الدولتان اللتان تمتلكان علاقات متميزة من الولايات المتحدة الامريكية وفي نفس الوقت يمتلكان ادبيات في ضبط هذه العلاقة وان لا تتجاوز حدود التفريط بمصالح الشعوب العربية واهمها حقوق الشعب الفلسطيني وهذا فعلاً ما تجسد في الكثير من المواقف التي صدرت منهما ولكن في بعض الاحيان القارئ ربما لاينظر بعينين...

دائماً ما تحاول القمم التي عُقدت سابقاً أن توازن بين مواقفها الرسمية وبين موقفها من الادارة الامريكية، في محاولة لضبط إيقاع العلاقة بينهما وما يحقق النتائج الايجابية وتصب في مصالح الشعوب العربية، ومن اهم الدول التي قدمت نفسها فداءً لواشنطن هما الاردن ومصر التي وضعت نفسهما في موقف لاتحسدان عليه.

 فهما الدولتان اللتان تمتلكان علاقات متميزة من الولايات المتحدة الامريكية وفي نفس الوقت يمتلكان ادبيات في ضبط هذه العلاقة وان لا تتجاوز حدود التفريط بمصالح الشعوب العربية واهمها حقوق الشعب الفلسطيني وهذا فعلاً ما تجسد في الكثير من المواقف التي صدرت منهما ولكن في بعض الاحيان القارئ ربما لاينظر بعينين مفتوحتين الى هذه المواقف.

الزيارة الاخيرة لملك المملكة الاردنية الهاشمية الى البيت الابيض والتي استطاع ان يتحكم بهذا اللقاء، دون ان يقم تنازلاً واحداً لتهجير الفلسطينيين الى مصر والاردن، فجلوس الملك عبدالله والذي بدا غير مرتاح في الزيارة الأخيرة بينما تحدث السيد ترامب عن خطته لطرد مليوني شخص من سكان غزة إلى مصر والأردن ووجه تهديدًا مبطنًا بقطع ما يقرب من 1.5 مليار دولار من المساعدات الأمريكية السنوية للأردن.

مصر والأردن اللذان يكافحان من أجل تقديم أنفسهما كأداة مفيدة لترامب، ليس بإمكانهم تقديم وعد بالاستقرار في منطقة تم قلبها رأساً على عقب من قبل واشنطن وحلفيتها اسرائيل، ولسنوات طوال وصف المسؤولون الأمريكيون حكام مصر والأردن بأنهم ركائز الاستقرار الإقليمي في المنطقة، اذ كان لهم الدور في صنع السلام مع إسرائيل في الأعوام 1979 و 1994، حيث تجنب هؤلاء القادة الحروب والانقلابات والثورات في الغالب ولقد حافظوا على استقرار بلديهم عندما انزلق جيرانهم إلى الفوضى.

الواقع أن هذا التحول المفاجئ في السياسة الامريكية يرجع جزئيا إلى أسلوب ترامب الذي يحب الضغط على الحلفاء، فمصر والاردن ليستا ككندا فهما لا يمتلكان اقتصادا قويا وليس لهما نفوذ، فالتجارة الثنائية بينهما لا تتجاوز 9 مليارات دولار سنويا مع مصر و5 مليارات دولار مع الأردن وهما من الدول لا تستطيعان تقديم استثمارات كما انهما دولتان محرومتان من الموارد الطبيعية.

مصر تمنح السفن الحربية الأميركية معاملة تفضيلية عندما تحتاج إلى عبور قناة السويس كما أن الأردن انضمت إلى التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة لمحاربة داعش، وان ما تقدمه مصر لأميركا في الغالب هو الوعد بأن الأمور ستكون أسوأ من دونها، وينبغي ان يكون لها دور رئيسي ومحوري في أي مباحثات قادمة بين الإسرائيليين والفلسطينيين وعلى أساس احترام إرادته بالعيش بأرضه، فمصر والأردن تقاتلان لإيجاد قيمتهما الخاصة وهما تعملان مع دول الخليج الغنية لصياغة خطة لإعادة الإعمار والحكم في غزة بعد الحرب.

المملكة العربية السعودية تشعر انها افضل حالا من مصر والأردن، وقد تفوت على ترامب حصوله على جائزة نوبل، إذا لم يجد طريقاً للسلام في غزة وعلى أساس عودة اهلها، فالسعوديون اختاروا طريقا لتخفيف الضغط وهو مساعدة أميركا في جوانب أخرى من سياستها الخارجية والتوسط في محادثاتها مع روسيا هذا الشهر وربما في المستقبل مع إيران.

الوضع الراهن في المنطقة يعاني انقلاباً واضحاً الآن وهذا يشير إلى تغيير أعمق في السياسة الأمريكية، وهو التغيير الذي سيستمر بعد ترامب وسيتعين على الدول العربية التكيف مع واقع جديد حيث لم يعد ينظر الى الجمود على انه ميزة، إذا لم يكن هناك موقف عربي واضح من اندفاعات واشنطن في المنطقة.

اضف تعليق