خطوة استراتيجية نحو الطاقة النظيفة ومن المؤمّل ان يعمّم على جميع محافظات العراق الامر الذي سيقلّل من نقص التجهيز الذي يعاني منه العراق على مر السنوات، من خلال منح الفرص الاستثمارية لإنشاء مثل هذه المشاريع التي تدعم الطاقة النظيفة من جهة، وتقلّل الاعتماد على الغاز المستورد من جهة...

بالرغم من محدودية التفاعل الجماهيري مع ملف الطاقة المتجددة والنظيفة خاصة الطاقة الشمسية منها، وعلائم الاحباط التي يبثّها بعض “المختصين“ في هذا الملف، من ان ملف الطاقة الشمسية هو موضوع غير مربح ويحتاج الى امكانات مادية كبيرة والى وقت طويل وانه يفيد في النهار فقط.

 الاّ ان الحكومة العراقية ومن باب (رب ضارة نافعة) ارتأت ان تتسابق مع الزمن وتعمل ضمن امكاناتها المادية والفنية واللوجستية والاعلامية المحدودة -على خلفية احتمال ان تضطر ايران الى قطع امدادات الغاز الذي يغذّي الكثير من محطات توليد الطاقة الكهربائية في العراق بل معظمها وذلك بسبب سياسة (اقصى العقوبات) التي تنتهجها ادارة الرئيس الامريكي ترمب ضد ايران وسعيا منها في تصفير امكاناتها المادية- لذا يتحتم على الحكومة العراقية ان تزرع البذرة الاولى في التعاطي مع هذا الملف الحيوي والحرج ولكي لاتكون في موقف لاتحسد عليه امام شعبها خاصة في الصيف القائظ.

 تبدأ القصة من البصرة الفيحاء بمشروع سمّي بـ (شمس البصرة) والذي يعدّ أكبر مشروع للطاقة الشمسية في العراق وتشرف وزارة الكهرباء الاتحادية على تنفيذه والذي يمثّل خطوة استراتيجية نحو تقليل الاعتماد على الوقود المستورد وتعزيز أمن الطاقة في البلاد اذ يهدف المشروع الذي يمتد على مساحة 9000 دونم في صحراء البصرة إلى إنتاج 1000 ميجاوات من الكهرباء النظيفة من خلال تركيب مليوني لوح شمسي موزعة على أربع وحدات توليدية بواقع 250 ميجاوات لكل وحدة، وهو أكبر مشروع للطاقة الشمسية في البلاد.

 وذلك بالتعاون مع شركة توتال إنرجيز TotalEnergies الفرنسية. وهو خطوة استراتيجية نحو الطاقة النظيفة ومن المؤمّل ان يعمّم على جميع محافظات العراق الامر الذي سيقلّل من نقص التجهيز الذي يعاني منه العراق على مر السنوات، من خلال منح الفرص الاستثمارية لإنشاء مثل هذه المشاريع التي تدعم الطاقة النظيفة من جهة، وتقلّل الاعتماد على الغاز المستورد من جهة أخرى، ومن اجل التخلص نهائيا من معضلة استيراد الغاز والطاقة الكهربائية خاصة من دول الجوار لاسيما ايران التي بقي ملف الكهرباء تحت رحمة مزاج الحكومة الايرانية طيلة العقود الماضية.

 والمفروض ان يتوجّه العراق الى تغيير سياسته الكهربائية، والحل هو إمّا بتنويع مصادر الاستيراد او بإيجاد بدائل اخرى معتمدة للطاقة كالطاقة الشمسية وهي حلول يبدو متأخرة نوعا ما. 

ولكن ان تصل متأخرا خيرا لك من ان لا تصل ابدا كما يقول المثل والبركة في شمس العراق التي قد يكون فيها الحل وان كان مؤقتا، ولكي يكون العراق بمنأى عن المهاترات والمناكفات (والعداوات ايضا) الدولية والاقليمية من التي ليس للعراق فيها ناقة او جمل والتي تحول دون امتلاكه لفرص الطاقة المستديمة كما يحدث الان بين امريكا وايران حين قرر الرئيس ترمب الغاء الاعفاء الممنوح للعراق من ايران كعقوبة لها والعراق هو من يدفع الثمن.

اضف تعليق