كيف سيكون اليوم التالي في غزة؟ وهذا أمر آخر يؤرق اليمين في الكيان الصهيوني وفي مقدمته نتنياهو، الذي يرفض اطلالة هذا اليوم مرددا (لا حماس ولا عباس) ولكن للإدارة الأميركية رأيا آخر، فقد صرح وزير الخارجية الأميركي: بلينكن يجب أن تتولى السلطة الفلسطينية إدارة غزة، ولكن...

يعتقد الكثير من المحللين السياسيين، وهم يتحدثون عن إيقاف الحرب والهدنة والاتفاق في غزة والمكون من 3 مراحل، والذي دخل حيز التنفيذ يوم امس، بأنهم لا يثقون بنتنياهو في التزامه به، وهو الذي تملص من ايجاد الحلول ولمدة ١٥ شهرا من الحرب، اذ هو وافق تحت تأثير ضغط ترامب.

ورغم التوافق بين شخصيتي ترامب ونتنياهو الشعبويتين اليمينيتين، لكن تنقل وسائل الإعلام في حديث للرئيس الأميركي المنتخب في أحد أحاديثه لفريقه السياسي قوله (أنا انتخبت لأحقق أهداف أمريكا والدفاع عن مصالحها لا لأحقق احلام نتنياهو)، كما كان تراب قد وصف نتنياهو (بالتلاعب بالسياسة الخارجية الأمريكية وخوض حروب لا نهاية لها في الشرق الأوسط).

ومع أن حلفاءه يقدرون موقفه وما يتعرض له ضغوط كبيرة من الجانب الأميركي، إلا أنهم صعب عليهم احتفالات سكان غزة بنهاية الحرب، فضلا عن تصريحات بعض قيادات حماس، التي وصفت الاتفاق بأنه انتصار كبير لها.

ترامب يسعى لشرق أوسط هادئ يسوده السلام، وهذا ما يتعارض مع طموحات وتطلعات اليمين الصهيوني المتطرف الذي يرفض السلام، ولعل واحدة من أبرز العقبات أمام الاتفاق تتمثل في موقف شركاء نتنياهو في ائتلافه الحكومي، سموتريش وزير المالية، وبن غفير وزير الأمن القومي.

قد دعا سموتريش إلى عودة إسرائيل إلى الحرب من اجل تدمير حماس لتحقيق الأهداف الكاملة والنصر الكامل، بعد انتهاء المرحلة الأولى من الصفقة، وذلك كشرط لبقاء الحزب في الحكومة وفي الائتلاف، وأمام إصرار سموتريتش على شرطيه وهما تدمير حماس وعودة جميع المختطفين، وأمام موقف وزير الأمن القومي بن غفير، الذي دعا في وقت سابق من الأسبوع الماضي سموتريتش إلى الاستقالة من الحكومة إذا تمت الموافقة على الصفقة، وهو يضع الائتلاف الحاكم على حافة الهاوية. وهو ما جعل نتنياهو بين المطرقة الترامبية وتطلعات جمهور اليمين الصهيوني.

اذ صرح بن غفير أن الصفقة التي أجريت هي صفقة استسلام لحماس، وعلينا انا وصديقي سموتيتش ان نعمل ضد الصفقة لاني وحزبي غير قادرين على المواجهة لوحدنا. وعلينا أنا وسموتريتش أن نذهب لرئيس الحكومة وإبلاغه أننا سننسحب من الحكومة اذا أقر الصفقة. ومن هنا نستطيع أن نقول إنَّ تنفيذ هذا الاتفاق يعني نهاية نتنياهو وحلفائه.

فبعد كل الجرائم التي ارتكبها نتنياهو فقد أصبح لا يصلح لعمليات التطبيع التي يطمح لها ترامب في المنطقة العربية، فأي زعيم عربي لا يستطيع أن يضع يده بيد نتنياهو. ومن هنا فقد أصبح مصير نتنياهو تحت رحمة ترامب وتوجهاته وهو إلى الزوال أقرب.

ولإيجاد حلول لترضية شركاء نتنياهو في تحالفه ولكي لا تسقط حكومة نتنياهو تحت هذه الضغوط فقد وعد الجانب الأميركي بإمكانية توسيع الاستيطان، وهذا يمكن أن يكون شرارة لتفجير ساحة صراع جديدة في الضفة الغربية، وهو ما يحتاجه نتنياهو وحلفاؤه في فتح جبهات صراع لإيجاد استمرارية للحرب، لأن نهاية الحرب تعني نهاية الحكومة وكأن مبرر وجودها هو فتح صراعات وحروب وبهذا تصبح الحرب (غاية وليست وسيلة)، كما يقول أحد المحللين، ومع ان صفقة تبادل الرهائن مع حماس ستدر شعبية كبيرة لنتنياهو، ولكنها ليست كافية لإرضاء غروره وغطرسته. فالحرب من وجهة نظر اليمين المتطرف الصهيوني جزء من البرنامج الانتخابي والدعاية الانتخابية له.

في الختام نتساءل كيف سيكون اليوم التالي في غزة؟ وهذا أمر آخر يؤرق اليمين في الكيان الصهيوني وفي مقدمته نتنياهو، الذي يرفض اطلالة هذا اليوم مرددا (لا حماس ولا عباس) ولكن للإدارة الأميركية رأيا آخر، فقد صرح وزير الخارجية الأميركي: بلينكن يجب أن تتولى السلطة الفلسطينية إدارة غزة، ولكن مع أدوار مؤقتة للأمم المتحدة وأطراف خارجية. وأضاف: "نعتقد أن السلطة الفلسطينية يجب أن تدعو الشركاء الدوليين للمساعدة في إنشاء وتولي إدارة مؤقتة تتحمل المسؤولية عن القطاعات المدنية الرئيسة في غزة"، مثل البنوك والمياه والطاقة والصحة والتنسيق المدني مع إسرائيل. وترى واشنطن أنه بمجرد التوصل إلى اتفاق هدنة، على إسرائيل قبول مسار نحو إنشاء دولة فلسطينية، مع تحديد جدول زمني وشروط.. وأضاف "يجب على الجميع الالتزام بالمسار المؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة وفق شروط ومواعيد محددة"، مع كل هذا تبقى مشكلة التوقيتات والمراحل الثلاث زمنا مترهلا مفتوحا على الكثير من الاحتمالات.

اضف تعليق