إلى متى تستمرُّ هذه الكارثة وقد مضى عليها قرن من الزمن أما آن لهذا البقيع المظلوم المهدَّم أن ينهض ويرتفع له مناراته وتزين المدينة قبته الشريف التي ستكون مقابلة ومناجية للقبة الخضراء لجدِّهم أبي الزهراء (ع)، ثم يسمح هؤلاء بالزيارة لأفراد هذه الأمة المؤمنة التي تتطلع للحج والزيارة...

كارثة هدم قبور الأئمة في البقيع في 8 شوال 1344 ه الموافق (21 نيسان 1926 م)

مقدمة حضارية

الحضارة لا تقوم ولا يصدق عليها اسم الحضارة إلا عندما تقوم على أسس من القيم الراقية ومنظومة من قيم الحق السماوية لأن منظومة القيم الأرضية -عادة- تكون ناقصة وقصيرة الأمد لأنها قصيرة النظر لأن واضعها قصير البصر ومحدود الفكر في الزمان والمكان والقوم الذين توضع لهم تلك المنظومة، وأما القيم السماوية العليا من الله الخالق لهذا الخلق فإنها تشمل الإنسان في كل زمان ومكان ومصلحته التي لا يعلم تفاصيلها إلا هو سبحانه وتعالى.

ولذا المنظومة الإسلامية هي الأرقى والأعلى والأسمى من بين المنظومات الحقوقية العالمية لأنها الأشمل والأوسع للحياة البشرية برمتها علماً أن المنظومة الموسوية التوراتية معقدة وقاسية جداً لأنها تسبح في بحر من الدماء لن حكم القتل ينزل على أبسط الذنوب كمخالفة الوالدين، ولذا فهي ليست قابلة للحياة وحاكمة للأحياء منهم وأما الديانة العيسوية الإنجيلية فهي خالية الوفاض من التشريع تماماً فهي دعوة لمكارم الأخلاق والعيش المشترك بين البشر، وهذا يعرفه كل مَنْ قرأ واطَّلع عليها فهو يتفاجأ بهذه الحقيقة الواضحة.

ولذا نقولها بالفم الملآن، وليسمعها العالم أجمع بوعي وبصيرة وواقعية: إن الدِّين الإسلامي الحقيقي هو الشريعة الشاملة، والقانون العام الذي يضمن بناء حضارة إنسانية راقية دون كل تشريعات وقوانين العالم لأنه شريعة نزلت من عند الرَّب وليست من تأليف العبد، وهي القانون الذي يضمن الحقوق والقيم والأخلاق التي تبني دولة مدنية وحضارة إنسانية ولا شيء غيرها من كل القوانين والدساتير الموجودة على وجه الأرض إذ أنها كلها عليلة وخشبية ميتة أي أنها فاقدة للفضيلة والقيم والروح التي تضمن لها البقاء والتقدم والاستمرار في قيادة العالم.

إرهاصات الحضارة الرقمية

والعالم اليوم يعيش منذ عقدين من الزمن -أي من بداية القرن الحالي- فيما نسميه بالثورة الرقمية أو الحضارة الرقمية، وهي فعلاً ثورة متطورة ومتنامية وبسرعة هائلة فإنها اجتازت خلال ربع قرن ما قطعته البشرية بملايين السنين من نهضة وتقدم تقني وعلمي مبهر للعقول، وهذا نشهده ونعيشه جميعاً فبعضهم انساق مع هذه الثورة العظيمة والنقلة النوعية العلمية الهائلة وبعضهم توقف مبهوراً بما يراه من تطور وبريق ولمعان بهذه الآلة الإعلامية والإعلانية المتطورة في العالم وكأنه يعيش في عالم الخيال والأحلام ولم يستيقظ من هذا الحلم الجميل كحال الأمة العربية وبعض بلدان المسلمين للأسف الشديد.

ولكن هذا التقدم والتطور العلمي أنسى الناس تحت القصف الإعلامي الكبير القيمة والروح والأخلاق والفضيلة، كما أن الحقوق كلها سُحقت تحت سلاسل المجنزرات المتطورة حيث فرضت القوة منطقها فساد الفساد في كل شيء قيمي وأخلاقي لأن القوي لا يرى بالمنطق إلا سلاحاً بيد الضعفاء يواجهون به الأقوياء ولذا راحوا يقتلون القيم الإنسانية في الأفراد، والفضائل الأخلاقية في المجتمعات، ليسهل عليهم الهيمنة والسيطرة على الشعوب والأمم، ومؤخراً راحوا يسنُّون القوانين الحاكمة لكل شيء يريدونه لتكون حمايته باسم القانون وحتى لو كان شاذاً ومرضياً وخارجاً عن كل الأعراف والقيم وحتى الإنسانية، كما حاولوا أن يشيعوا ويشرعوا قوانين للمثليين والجندر والجنس الثالث ووغير ذلك من قوانين خارجة عن الفطرة السليمة والذوق السوي.

