ولادة الجمهورية الرابعة في العراق تعتمد بشكل كبير على توليد مواطن فعال وفق هذه المبادئ. لن يحدث التحول ببساطة عن طريق إصدار القوانين أو إنشاء المؤسسات، بل يجب أن يكون جزءاً من نسيج المجتمع وتوجهاته الثقافية والفكرية. فالمواطن الفعال هو المحرك والمحفز لتحقيق الدولة الحضارية الحديثة...

إن فكرة ولادة الجمهورية الرابعة في العراق، أو ما يُشار إليه بالدولة الحضارية الحديثة، تتمحور حول تحول كبير في مفهوم السلطة والمواطنة. لن تتحقق هذه الرؤية إلا بتحقيق تغيير جذري في كيفية تعريف المواطن لنفسه ودوره في المجتمع. 

أولاً، المواطن الفعال هو العنصر الأساسي في هذه المعادلة. هذا المواطن يُعتبر داعما أساسيا للمواطنية، فهو يدرك أن حقوقه تأتي جنباً إلى جنب مع واجباته تجاه الدولة والمجتمع. تتطلب المواطنة في الدولة الحديثة مشاركة فعالة في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وليس مجرد تلقي الخدمات.

ثانياً، فهم الديمقراطية يصبح ضرورة لا رفاهية. الديمقراطية ليست مجرد عملية انتخابية، بل هي ثقافة كاملة تجسد القيم الأساسية مثل حرية التعبير، وحقوق الإنسان، واحترام التنوع. المواطن الذي يؤمن بالديمقراطية يُدرك أن صوته له قيمة وأنه له دور في تشكيل المستقبل.

أما الحداثة، فهي مرادفة للتطور المستمر والتجدد. في الدولة الحضارية الحديثة، لابد أن يكون للمواطن فهم عصري للدين يوازن بين الروحانيات والتقدم الاجتماعي والتكنولوجي. يُقدر المواطن الحضاري القيم التقليدية وفي نفس الوقت يتبنى الابتكارات التي تسهم في تحسين حياته وحياة الآخرين.

المبادرات الذاتية هي عنصر آخر مهم. إن المواطن الحضاري لا ينتظر الدولة لتحقيق كل شيء. يسعى للابتكار والريادة في مجالات عمله، ويأخذ المبادرات لحل المشكلات والتحديات التي تواجهه في الحياة اليومية.

وأخيراً، العلاقة التعاونية بين الدولة والمواطن يتم تعزيزها من خلال الالتزام المتبادل. هذا الالتزام يعكس ثقة متبادلة حيث تلتزم الدولة بتوفير بيئة آمنة ومستقرة وداعمة، بينما يلتزم المواطن بالمشاركة البناءة وتحمل مسؤولياته.

العلاقات التعاونية بين المواطنين تتطلب تفاعلاً إيجابياً يقوم على الاحترام المتبادل والتفاهم. يُدرك المواطن أن التعاون مع الآخرين يُسهم في تعزيز الروابط الاجتماعية وبناء مجتمع متماسك وقوي.

في الختام، ولادة الجمهورية الرابعة في العراق تعتمد بشكل كبير على توليد مواطن فعال وفق هذه المبادئ. لن يحدث التحول ببساطة عن طريق إصدار القوانين أو إنشاء المؤسسات، بل يجب أن يكون جزءاً من نسيج المجتمع وتوجهاته الثقافية والفكرية. فالمواطن الفعال هو المحرك والمحفز لتحقيق الدولة الحضارية الحديثة، حيث يسعى الجميع إلى تحقيق مستقبل مشترك يعتمد على التقدم والتعاون والعدالة.

اضف تعليق