب النفسي للمرأة لتقليل الفراغ والضغوط التي قد تدفعها نحو المخدرات.
3- الأنشطة البديلة للنساء من خلال توفير برامج ثقافية ورياضية ومهنية تتيح للنساء شغل أوقات فراغهن بطريقة إيجابية، خاصة ربات البيوت والفئات الشابة.
4- تقديم الدعم النفسي والاجتماعي المبكر اي إنشاء مراكز استشارية توفر الإرشاد النفسي والاجتماعي للنساء المعرضات للخطر قبل وقوع الإدمان أو الانخراط في الاتجار.
5- التشريعات والرقابة وذلك من خلال تطبيق قوانين صارمة ضد الاتجار بالمخدرات، مع توفير حماية قانونية للنساء اللواتي يسعين للعلاج أو الإبلاغ عن شبكات الاتجار.
كيف يمكن للمؤسسات الدينية والإعلامية أن تلعب دوراً إيجابياً في التوعية؟
تلعب المؤسسات الدينية والإعلامية دوراً محورياً في التوعية ضد المخدرات بين النساء من خلال عدة وسائل
1- التوجيه الديني والأخلاقي اي ان المؤسسات الدينية قادرة على تقديم الرسائل التي تعزز القيم الأخلاقية والاجتماعية، وتحذر من المخاطر الصحية والاجتماعية للإدمان، مما يزيد من الوعي ويحفز النساء على الامتناع عن المخدرات.
2- حملات إعلامية توعوية مستمرةمن خلال الإعلام التلفزيوني الإذاعي ومنصات التواصل الاجتماعي يمكن أن ينشر قصص نجاح معلومات دقيقة وبرامج تثقيفية تستهدف النساء بشكل مباشر لتسليط الضوء على مخاطر المخدرات وسبل الوقاية.
3- تقديم الدعم النفسي والاجتماعي عبر الإعلام والدين: يمكن أن يشمل ذلك استضافة خبراء نفسيين واجتماعيين على القنوات الإعلامية أو تقديم حلقات استشارات دينية توجيهية، مما يوفر للنساء بدائل واقعية للتعامل مع الضغوط النفسية والاجتماعية بدلاً من اللجوء للمخدرات.
4- تعزيز دور المجتمع المحلي اي ان المؤسسات الدينية والإعلامية تستطيع تحفيز المجتمع على دعم النساء والمشاركة في برامج الوقاية والإرشاد، مما يقلل من التهميش الاجتماعي ويقوي شبكة الحماية ضد الانحراف. باختصار: عبر التوجيه الأخلاقي، التوعية الإعلامية والدعم النفسي والاجتماعي يمكن لهذه المؤسسات أن تساهم بشكل فعّال في الحد من انتشار المخدرات بين النساء وتعزيز الوعي المجتمعي بأهمية حماية الفئات الضعيفة.
ما هي مساهمة المؤسسات الاجتماعية والاقتصادية والنفسية في برامج العلاج وإعادة الدمج؟
تلعب المؤسسات الاجتماعية والاقتصادية والنفسية دوراً أساسياً في علاج وإعادة دمج النساء المدمنات من خلال مجموعة من الآليات:
اولا: المؤسسات الاجتماعية: توفير بيئة داعمة للنساء بعد العلاج تشمل الدعم الأسري والمجتمعي والإرشاد الاجتماعي للتكيف مع الحياة بعد الإدمان. وإنشاء مجموعات دعم جماعية لتبادل الخبرات والتجارب مما يقلل الشعور بالعزلة ويعزز الانتماء الاجتماعي.
ثانياً: المؤسسات الاقتصادية: تمكين النساء من الاعتماد على أنفسهن عبر التدريب المهني وتأهيلهن لسوق العمل، ما يقلل من احتمالية العودة للإدمان نتيجة الضغوط المالية. وتقديم برامج دعم مالي أو قروض صغيرة لمساعدة النساء على بدء مشاريع صغيرة تعزز الاستقلالية الاقتصادية.
