عندما لا تراعي الحكومة في عملها الخطط الاستراتيجية والمراحل المنطقية، فلا شك انها تعيش ازمة التخبط والعشوائية، ولهذا التخبط نتائجه العكسية، على الصعيد المالي والنفسي بالنسبة للمواطنين الذين تحملوا كل إجراءات الإصلاح الاقتصادي والسياسي والخدمي طوال سنوات ماضية ومازالوا يأملون في تحسن الأوضاع...

وانت متجه الى عملك او عائد من مكان وظيفتك غالبا ما يتوجب عليك الدخول بأحد الشوارع الفرعية في مدينة كربلاء وهو ما يعرف لدى أبناء المدينة بشارع "الجاير"، ومن يتذكر ماضي هذا الشارع وكيف كان، يغض النظر عما يشهده الشارع في الوقت الحالي من اعمال اكساء وإعادة تأهيل مستمرة، وكأن فرض عليه ان يكون ضمن دوامة الاعمار اللامنتهية.

يتذكر أهالي كربلاء والزائرين الوافدين اليها طبيعة منطقة الجاير وغيرها من المناطق الكربلائية التي كانت تعاني الإهمال وانتشار النفايات في معظم اجزائها، ولا اعتقد أحد ينسى الروائح الكريهة المنبعثة من هذا المكان، فضلا عن الامراض الي يسببها تجمع الحشرات ورمي فضلات الحيوانات وغيرها.

اما اليوم فقد تغير الوضع تماما بالنسبة لهذا الشارع وغيره من الشوارع في المحافظة، لكن هنالك بعض المؤشرات السلبية والمآخذ على عمل الحكومة المحلية التي دائما ما توصف مدينة كربلاء بأنها قصة نجاح حقيقية، وهنالك من يرى انها قصة نجاح وهمية ولديه أسبابه.

عندما لا تراعي الحكومة في عملها الخطط الاستراتيجية والمراحل المنطقية، فلا شك انها تعيش ازمة التخبط والعشوائية، ولهذا التخبط نتائجه العكسية، على الصعيد المالي والنفسي بالنسبة للمواطنين الذين تحملوا كل إجراءات الإصلاح الاقتصادي والسياسي والخدمي طوال سنوات ماضية ومازالوا يأملون في تحسن الأوضاع.

في المجال المحدد لهذا المقال لا يمكن استعراض المراحل التي مر بها هذا الشارع، لاسيما في السنوات الأخيرة، حيث تم تغليفه وتحويله الى شارع اشبه برئيس يؤدي الى مركز المدينة، وبعد حين أضيفت له شوارع خدمية على الجانبين، ولحد هذه المرحلة الأمور أكثر من طبيعية، اما الشيء غير الطبيعي فهو.

عملية استبدال مقرنص الأرصفة في هذا الشارع، فهو يخضع الى عمليات استبدال دورية ولا يتذكر أي مواطن عدد المرات التي باشر فيها الجهد الهندسي والخدمي في المحافظة لإظهاره بالشكل الجميل امام الزائرين واهل المدينة.

والجزء الآخر من قصة هذا الشارع تروي لنا جهل القائمين او المشرفين على عملية الاعمار في المدينة، فالإنسان البسيط يعلم ان زراعة النخيل لا يمكن ان تكون تحت اسلاك الضغط العالي ففي المستقبل القريب تتحول عملية الزراعة هذه الى مشكلة كبيرة تواجه التيار الكهربائي، وتضطر الجهات المستفيدة الى قلع النخيل او تحويل مسار خط نقل الكهرباء وفي كلتا الحالتين يكلف الحكومة خسائر مالية كبيرة.

ناهيك عما يشهده الطريق وبعض مناطق المدينة في الوقت الحالي من اعمال صيانة بمبالغ مالية خيالية، وقد أهدى النائب عن مدينة كربلاء محمد الخفاجي للجمهور الكربلائي هدية ثمينة وبين كلفة اعمال الصيانة البسيطة مليار ونصف، بينما قد تحتاج الى ثلث هذا المبلغ في الحقيقية، واثبت ان استمرار دوامة الاعمار لها العديد من الأهداف أولها.

انها أصبحت باب من أبواب هدر المال العام المشروع، فلا توجد جهات تقف بوجه الرجل الأول في كربلاء، وتحاسبه على الصغيرة والكبيرة وكيف تجري عملية إحالة المشروعات، وما هي الكلف الحقيقية لها، وما يتقاضاه من نسب مقابل الإحالة.

كل هذه الأسئلة تبقى مجرد اسئلة تداعب اذهان المواطنين، فهل نحن مغفلون إلى هذا الحد، حتى يتم التعامل معنا بهذا الشكل الفج؟

قد يهمس لي أحد الأصدقاء لقد تجاهلت كثير من الإنجازات التي غيرت شكل مدينة كربلاء.

يا صديقي نحن حلمنا أكبر، حلمنا يدفعنا لنكون في صدارة المدن، وما يقوي حلمنا ويجعله قريب من الواقع هو ما تمتلكه مدينة كربلاء من مقومات طبيعية وبشرية، إرثها وتاريخها المقدس يحفز الحكومة الحالية والحكومات القادمة على ترك القرارات التي تؤخر عملية الاعمار واتخاذ ما يجعل وينهي مراحل الاعمار دون الرجوع اليها بعد فترة وجيزة والالتفاف الى غيرها.

اضف تعليق