ناهيك عن الضربة الموجعة التي المّت بايران بعد سقوط النظام السوري وهو الطرف الاكثر فاعلية في هذا المحور وتخلي روسيا عن ايران لان روسيا فضّلت مصالحها الجيبولوتيكية والقومية على التحالف مع طرف خاسر او قد يخسر ومعرّض في اية لحظة الى هجوم اسرائيلي ـ امريكي كاسح خاصة برنامجها النووي...
بعد فوز الرئيس الجمهوري ترمب بولاية ثانية ليكون الرئيس السابع والاربعين للولايات المتحدة الامريكية وانتهاجه سياسة اقصى الضغوطات ضد ايران تنفيذا لجزء من وعوده الانتخابية فيما يخص سياسته الخارجية ولم تكن تلك السياسة مفاجئة لاحد، فقد سبق ان انتهجها ترمب في ولايته الاولى او بما يقاربها، والهدف منها حسب ماتشي به تصريحات ترمب وكبار اعضاء ادارته هو الضغط على ايران من اجل تحجيم برنامجها النووي والحد من طموحها في تطوير اسلحتها الصاروخية كالصواريخ البالستية بعيدة المدى وبرامج التسليح التقليدية المتقدمة فضلا عن المسيّرات.
يضاف الى كل ذلك تفتيت محور المقاومة التي تتزعمه ايران وعزلها عن اذرعها في هذا المحور (غزة ولبنان وسوريا والعراق واليمن) بعد التغيرات التي حصلت في المناخ الجيوسياسي في الشرق الاوسط ورجحان كفة اسرائيل في حربها التي شنتها اثر التداعيات التي نجمت عن عملية طوفان الاقصى، لاسيما بعد خروج حزب الله ومقتل قائده السيد حسن نصر الله من معادلة الصراع اضافة الى مقتل الالاف من عناصر هذا الحزب.
ناهيك عن الضربة الموجعة التي المّت بايران بعد سقوط النظام السوري وهو الطرف الاكثر فاعلية في هذا المحور وتخلي روسيا عن ايران لان روسيا فضّلت مصالحها الجيبولوتيكية والقومية على التحالف مع طرف خاسر او قد يخسر ومعرّض في اية لحظة الى هجوم اسرائيلي ـ امريكي كاسح خاصة برنامجها النووي ناهيك عن العقوبات الاقتصادية الموجعة، الامر الذي سيعرّض المنطقة بحرب شاملة لاتبقي ولاتذر، ويكفي لروسيا انشغالها المدمّر بحرب اوكرانيا التي استنزفتها كثيرا في الارواح والمعدات والاموال.
من جانبها ايران متمثلة بالمرشد الاعلى اية الله خامنئي مع بقية افراد طاقم الحكومة الايرانية مازالوا متمسكين بذات النهج الراديكالي (الثوري) والذي سارت عليه الحكومة الايرانية متناسية ان المناخ الجيوسياسي الدولي والاقليمي حاليا يختلف عن المناخ الجيوسياسي الذي رافق قيام الثورة الاسلامية 1979بقيادة اية الله الخميني وتشكيل الجمهورية الاسلامية فيها، فقد انتهى زمن الشعارات الحماسية والطروحات الثورية وتعبئة الجماهير تحت شعار (الموت لامريكا) ومعادة الغرب (الكافر) فقد ولّى هذا الزمان.
وينطبق هذا المعيار على امريكا ايضا التي كانت وماتزال تتعامل مع الشعوب باسلوب فوقي/ انتقائي وتنظر اليها نظرة دونية واستحقار ايضا، وقد دفعت الكثير من الشعوب المبتلاة بالعنجهية الأمريكية وسياستها الاستعمارية والامبريالية الفجّة (ومنها العراق) الذي تم احتلاله في وضح النهار بحجة وجود اسلحة الدمار الشامل وقد دحضت جميع الشواهد والقرائن التي افرزها الواقع المعاش تلك الاكاذيب الامريكية، ومايزال العراق يعاني من الاخطاء الاستراتيجية التي وقعت فيها الادارة الامريكية (جمهورية كانت او ديمقراطية).
وبالرجوع الى الوراء وحين اشتدت المهاترات بين الطرفين امريكا وايران يتذكر العالم اتفاقية الاطار (5 +واحد) بين ايران والغرب كيف ان العالم ومنه منطقة الشرق الاوسط قد التقط انفاسه وذلك في عهد الرئيس الديمقراطي الاسبق اوباما، ويقاس على ذلك نجاح واسطة العراق في لمّ الشمل بين ايران والسعودية العدويين اللدودين والجارين الكبيرين، جرى ذلك وسط اتبّاع سياسة التعقّل الاستراتيجي والحكمة والتاني ومراعاة المصالح القومية والمنطقة ولشعوبهما في الدرجة الاساس.
كان الاولى والاجدر بكلا الطرفين (امريكا وايران) التروّي والتعقّل إن كانا حريصين على ادامة السلام بينهما لشعبيهما في الأقل وعلى السلم العالمي عامة الركون الى طاولة المفاوضات والتنازل ولو قليلا عن سقوف المطالب العالية او التعجيزية، ولكن يبدو ان هذا المطلب بعيد في ظل عدم الثقة المطروحة بينهما خاصة بعد النتائج المؤسفة التي تمخّضت عنها زيارة الرئيس الاوكراني الى البيت الابيض ولقائه ترمب.
ويبدو ان الجانب الإيراني لايريد تكرار ذات السيناريو المخجل اذ يرى فيه مضيعة للوقت واهدارا للكرامة وترى فيه سيناريو مكررا للإملاءات الامريكية التي يراها انها مهينة وكما عبّر عن ذلك المرشد الاعلى خامنئي تحدّيا لترمب (فليفعل مايشاء) وكلا الطرفين يتحملان مغّبة اندلاع حرب ضروس تطيح بما تبقى من السلم الدولي تعيد الى الذاكرة اجواء الحرب الباردة.
اضف تعليق