ثالثا: المؤسسات النفسية: تقديم الدعم النفسي والعلاج السلوكي للنساء لمواجهة المشكلات النفسية المرتبطة بالإدمان، مثل الاكتئاب، القلق، وفقدان الثقة بالنفس.
وبرامج التأهيل النفسي تساعد النساء على اكتساب مهارات مواجهة الضغوط الاجتماعية والتغلب على الإغراءات المرتبطة بالمخدرات.
كيف أثرت هذه التجربة البحثية عليك شخصياً كباحث وكمواطن عراقي؟
لقد أثرت هذه التجربة البحثية عليّ شخصياً وبشكل مزدوج:
1- كباحث: وسعت خبرتي العلمية في مجال الدراسات الاجتماعية المتعلقة بالمخدرات، خاصة مع التركيز على البعد الأنثوي الذي غالباً ما يُغفل في البحوث السابقة. وطورت مهاراتي في جمع وتحليل البيانات الميدانية والعمل ضمن بيئات حساسة ومعقدة مثل السجون مما عزز قدراتي البحثية والمنهجية. كذلك أتاح لي البحث فرصة لفهم العوامل الاجتماعية والنفسية التي تؤثر على النساء المدمنات وكيفية تصميم استراتيجيات علمية للوقاية والعلاج.
2- كمواطن عراقي: جعلني أكثر وعياً بالقضايا الاجتماعية الحقيقية التي تواجه النساء والفئات الضعيفة في المجتمع العراقي وأكسبني إدراكاً أعمق لمدى تأثير الإدمان على الأسرة والمجتمع، وحاجة المجتمع إلى سياسات دعم ومبادرات وقائية فعّالة .وحفزني على الانخراط المجتمعي والإسهام في التوعية، والشعور بالمسؤولية تجاه معالجة هذه الظواهر بشكل عملي وليس فقط أكاديمي.
ما الرسالة التي توجهها للنساء والشباب من خلال نتائج أطروحتك؟
الرسالة التي أوجهها للنساء والشباب من خلال نتائج أطروحتي هي:
1- الوعي بخطورة المخدرات: المخدرات ليست مجرد متعة مؤقتة بل لها آثار سلبية عميقة على الصحة النفسية والجسدية وتؤدي إلى تفكك الأسرة وانحراف الأبناء.
2- أهمية الدعم الاجتماعي والعائلي: الحفاظ على الروابط الأسرية والاجتماعية وتقديم الدعم العاطفي يقي من الانزلاق نحو المخدرات، ويشكل خط الدفاع الأول ضد الانحراف.
3- الابتعاد عن التأثيرات السلبية للرفاق والبيئة المحيطة: اختيار الصحبة الصالحة والابتعاد عن الأصدقاء أو الشركاء الذين يشجعون على السلوكيات الضارة يعتبر عاملاً أساسياً للوقاية.
4- الاستفادة من الفرص التعليمية والمهنية: التركيز على التعليم وتنمية المهارات يساعد الشباب والنساء على الانخراط في أنشطة إيجابية ويقلل من الفراغ الذي قد يؤدي إلى المخدرات.
5- طلب المساعدة عند الحاجة: على كل من يواجه مشاكل نفسية أو اجتماعية أن يلجأ إلى الجهات المختصة، سواء كانت مؤسسات علاج استشارات نفسية أو برامج توعية دون الخوف من الوصمة الاجتماعية. باختصار المخدرات تهدد الفرد والأسرة والمجتمع، والرسالة الأساسية هي تعزيز الوعي دعم العلاقات الاجتماعية واختيار سبل حياة صحية وآمنة لتجنب الانحراف.
