إن استمرارية المشروع وقدرته على تقديم الخدمة للمواطنين هي ما يضمن لكم النجاح في المراحل او الانتخابات القادمة، ومن اجل هذا الغرض يشترط تخصيص قدر كبير من الجهود المبذولة لخدمة المواطنين باتجاه التحسين وليس الكم الرديء، فالبدايات الرائعة لا تكفي للبقاء في القمة، فيجب ان تكون النهايات أكثر ابهارا...

سأوجه من خلال مقالي هذا رسالة الى جميع المحافظين الذين نجحوا الى حد ما في إدارة ملف الخدمات العامة المقدمة للمواطنين، وأهلتهم هذه الخدمات الى الفوز بالمونديال الانتخابي الذي جرى في الثامن عشر من كانون الأول من العام المنصرم، وحققوا تقدم ساحق على حساب منافسيهم في العملية السياسية.

أيها السادة المحافظون ان من اساسيات النجاح والحفاظ على ديمومة ذلك، هو ليس تقديم الخدمات بغض النظر عن جودتها ونوعها، فالحفاظ على المكانة السابقة يأتي من كون المشاريع المنفذة تتمتع بقدرة عالية على الاستمرارية بنفس الجودة التي نفذت فيها، ولا ينتهي بريقها بمجرد مرور أيام وليس شهور عليها.

بعض المحافظين كان لديهم حماس كبير وتفاؤل لا يحده حد بالنجاح قبيل انتخابات مجالس المحافظات، وكانت الرغبة في الفوز هي المحرك الأساس والطاقة الكامنة التي تدفعهم الى الشروع بالمشروعات الخدمية والاقتراب من المواطنين ومحاولة التخفيف من همومهم.

ونظرا لما سبق شهد عدد من المحافظات حملات خدمية غير مسبوقة، امتلأت طرقاتها بالآليات العاملة على مدار ثمانية عشر ساعة يوميا، أنجزت مشروعات لم تكن تنجز في الظروف الطبيعية شهور طوال، وقد شعر المواطن البسيط قبل الحاذق ان العملية لا تخلوا من مراهنة ذاتية من قبل المحافظين من هذا النوع على رضى الجمهور الداخلي وتحقيق الفوز الكبير.

قد تكون البداية مثيرة ومليئة بالإبداع والطموح، ولكن الأمر المهم هو القدرة على الاستمرار وتحسين الخدمة على مر الزمن، فالعمل الخدمي كغيره من الاعمال متغير ومتطور مع التطورات المرحلية، ولا يمكن ان يختصر على تعبيد الطرق والاكتفاء بهذا الحد، وإذا لم تتمكن المشروعات من مواكبة هذه التغيرات وتلبية احتياجات الجمهور، فإنها قد تفشل في المنافسة والبقاء الى امد أطول.

لذلك يجب أن يكون هناك تركيز على تحسين الجودة المستمر في المشروع، ولا يتحقق ذلك مالم يقوم الفريق الحكومي المنفذ والمشرف على تنفيذ بعض المشاريع بمراجعة وتقييم المراحل الخدمية، ومعرفة ما هي نقاط القوة والضعف، والعمل على تحسينها، وتعتمد هذه المرحلة بدرجة كبيرة على استخدام أدوات إدارة الجودة لضمان جودة الخدمة.

بالإضافة إلى ذلك، ضرورة أن يتم تحليل ردود فعل الجمهور وقياس مدى رضاهم عن الخدمات المقدمة واستخدامها كمصدر قيّم للتحسين، ويحصل ذلك عبر الزيارات الميدانية المستمرة لسكان المناطق التي تم تأهيلها وتحسين الخدمات فيها، اذ يمكن الاستفادة من هذه المقابلات واستطلاعات الرضا لمعرفة ما إذا كانت الخدمات تلبي توقعات المواطنين ام هناك حاجة لتعديلها وتحسينها.

ما نلاحظه اليوم وفي اغلب المحافظات التي شهدت عملية اعمار كبيرة في الفترات السابقة، هو إعادة ترقيع وصيانة الخلل في هذه المشروعات، ففي بعض الأحيان مرت أيام قليلة على تنفيذ مشروع حيوي، لكنه خضع لعملية صيانة في الأسبوع الأول بعد افتتاحه وخوله الخدمة.

ولا يمكن تفسير هذه الحالة التي تتكرر مع اغلب المشروعات المنفذة بهذه الطريقة، الا انه وجود ضعف واضح وخلل كبير في الجهات الرقابية، فهي لا تعتمد على استراتيجية بعيدة المدى، وان الغاية الأساسية من هذه المشروعات هو عبور مراحل قصيرة (أوقات الانتخابات)، دون توخي الدقة في التنفيذ.

في النهاية رسالتي الأخيرة للمحافظين، إن استمرارية المشروع وقدرته على تقديم الخدمة للمواطنين هي ما يضمن لكم النجاح في المراحل او الانتخابات القادمة، ومن اجل هذا الغرض يشترط تخصيص قدر كبير من الجهود المبذولة لخدمة المواطنين باتجاه التحسين وليس الكم الرديء، فالبدايات الرائعة لا تكفي للبقاء في القمة، فيجب ان تكون النهايات أكثر ابهارا.

اضف تعليق