قاعدة رصينة مبنية على الديمقراطية التي يديرها الرأي العام. المسؤولية الملقاة على العقلاء النخب هي كيفية إدارة الرأي العالم والتأثير عليه كي لا يتجه نحو الشعبوية بكل اتجاهاته اليمينية واليسارية التي تنتج الكوارث الكبرى. فمسؤولية ما حصل من كوارث ملقاة بالدرجة الأولى على العقلاء الذين تركوا الساحة مسرحا للمجانين...

ماهي الأسباب التي أدت إلى تصاعد الصراعات الخطيرة وتجاهل الكوارث الكبرى التي انتجتها؟ وكيف يمكن أن يشكل العقلاء عالما بلا نزاعات يسوده التعايش والتفاهم والتعاون؟

غلبة الانفعالات والعواطف الآنية على المنطق والتفكير الهادئ السليم؛ تؤدي إلى أن يتحول الحق إلى باطل والباطل إلى حق سواء كان ذلك في الوسيلة أو الهدف. 

مثلا قد يهدف فرد أو فئة ما إلى بناء مدينة فاضلة، إلا ان الوسائل أو الطريقة غير سليمة، فتُنتهك الحرمات وتتجاوز الخطوط الحمراء. وليست الحركات المتطرفة واليمينية إلا نماذج لهذه الحالة. 

وهذا الأمر بدوره يؤدي إلى تصاعد الصراعات. وبما أن الممارسين يرون أحقيتهم فإن الحقيقة تختفي ولا تظهر، ليس لأن الحقيقة غير واضحة وإنما لأن الأفراد وضعوا على أعينهم نظارات الخداع كي لا يروا الحقيقة. مَثَلهم كمَثَل الذي لا يرفع رأسه لرؤية هلال شهر رمضان لكي لا يصوم محتجا بآية "فمن شهد منكم الشهر فليصمه" فأنا لم أر الهلال فلا يجب عليّ الصوم!!.

وفي هكذا حال ستتبخر جميع الاستدلالات والبراهين العلمية، ذلك لأنَّهم قد عطلوا المباني العلمية واتخذوا الجهل أو التجاهل مبنى وأساسا للتفكير!

وفي هذا الوادي يقول أحد الفلاسفة: "قد نحتاج إلى لحظات من الجنون لنواصل الحياة بلا انتحار، لأن العالم فوضوي لا يطاق"، إلا أن هذا الشعار حينما يتحول إلى أساس ثابت فإن تلك اللحظات تتحول إلى سياسة دائمة كما هو الواقع الآن عند بعض الساسة الجدد!. 

فيواصلون الجنون في كل لحظة وآن فتصدر منهم قرارات بعيدة عن العقل والمنطق لعلاج الأزمات! 

وفيما يرتبط بإمكانية أن يشكل العقلاء عالم بلا نزاعات يسوده التعايش والتفاهم والتعاون، فإنه من المؤكد أن هذه الحالة المشار إليها لا يمكن أن تستمر، ذلك لأنه "لا يصح إلا الصحيح" والقاعدة الحاكمة على الدول العظمى هي قاعدة رصينة ومبنية على الديمقراطية التي يديرها الرأي العام. 

من هنا فإن المسؤولية الملقاة على العقلاء النخب هي كيفية إدارة الرأي العالم والتأثير عليه كي لا يتجه نحو "الشعبوية" Populism بكل اتجاهاته اليمينية واليسارية التي تنتج الكوارث الكبرى.

فمسؤولية ما حصل من كوارث ملقاة بالدرجة الأولى على العقلاء الذين تركوا الساحة مسرحا للمجانين.

* مداخلة مقدمة الى الجلسة الحوارية التي عقدها مركز الامام الشيرازي للدراسات والبحوث تحت عنوان: (مصير النظام الدولي بين عالم العقلاء وعالم المجانين)

اضف تعليق