فأفسد هؤلاء الحياة بالممارسات الإجرامية الشيطانية وعندما لم يجدوا رادعاً ولا مانعاً راحوا يفرضوا الشذوذ والمرض والتحلل القيمي والأخلاقي على شعوب الأرض الديني منها والدنيوي وكان حظ هذه الأمة الإسلامية حظ الأسد من الحروب والمشاكل لأنها تتمتع بتلك الحصانة الربانية لقيمها وهي من قيم السماء التي تنبع من الفطرة السليمة والضمير الحي، فكيف نتخلى عنها ونستسلم لتلك المفاسد التي يأباها الحيوانات في الغابات، فنهضت الأمة الإسلامية بكل أطيافها لحماية نفسها وأجيالها من هذا البلاء الذي أتاها كالسيل الهادر يهدد وجودها وحياة أجيالها، وقام أهل الفكر ينادون ويناشدون أهل العقل والبصيرة في الأمة كما فعل الإمام الشيرازي الراحل (قدس سره) خلال عمره المبارك وهو الذي أفنى أكثر من نصف قرن يكتب ويؤلف وينشر ويبلِّغ ويحاول أن يُنهض المسلمين بالقول والعمل وكل وسيلة متاحة أمامه، فهو سلطان المؤلفين، ومرجع من مراجع الدِّين الذين سبقوا زمانهم بقرنين كما قال بحقه أحد المراجع الكرام وهو السيد المرعشي النجفي الذي كان يقول عنه: "إن الدنيا لم تعرف السيد الشيرازي ولن تعرفه إلا بعد مئتي عام"، وذلك لسعة أفقه وبعد مراميه الفكرية.

حيث قضى عمره الشريف وهو يكتب ويؤلف في الفقه حيث كتب أكبر وأوسع موسوعة فقهية حتى الآن ربما تجاوزت 150 مجلداً التي أبرز فيها كل أبواب الفقه التي لا تخطر على بال غيره من العلماء والطلاب، وكم فاجأني حينما صدر كتاب القانون، والبيئة، والمرور، والسلم، وقبلها السياسة والاجتماع والاقتصاد والدولة وقرأتها كلها في حينها وقلت لبعض الأخوة انشروا هذه القوانين والنظريات في العالم حتى يعلم الناس عظمة الإسلام وأنه فعلاً دين شامل وكامل ولا يحتاج لأحد بل هو جدير بأن يحكم العالم بما لديه من هذه المنظومة القيمية الراقية جداً في كل مناحي الحياة الإنسانية وتعالج الكثير من الأزمات والمشاكل المستعصية في العالم كله، وكم كان الحديث الوارد عن الإمام الصادق (عليه السلام) يحكي عن عين الحقيقة الواقعية اليوم حيث يقول: (مَا يَكُونُ هَذَا اَلْأَمْرُ (ظهور الإمام المهدي) حَتَّى لاَ يَبْقَى صِنْفٌ مِنَ اَلنَّاسِ إِلاَّ وَقَدْ وُلُّوا (حكموا) عَلَى اَلنَّاسِ حَتَّى لاَ يَقُولَ قَائِلٌ: إِنَّا لَوْ وُلِّينَا لَعَدَلْنَا، ثُمَّ يَقُومُ اَلْقَائِمُ بِالْحَقِّ وَاَلْعَدْلِ). (الغيبة للنعمانی: ج۱ ص۲۷4)

ففي هذا العصر جرَّب كل الناس والأمم والشعوب أفكارهم وكل منهم وصل إلى الحكم ليطرح أفكاره ويؤسس دولته ويرى كيف يحكم وكم من العدل يحقق وكم من القسط ينشر بين الناس، والأزمات في كل يوم تزداد والمشاكل تكثر وتستعصي على الحل لأنهم يدورون في حلقة مفرغة لا يدرون ما يفعلون حيالها، والحل بسيط جداً ويكمن في التشريع الرباني السماوي عند الإسلام والمسلمين من أتباع سيد المرسلين وأهل بيته الطاهرين دون غيرهم، لأنه هم الذين تمسَّكوا بالثقلين العاصمين لهم من الفرقة والاختلاف والضلال والتناحر على الدنيا والحطام، وهذا ما جعلهم في مرمى سهام كل أحزاب الشرك الشرقي والكفر الغربي والنفاق الإسلامي، حيث يريد الجميع أن يحاربهم ويتخلَّص منهم، ولا ذنب لهم إلا تمسُّكهم بما أمر الله ورسوله الكريم به من الثقلين.