إذا أُتيح لك تطوير البحث لاحقاً، أي زاوية جديدة تود استكشافها؟
إذا أُتيح لي تطوير البحث لاحقاً أود استكشاف زوايا جديدة تكمل فهم ظاهرة المخدرات بين النساء منها:
1- البعد الأسري والنفسي المتقدم: دراسة تأثير الإدمان على الأجيال القادمة بشكل أكثر تفصيلاً خاصة الأطفال المتأثرين بأمهاتهم المدمنات، وتحليل الأثر النفسي والاجتماعي طويل المدى.
2- التأثيرات الاقتصادية والاجتماعية على النساء: تحليل العلاقة بين الوضع الاقتصادي للمرأة ومدى تعرضها لتعاطي المخدرات أو الانخراط في الاتجار بها، مع دراسة دور البطالة والفقر والاعتماد المالي على الآخرين.
3- فاعلية برامج الوقاية والعلاج: تقييم شامل لبرامج الدعم النفسي والاجتماعي وإعادة الدمج الحالية، ودراسة كيفية تحسينها لتكون أكثر نجاحاً واستدامة للنساء.
4- دراسة مقارنة بين المدن والمناطق الريفية: البحث في الاختلافات في انتشار الإدمان وطرق التعاطي بين النساء في المناطق الحضرية مقابل الريفية، لمعرفة تأثير البيئة المجتمعية على السلوكيات المخدرة.
5- دور الإعلام والتكنولوجيا الحديثة: دراسة تأثير منصات التواصل الاجتماعي والبرامج التلفزيونية على سلوكيات النساء تجاه المخدرات، سواء إيجابياً أو سلبياً.
كيف تتمنى أن يُستفاد من هذه الأطروحة في السياسات العامة أو المناهج الجامعية؟
أتمنى أن تُستفاد من هذه الأطروحة في السياسات العامة والمناهج الجامعية بعدة طرق:
1- دمج نتائج البحث في السياسات العامة: اي وضع برامج وقائية وعلاجية مخصصة للنساء في خطط وزارة الداخلية ووزارة الصحة مع التركيز على إعادة الدمج الاجتماعي والمهني للمدمنات بعد العلاج. وتطوير تشريعات وسياسات تضمن حماية النساء المعرضات للإدمان أو الاتجار بالمخدرات، بما يشمل الدعم النفسي والاجتماعي والقانوني.
2- تطوير المناهج الجامعية: أي إدراج الدراسة كمرجع أساسي في تخصصات علم الاجتماع الخدمة الاجتماعية وعلم النفس لتعزيز فهم الطلاب لظاهرة إدمان النساء. واستحداث مقررات عملية وميدانية تتيح للطلاب دراسة الظواهر الاجتماعية الحساسة مثل المخدرات مع التركيز على الجوانب النفسية والاجتماعية والاقتصادية للمرأة.
3- توجيه البحوث المستقبلية: تشجيع الدراسات المستقبلية على التركيز على البعد الأنثوي للظواهر الاجتماعية، وإجراء دراسات مقارنة بين الذكور والإناث لتحديد الفروق وأسبابها. كذلك توفير قاعدة معرفية لدعم البرامج الحكومية والمجتمعية في الوقاية والعلاج من المخدرات بشكل علمي ومنهجي.
نود أن نعبر عن امتناننا العميق للباحث سلام رياض حبيب العبادي على إسهامه القيّم في كشف واقع نساء يواجهن تحديات معقدة في مجتمعنا. شجاعته في التطرق لقضية حساسة ومهمشة علمياً واجتماعياً، وإصراره على تقديم دراسة ميدانية دقيقة ومعمقة، يفتح نافذة أمل لفهم أعمق وحلول عملية لمشكلة تهدد الأسرة والمجتمع. إن هذه الأطروحة ليست مجرد بحث أكاديمي، بل دعوة للوعي، وللتضامن الاجتماعي، ولتصميم سياسات ومبادرات تراعي خصوصية المرأة وتحدياتها في العراق.
اضف تعليق