مجتمعنا الذي عصفت به الحروب والحصار والأزمات وعقود من الديكتاتورية وديمقراطية مشوهة في بدايتها تحت حراب الاحتلال وانتشار للفساد يعاني من تفشي الجهل بين أغلب طبقاته، ويحتاج إلى صدمة للنهوض به ليعرف واقعه وما يدور حوله بالذات في الميدان السياسي والانتخابي. فمن أين نأتي بالناخب الواعي القادر...
الحديث عن الوعي مع قرب الانتخابات في العراق ذو شجون، فحداثة التجربة الديمقراطية بعد عام 2003 وعدم معرفة المواطن الناخب بالعملية بعد عهود من الديكتاتورية، اتاحت فسحة من الفراغ لولوج هذا الميدان من بعض الفاسدين وغير المؤهلين وتبوأهم خلال الفترة الماضية للعديد من المناصب المهمة...
وكلما تقدمت التجربة الديمقراطية في العمر أصبح هناك اختلال واضح بين احزاب وشخصيات وقوى نضجت وخبرت السلطة وعرفت كيفية الوصول إليها والبقاء فيها، على حساب المواطن الذي ما زال في اغلبيته لا يحسن الاختيار او يعزف عن المشاركة او فقد الثقة بالانتخابات لأنها لا تأتي بجديد؛ وكل ذلك يعود الى الوعي بالدرجة الاولى لأنه لو توفر عند عامة الشعب لما استطاع بعض الفاسدين وغير الكفوئين التسلق الى السلطة على حساب الفقراء والمعدمين باستخدام المال السياسي تارة والالتفاف على القانون الانتخابي تارة اخرى. فما هو الوعي وكيف نستطيع الوصول اليه؟.
يعرف قاموس كامبريدج الوعي بأنه «حالة فهم وإدراك شيء ما». بينما يعرف قاموس أكسفورد الحي الوعي بأنه «حالة دراية المرء بمحيطه والاستجابة له» و«وعي الشخص أو إدراكه الحسي لشيء ما» و«حقيقة دراية العقل بنفسه وبالعالم».
يقول الإمام الصادق عليه السلام في هذا الموضوع: العارف بزمانه لا تهجم عليه اللوابس، فالعلم والمعرفة هم أولى الخطوات نحو الوعي، والجهل أولى المعوقات... ومع الأسف في مجتمعنا الذي عصفت به الحروب والحصار والأزمات وعقود من الديكتاتورية وديمقراطية مشوهة في بدايتها تحت حراب الاحتلال وانتشار للفساد يعاني من تفشي الجهل بين أغلب طبقاته، ويحتاج إلى صدمة للنهوض به ليعرف واقعه وما يدور حوله بالذات في الميدان السياسي والانتخابي.
فمن أين نأتي بالناخب الواعي القادر على حسن الاختيار أمام صناديق الاقتراع؟. ومن أين نأتي بالناخب الواعي القادر على التخلص من الخلفيات الطائفية والمناطقية والعشائرية والقومية؟. عملية صعبة وشاقة ولن تأتي انتخابات مجالس المحافظات المقبلة بجديد، وما نريد أن نؤكده للناخب بان المؤمن لا يلدغ مرتين مصداقا لقول الرسول الكريم عليه افضل الصلاة والسلام... وما نريد أن نبعثه من رسالة للنخب الواعية المثقفة ولرجال الدين وطلاب العلم ولكل من يعرف ويتفكر؛ بان ينهض بمسؤوليته تجاه مجتمعه وبلده، وأن ينهض بدوره في توعية الجمهور بالأفضل من المرشحين كفاءة ونزاهة بعد أن يتجرد من اي مصلحة شخصية او حزبية... لان نجاح الانتخابات والمجالس القادمة بعد توقف غير دستوري لمدة 10 سنوات مرهون بنجاح الكفاءات الوطنية من مختلف المشارب في المعترك الانتخابي القادم، أما غير ذلك فإنها لن تكون الا عملية تدوير للفاشلين وهذا ما لا نرجوه ولا نتمناه.
اضف تعليق