الكفر أمة واحدة

قال العلماء الأعلام من قديم الزمان: "الكفر والشرك أمة واحدة"، وفي هذا العصر ظهر جلياً صدق هذا القول وواقعية قول الرسول الأكرم (ص): (يُوشِكُ اَلْأُمَمُ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ تَدَاعَى اَلْأَكَلَةِ عَلَى قَصْعَتِهَا)، قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ: مِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: (بَلْ أَنْتُمْ كَثِيرٌ، وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ اَلسَّيْلِ، وَلَيَنْزِعَنَّ اَللَّهُ مِنْ عَدُوِّكُمُ اَلْمَهَابَةَ مِنْهُمْ وَلَيَقْذِفَنَّ فِي قُلُوبِكُمُ اَلْوَهْنَ)، قَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اَللَّهِ وَمَا اَلْوَهْنُ؟ قَالَ: (حُبُّ اَلدُّنْيَا وَكَرَاهِيَةُ اَلْمَوْتِ)، والأمة في هذا العصر ابتليت بأناس همَّهم الوحيد تشويه صورة الإسلام الراقية في عيون أبنائه أولاً ثم في عيون العالم أجمع ثانياً بما يقولونه ويفعلونه من جرائم سوَّدت وجوههم ووجوه التاريخ من بعدهم.

والعجيب أنهم استطاعوا أن ينفذوا ويدخلوا في صفوف الأمة كما نفذ عبد الله بن أبي بن سلول في مجتمع المدينة المنورة في صدر الإسلام، وهؤلاء الأشقياء عندما سكتت عنهم الأمة في بداية دخولهم تمسكنوا حت تمكنوا فقاموا بكل ما لديهم من مكر وكفر وخداع ونفاق وشرك وشيطان لحرب هذه الأمة من داخلها ويشقوا صفوفها منها بما أشاعوا من فتاوى التكفير والهجرة والجهاد والتهجير فيها وليس في أعدائها، فأذاقوا الأمة أنواع وأصناف العذاب والهوان والقتل والتفجير والتدمير وما زالوا يفعلون أفعالهم ويستعينون بأمة الكفر الغربية والشرك الشرقية والنفاق الإسلامية في ذلك، وكل ما يحدث ويجري في الأمة من تقتيل وتدمير بيد هؤلاء الأشقياء الذين عاثوا في الأرض فساداً وإفساداً والواقع المذري يشهد ولسنا بحاجة إلى أدلة على قولنا فها هي سوريا الجريحة المحتلة، وفلسطين المغتصبة وغزة المستباحة المحروقة ولا من أحد منهم تطرف له عين أو يهتزُّ له جفن وكل هذه الدماء البريئة تضج وتعج إلى الله من ظلم العدو الذي لا يرحم، والمنافق الذي لا يأبه.

كوارث الوهابية المجرمة

وكل ذلك كان في تلك الأزمنة السحيقة في التاريخ حيث عاش المخذول أحمد بن تيمية وأفكاره الكفرية والشركية التي حاول إشاعتها في الأمة ففشل في ذلك وسُجن وقُتل وهو في سجنه، ولكن في العصور المتأخرة جاء الشيطان من قرنه في أرض نجد التي هي منبع ومنجم الشياطين رجل يقال له: محمد بن عبد الوهاب وأخذ كتب ابن تيمية وتبناها بحذافيرها وأضاف عليها ما أمره به أسياده من الأقبية السوداء في المخابرات البريطانية حيث كان يتربص به ويعلِّمه ويلقِّنه (المستر همفر) كل شيء، ويلقنه كل فتوى في سبيل تكفير الأمة الإسلامية وإخراجها من دينها أفواجاً، ودعمه بكل أنواع السلاح والعتاد والرجال في سبيل تمكينه وسيطرته على الحجاز لأنهم اقتنعوا بأنهم إذا لم يبسطوا سيطرتهم على أرض الوحي والحضارة فإنهم لن يفلحوا في محاربتهم للإسلام والمسلمين لأن هذا الدِّين متين ولا يمكن محاربته من الخارج بل يجب تفجيره ومحاربته من الداخل وهكذا فعلوا بالوهابية وهي حركة سياسية بحتة لا علاقة لها بالدِّين أصلاً بل هي صنو وشقيقة الصهيونية العالمية فكيف قبلت بهم الأمة وسمَّتهم مسلمين ومذهب لست أدري فعلاً؟

