في زماننا هذا، لم يعد الشباب يكتفي بارتداء السراويل الممزقة والاستماع إلى الأغاني التي تجعل القطط تهاجر من الحي، بل قرر بعضهم أن يعلن الحرب على الإيمان نفسه، كأنه آخر صيحة في الموضة! وفي المقابل، لم يجد كبار القوم سوى طريقة واحدة للرد: التعصب، وهو ما يمكن وصفه بأنه "الرد التلقائي عند انتهاء الرصيد"!...

في زماننا هذا، لم يعد الشباب يكتفي بارتداء السراويل الممزقة والاستماع إلى الأغاني التي تجعل القطط تهاجر من الحي، بل قرر بعضهم أن يعلن الحرب على الإيمان نفسه، كأنه آخر صيحة في الموضة! وفي المقابل، لم يجد كبار القوم سوى طريقة واحدة للرد: التعصب، وهو ما يمكن وصفه بأنه "الرد التلقائي عند انتهاء الرصيد"!

الشباب وموضة الإلحاد

في الماضي، كان الشاب يدخل البيت متأخرًا فيسأله والده: "أين كنت؟"، فيرد: "كنت عند صديقي نذاكر"، فيرد الأب بحكمة: "أنت كاذب!"، ثم يمضي النقاش في اتجاه مأساوي. اليوم، يعود الشاب متأخرًا، فيسأله والده: "أين كنت؟"، فيرد بثقة: "كنت أفكر في عبثية الوجود"، فيصرخ الأب: "يا للهول!" ويغمى عليه فورًا.

الإلحاد عند بعض الشباب صار مثل الاشتراك في نادٍ رياضي: لا بد أن تعلن عنه في كل مناسبة وإلا فلن تحصل على الفوائد المرجوة. تجده يتحدث عن الكون بنظرة عبقرية، رغم أنه بالكاد يستطيع تسديد فاتورة الكهرباء. وحين تسأله: "حسنًا، أيها العبقري، إن لم يكن هناك إله، فمن خلق الكون؟"، يرد بثقة زائفة: "الطاقة، يا سيدي!"، وكأن الطاقة كانت تجلس تحت شجرة وتقول: "لمَ لا نخلق كوكبًا اليوم؟"

اصحاب المسؤولية ومقاومة التطور

في المقابل، تجد بعض اصحاب المسؤولية الاجتماعية المحافظين لا يزالون مقتنعين بأن الإنترنت مؤامرة، وأن وسائل التواصل الاجتماعي اختراع شيطاني هدفه جر الناس إلى الضلال، مع أن أغلبهم يمتلك صفحات عليها لمقاومة هذا الضلال، بطريقة تشبه محاولة إطفاء النار بإلقاء مزيد من البنزين عليها!

لا يتقبل بعضهم أي نقاش. فإذا جاء شاب يسأل عن وجود الله، يرد الرجل المحافظ بمنتهى البساطة: "أنت كافر، ونحن لا نناقش الكفار!".

الحلقة المفرغة

وهكذا، نبقى نحن في حلقة مفرغة بين شباب يظن أن الإلحاد هو الحل لمشكلة الفقر والبطالة، والمحافظين يعتقدون أن أي سؤال هو تمهيد لمؤامرة كونية ضدهم شخصيًا. والنتيجة؟ مشاجرات على مواقع التواصل، محاضرات لا يسمعها أحد، ونهاية الحوار دوماً بجملة: "سأتركك تفكر!"، وهي الترجمة الدبلوماسية لـ "ليس لدي وقت لك!".

في النهاية، ربما لو أدرك الطرفان أن المشكلة ليست في الإيمان أو الإلحاد بقدر ما هي في البحث عن معنى للحياة وسط هذا الكم من الفواتير غير المدفوعة، والمواصلات التي تحتاج إلى دعاء خاص، والسياسة التي تذكرك بلعبة "الثعبان والسلم"، لكنا قد قطعنا نصف الطريق لحل الأزمة. لكن حتى يحدث ذلك، دعونا نستمتع بالمشاهد الكوميدية بين فريق "الطاقة" وفريق "أنت كافر"، ونحاول فقط ألا ننسى دفع فاتورة الكهرباء، حتى لا تختفي "الطاقة" فجأة!

اضف تعليق