يقف الرواد في الخط الأمامي للمبادرات المجتمعية ويخلقون تأثيراً حقيقياً على الأرض يساعد في بناء مجتمع قوي ومتجانس، وهذا ما يقوم به اليوم محبو فكرة الدولة الحضارية الحديثة، وهم مواطنون فعالون، بما اوتوا من قدرات وامكانيات مهما كان حجمها...
هناك الكثير من الادب السياسي حول مصطلحي بناء الدولة State Building وتشكيل الامة Nation Building مما لا يسعني استقصاؤه في مقالة واحدة، فأما مصطلح بناء او تشكيل الامة فهو عملية تشكيل هوية وطنية مشتركة بين مجموعة من الأفراد، بهدف تحقيق وحدة ثقافية وسياسية، وعادة ما يكون الافراد سابقين على الامة، الى ان تتوفر بينهم عوامل ظهور او خروج او تشكيل الامة.
وهذا ما تشير اليه الاية القرانية التي تقول:"كنتم خير امة اخرجت للناس"، حيث تشير كلمة "اخرجت" وهي فعل ماضي مبنى للمجهول الى ظهور الامة الاسلامية بعد ان لم تكن موجوده، لكن من البديهي ان افرادها من العرب وغيرهم كانوا موجودين قبل ان يصبحوا مسلمين واعضاء في الامة الاسلامية بعد ان توفرت متطلبات تحولهم الى امة.
ومن هذه المتطلبات:
١. الهوية الثقافية المشتركة من خلال اللغة، الدين، والتقاليد.
٢. رموز وطنية مثل العلم والنشيد والاحتفالات الوطنية.
٣. تعليم المواطنين القيم والمبادئ الوطنية.
٤. سياسات تضمن إشراك كل الفئات الاجتماعية.
٥. مصالح اقتصادية مشتركة
اما بناء الدولة فهو يشمل عملية إنشاء هياكل ومؤسسات حكومية قادرة على إدارة شؤون الناس الذين يشكلون المادة الاولية للدولة.
ولبناء الدولة متطلبات منها:
١. حكومة فعالة وشفافة ذات قدرة إدارية قوية.
٢. سيادة القانون وتشريعات عادلة ومستقرة.
٣. نظام أمني قوي لحماية الحدود الداخلية والخارجية.
٤. تقديم خدمات حكومية أساسية مثل التعليم والصحة والبنية التحتية.
٥. نظام اقتصادي مستقر يُشجع على التنمية والنمو.
٦. نظام قضائي عادل وفعال يضم قضاة و قوة انفاذ القانون والسجون.
وثمة تساؤل عن ايهما اسبق بناء الدولة ام تشكيل الامة؟ وفي الادب السياسي كما في الخبرة العملية جوابان الاول منهما يقول انه غالباً ما تأتي عمليات بناء الدولة أولاً لأنها تشكل البنية التحتية والحكومية التي يمكن من خلالها إجراء عمليات بناء الأمة. بدون دولة فعالة، يكون من الصعب تحقيق هوية وطنية مشتركة وتعزيز الهوية الوطنية.
ويعكس الجواب الثاني المسألة حيث يرى ان تشكيل الامة يسبق بناء الدولة على اساس ان الدولة نتاج المجتمع، ولا يهم الجدل النظري حول المسألة لان الامر من الناحية العملية يعتمد على حالة الناس الذين يراد تشكيلهم بأمة او بناء دولة لهم.
دور الرواد المدنيين
ولابد ان نشير الى الدور الهام الذي يلعبه "الرواد" "Civic Entrepreneurs" في بناء الدولة او تشكيل الامة. والرواد هم أفراد يقودون التغيير الاجتماعي والإقتصادي في مجتمعاتهم من خلال المشاريع والإبتكارات التي تحقق فوائد عامة و يمتلكون رؤية لتحسين حياة الناس في مجتمعاتهم ويستخدمون مهاراتهم ومواردهم لتحقيق ذلك.
يمتاز الرواد بالكثير من الخصائص التي تمنحهم القدرة على التأثير في مجتمعاتهم وتغييرها. ويذكر الذكاء الاصطناعي بعضا من هذه الخصائص على سبيل المثال وليس الحصر:
1. رؤية واضحة:
- لديهم رؤية بعيدة المدى لتحسين الحياة وخلق تأثير إيجابي في المجتمع.
2. القدرة على الابتكار:
- يبدعون حلولًا جديدة لمشكلات قديمة يستخدمون الفكر الخلاق والابتكار لتحقيق تغييرات ملموسة.
3. تواصل فعال:
- يمتلكون مهارات تواصل ممتازة تمكنهم من جلب الدعم من مختلف الجهات والفئات.
4. القيادة:
- يقودون بتفانٍ ويرشدون الفرق والمجموعات نحو تحقيق أهداف مشتركة.
5. التعاون:
- يعملون بالتعاون مع الحكومات، الشركات، والجماعات المحلية لتعزيز تأثيرهم.
6. ونضيف الى ما سبق الصدق والاستقامة والامانة وغيرها من الخصائص والصفات القيمية والاخلاقية التي تعزز ثقة الناس بهم. وقديما قالت العرب ان الرائد لا يكذب اهله.
وتتمثل أدوار الرواد بالمحاور التالية:
1. المحاور المجتمعية:
- يعملون كجسور بين مختلف القطاعات والمجتمعات لجلب الموارد والأفكار لحل المشكلات.
2. تحفيز النمو الاقتصادي:
- يطلقون مشاريع وشراكات اجتماعية توظف الأفراد وتساهم في التنمية الاقتصادية المحلية.
3. التعليم والتوعية:
- ينظمون حملات وبرامج توعية لرفع مستوى الوعي حول قضايا مهمة مثل البيئة، الصحة، والتعليم.
4. التنمية المستدامة:
- يقومون بمبادرات تحافظ على البيئة وتحقق استدامة الموارد للأجيال القادمة.
5. بناء القدرات:
- يقومون ببرامج تدريب وتأهيل لتمكين الأفراد من تطوير مهاراتهم وتحقيق إمكانياتهم الكاملة.
ويلعب الرواد ادوارا مهمة في تشكيل الامة وبناء الدولة معا على النحو التالية:
• في تشكيل الأمة:
تشجيع المواطنين على المشاركة الفعّالة في المجتمع السياسي والمدني.
- إنشاء مبادرات ثقافية تُعزّز الهوية الوطنية المشتركة.
- الدفاع عن حقوق الفئات المهمّشة والمساواة.
• في بناء الدولة:
-تقديم أفكار سياسية جديدة لتحسين فعالية الحكومة والإدارة.
- العمل على مشاريع تنمية المجتمع التي تعزز من الخدمات العامة والبنية التحتية.
- تعزيز الشفافية ومساءلة المسؤولين لتحسين نظام الحكم.
يقف الرواد في الخط الأمامي للمبادرات المجتمعية ويخلقون تأثيراً حقيقياً على الأرض يساعد في بناء مجتمع قوي ومتجانس، وهذا ما يقوم به اليوم محبو فكرة الدولة الحضارية الحديثة، وهم مواطنون فعالون، بما اوتوا من قدرات وامكانيات مهما كان حجمها.
اضف تعليق