q
تحقيق هذا الحلم ليس بالمستحيل وسيتحول الى حقيقة اذا ما توفرت الارادة الوطنية الكفوءة لتحقيقه والتخطيط الاقتصادي السليم لذلك، ولايناط هذا الامر بكاهل وزارة الزراعة فقط بل هو يعتمد على وعي الفلاح باستخدام الطرق الحديثة في الزراعة وتقليل الضائعات المائية وعدم التجاوز على حصص الاخرين، اضافة الى توفير...

في غرة العام الحالي 2024 استفتح رئيس مجلس الوزراء نشاطاته اليومية المعتادة منطلقا في زيارته الى قطاع الزراعة ولقائه بفلاحين ينتهجون الطرق الحديثة في الزراعة والري كالرش، وهي الخطوة الاولى (والاهمّ) في سبيل تحقيق الامن الغذائي (والمائي) بما يوفر 45 - 50 بالمئة من المياه المستخدمة في الطرق التقليدية كونها تزيد من إنتاجية الأرض وتوفر فائدة كبيرة لاقتصاد البلد، وتأكيده على ضرورة تامين الامن الغذائي للعراق وصيانته كونه من اهمّ مرتكزات الامن القومي العراقي والتي تتم بعدة خطوات منها :

1ـ صيانة الامن المائي : معالجة شحة المياه والتغييرات المناخية الحادة وقلة الامطار والتصحر، والتي ضربت القطاع الزراعي بالصميم ما ادى الى تقليص الحصص الزراعية الى النصف واقرب مثل اضمحلال زراعة "الشلب" (العنبر)، ناهيك عن الاضطرار الى استخدام المياه الجوفية كمعالجة وقتية لأزمة المياه بعد ان قامت دول الجوار (المنبع) لنهري دجلة والفرات بتقنين الاطلاقات المائية الواردة الى العراق (دولة المصب) وانشاء السدود التي تقنّن هذه الاطلاقات، مع التأكيد على عدم الهدر في تلك المياه التي تتوفر بشكل كبير، اذ تشير التقارير الجيولوجية الى أن إحدى مزايا الموقع الجغرافي للعراق هو أنه يشبه أسفل مخروط في الشرق الأوســط، ما يعني أن المياه الجوفية تتسرب داخـل الأرض لتستقرّ تحت وادي الرافدين لتشكّل ثروة هائلة تنتظر استثمارها بالطريقة الأفضل، ونحن في العراق ليست لدينا أي حسابات أو برنامج لحصاد المياه لذلك نعتمد على الإطلاقات اضافة الى المياه الجوفية كما نوهنا.

2ـ وثاني هذه الطرق المؤدية الى الامن الغذائي هو تحقيق الحلم القديم للوصول الى نوع من الاكتفاء الذاتي المتمثل بمبدأ (زُرع في العراق) على غرار (صُنع في العراق) والهدف هو واحد، والذي يهمنا في هذا المقال هو المبدأ الاول الذي يبدو انه مازال بعيد المنال في الوقت الراهن في تحقيق سياسة عدم الارتهان الى الاستيراد بوقوع السوق العراقي رهنَ الاستيراد من اغلب دول الجوار العراقي وغيرها الى درجة استيراد المحاصيل الزراعية غير الضرورية والتي من الممكن ان تزرع محليا.

لكن تحقيق هذا الحلم ليس بالمستحيل وسيتحول الى حقيقة اذا ما توفرت الارادة الوطنية الكفوءة لتحقيقه والتخطيط الاقتصادي السليم لذلك، ولايناط هذا الامر بكاهل وزارة الزراعة فقط بل هو يعتمد على وعي الفلاح باستخدام الطرق الحديثة في الزراعة وتقليل الضائعات المائية وعدم التجاوز على حصص الاخرين، اضافة الى توفير الامور اللوجستية المهمة للزراعة كتوفير الاسمدة والتكنلوجيا الحديثة والمكننة المتطورة وتعبيد الطرق وتسديد المستحقات المالية للفلاحين من قبل الحكومة، فضلا عن وطنية واخلاص التاجر الذي يجب ان يراعي المصلحة الوطنية في استيراده للمحاصيل الزراعية وليس حسب مزاجه ومصلحته الشخصية.

وهناك عدة خطوات اضافية تؤمّن استدامة الامن الغذائي منها الرعاية المباشرة من قبل الدولة للقطاع الزراعي وجعله مصدرا حيويا من مصادر التمويل الاستراتيجي للموازنات المالة العامة التي كانت في الماضي تستمد اكثر اصولها المالية من قطاعي الزراعة والصناعة والذي يهمنا في هذا المقال هو قطاع الزراعة تحديدا بعدما تعرض للإهمال المتعمد طيلة السنين السابقة، وقد آن الاوان كي يستعيد نشاطه وعافيته في دعم السلة الغذائية وعودته للصدارة الاقتصادية والمحافظة على عدم هدر العملة الصعبة المخلة بالاقتصاد الوطني للبلد.

اضف تعليق