إضعاف سلطات الاكراه المستقلة أو جعلها تحت إشراف فعال يضمن أن الشعب يظل هو المصدر الرئيسي للسلطة، إذا تم تهميش الشعب أو تقليص قدرته على المشاركة في صنع القرار، فإن ذلك يؤدي إلى تقليص الديمقراطية وتفاقم التهميش السياسي، مما يضعف في النهاية قدرة الدولة على تحقيق العدالة والازدهار...
يقول تشارلز تيللي في كتابه المهم "الديمقراطية " (٢٠٠٧، الترجمة العربية ٢٠١٠): "إن إضعاف مراكز سلطة القرار ذات الاستقلال الذاتي يؤدي إلى زيادة نفوذ الناس العاديين في السياسة العامة وتنامي الإشراف وتنامي اشراف السياسة العامة على أداء الدولة. (ص ٣١٨). والعكس سلبا يصح بطبيعة الحال.
إذا تم تكوين او ظهور مراكز سلطات مستقلة عن الدولة تملك القدرة على فرض سلطات أكراه، فقد تؤدي إلى تقليص المساحة المتاحة للمشاركة الشعبية الحقيقية في السياسة العامة، وتضعف قدرة الناس العاديين على التأثير الفعلي في عملية اتخاذ القرار.
كيف تضعف سلطات الاكراه المستقلة من المشاركة الشعبية؟
1. تقليص المساحة الديمقراطية:
عندما تملك هذه المراكز سلطات أكراه دون إشراف مناسب، فإنها قد تستخدم قوتها لتقييد حرية التعبير، التضييق على المعارضة، وتحد من قدرة المواطنين العاديين على التعبير عن آرائهم أو حتى تنظيم احتجاجات سلمية. وهذا يجعل من الصعب على الشعب أن يمارس تأثيرًا حقيقيًا في السياسة العامة.
2. نقص الشفافية والمساءلة:
غالبًا ما تتمتع مراكز سلطات الاكراه بالاستقلالية من حيث عدم وجود رقابة فعالة. هذا الاستقلال يمكن أن يخلق بيئة غير شفافة حيث يتم اتخاذ القرارات بعيدًا عن أعين الجمهور، مما يؤدي إلى نقص في المساءلة. في حال حدوث تجاوزات أو انتهاكات من قبل هذه الهيئات، يصبح من الصعب محاسبتها بشكل فعال.
3. التفرقة بين السلطة والشعب:
عندما تتعزز قوة مراكز سلطات الاكراه، قد يتزايد الفارق بين السلطة السياسية والشعب، مما يؤدي إلى تهميش المواطن العادي. في هذه الحالة، تصبح السلطة في يد أفراد أو مؤسسات عسكرية وأمنية تبتعد عن احتياجات المواطنين وتطلعاتهم، مما يقلل من تأثيرهم في السياسة العامة.
المشاركة الشعبية هي من الأسس الديمقراطية التي تسعى إلى ضمان أن يتم سماع أصوات المواطنين في القضايا التي تؤثر على حياتهم. في الدول التي تظهر فيها سلطات أكراه مستقلة، قد تتضاءل قدرة الناس العاديين على المساهمة في اتخاذ القرار السياسي. فبدلاً من وجود مؤسسات سياسية تشارك فيها كافة فئات المجتمع، تصبح بعض قرارات السياسة العامة بيد قلة ممن يمتلكون القوة العسكرية أو الأمنية.
الحلول الممكنة:
1. تفعيل الرقابة الديمقراطية:
يجب أن تكون هناك آليات رقابية تضمن أن السلطات المستقلة لا تتجاوز حدودها. إن الرقابة الشعبية أو البرلمانية، سواء من خلال الانتخابات أو وسائل الإعلام الحرة، يمكن أن تساهم في إضفاء الشفافية على هذه المؤسسات.
2. تعزيز الثقافة السياسية:
من المهم أن تكون هناك جهود توعية للمواطنين حول دورهم في العملية السياسية. لا يجب أن تقتصر المشاركة على الانتخابات فقط، بل يجب أن تشمل التفاعل مع السياسة اليومية من خلال منظمات المجتمع المدني، اللجان الشعبية، والنقابات المهنية.
3. إعادة تعريف العلاقة بين القوة السياسية والشعب:
يجب أن يتم التأكيد على أن مؤسسات الدولة يجب أن تخدم المواطنين، وأن الشعب هو صاحب السلطة العليا في تقرير مصيره. وهذا يتطلب إعادة هيكلة العلاقة بين الدولة مع المجتمع المدني.
في الختام، إضعاف سلطات الاكراه المستقلة أو جعلها تحت إشراف فعال يضمن أن الشعب يظل هو المصدر الرئيسي للسلطة. إذا تم تهميش الشعب أو تقليص قدرته على المشاركة في صنع القرار، فإن ذلك يؤدي إلى تقليص الديمقراطية وتفاقم التهميش السياسي، مما يضعف في النهاية قدرة الدولة على تحقيق العدالة والازدهار.
اضف تعليق