كارثة بقيع الغرقد

وفي هذا الطريق جاءت كارثة بقيع الغرقد، حيث قام أزلام ذلك الرجل الفتَّان المجرم محمد بن سعود وبفتاوى محمد بن عبد الوهاب باحتلال مكة المكرمة، والمدينة المنورة، ولما أحكموا سيطرتهم على المدينة رأوا أنهم لا يمكن أن يسيطروا عليها وفيها تلك القباب النورانية التي تهدي الأجيال، وهي لأئمة المسلمين جميعاً (الإمام الحسن المجتبى السبط الأكبر، وعلي زين العابدين، والباقر والصادق (صلوات الله عليهم جميعاً) وهؤلاء منارات علم وأنوار ضياء وهداية فكيف سيعم الظلام وأنوارهم مشتعلة فحاولوا طمسهم وإطفاء أنوارهم فقاموا في مثل يوم (8 شوال 1344ه) بالهجوم على تلك الأضرحة الشريفة وما عليها من القباب المنيفة فدمروها بعد أن سرقوا كل شيء فيها، ولم يتركوها حتى سووها في الأرض ومن ثم منعوا المسلمين من زيارتها، وحتى النظر إليها أو الوقوف عندها إمعاناً منهم في محاربة الله ورسوله وأهل بيته الأطهار (عليهم السلام).

ولكن إلى متى تستمرُّ هذه الكارثة وقد مضى عليها قرن من الزمن أما آن لهذا البقيع المظلوم المهدَّم أن ينهض ويرتفع له مناراته وتزين المدينة قبته الشريف التي ستكون مقابلة ومناجية للقبة الخضراء لجدِّهم أبي الزهراء (ع)، ثم يسمح هؤلاء بالزيارة لأفراد هذه الأمة المؤمنة التي تتطلع للحج والزيارة بكل لهفة وشوق ومحبة ولكن بحرية مطلقة وراحة كاملة لهم دون تكفير، أو شتائم، أو تفسيق من هؤلاء الأعراب الجهلاء؟

فالبقيع لنا فيه أربعة أئمة وليسوا حكراً علينا نحن محبوهم وشيعتهم فهم من أئمة المسلمين بشهادة التاريخ والأحاديث وحتى واقع المسلمين، ولكن فيه أيضاً قبور الكثير من المؤمنين والمسلمين الأوائل من الصحابة وهي المقبرة التي أمر الله رسوله الكريم قبل وفاته بأن يزورهم ويستغفر لهم، حتى قال: (لِيَهْنِكُمْ مَا أَصْبَحْتُمْ فِيهِ أَقْبَلَتِ اَلْفِتَنُ كَقِطَعِ اَللَّيْلِ اَلْمُظْلِمِ يَتْبَعُ آخِرُهَا أَوَّلَهَا اَلْآخِرَةُ شَرٌّ مِنَ اَلْأُولَى). (بحار الأنوار: ج۲۱ ص4۰۹)

فالبقيع من أقدس بلاد المسلمين وأطهر أراضيهم ومقابرهم ويجب على الأمة الإسلامية أن تنهض وتضغط على الجناة بحقه وأن تحاول كفَّ أيديهم الآثمة عنه وأن تعيد بناؤه كما يليق وينبغي ووضع الحرمين الشريفين تحت إدارة إسلامية خاصة والسماح كل حاج أو معتمر أو زائر أن يقصد تلك البقاع النورانية ويؤدي عمله ويتقرَّب إلى الله بذلك، دون ضرب أو مطاردة أو ضغط من هؤلاء الجهلاء الأشقياء من أعراب قرن الشيطان.

صرخة حق عالية

بل على الأمة الإسلامية أن ترفع صوتها وصرختها العالية المدوية لتقول لهؤلاء كفوا أيديكم عن قبلتنا ومسجد رسولنا ودعونا نحج ونزوره متى شئنا فإننا نحج لبيت الله الحرام وليس إلى قصوركم وبيوتكم الفارهة فارفعوا أيديكم عن تلك البقاع والمعالم النورانية بل حتى عن الحرمين الشريفين فقد دنستموهما بأرجاسكم وأنجاسكم وما تفعلونه فيهما لا يليق بهما فدعوهما للأمة لتصونهما وتحفظ قدسيتهما وتكون إدارتهما تحت نظر الأمة الإسلامية جمعاء ويكون ريع ذلك في خدمة الحجيج ورفاهيتهم وليس يصب في جيوب الحكام والسلاطين ليهدوها راغمين إلى سادتهم من طغاة العالم المستكبر كما نرى ونسمع ونبكي ونعجب في هذا الزمن الأغبر.

فصرخة الأمة يجب أن تكون جادة وعالية في وجه الوهابية الكالح الذي ظهر على حقيقته وتبعيته لبني صهيون وخضوعهم لسياسة الاستكبار العالمي وهذا ما صرَّح به رأس السلطة الحاكم في بلاد الحجاز، فآن الأوان لرفع هذه الظلامة الكارثية الدامية عن بقيع الغرقد ليُعاد بناؤه كما يجب وينبغي ويحب أبناؤه البررة.

اضف تعليق