اسفرت العملية الاخيرة عن الكثير من الضحايا، وحتى لا تذهب الدماء التي سالت على الارض الفلسطينية سدى، فان على الفلسطينيين خاصة والعرب والمسلمين عامة ان يصححوا نصاب القضية الفلسطينية ويعيدوه الى سابق عهده، كما كان في عهد السلطان عبد الحميد الثاني. فالقضية الفلسطينية متعلقة بكل الارض الفلسطينية...

احداث غزة الاخيرة، البطولية من جانب والمأساوية من جانب اخر، فرصة تاريخية لاستعادة النصاب الصحيح للقضية الفلسطينية.

تاريخيا، بدأت القضية الفلسطينية منذ اللحظات الاولى لمحاولات هرتزل (١٨٦٠-١٩٠٤) مؤسس الحركة الصهيونية اقناع السلطان العثماني الخليفة عبد الحميد الثاني السماح باقامة وطن قومي لليهود الامر الذي رفضه السلطان بدوره رفضا قاطعا. وسبب الرفض ان فلسطين ارض عربية اسلامية، وان وجود جالية يهودية فيها لا يسوغ اقتطاع جزء من هذه الارض واعطاءها لليهود لاقامة دولتهم الخاصة عليها، كما فعلت الامم المتحدة في قرار التقسيم المشؤوم رقم 181 والذي أُصدر بتاريخ ٢٩ تشرين الثاني 1947.

نعم سمحت السلطات العربية الاسلامية منذ الدولة الاموية في الاندلس لليهود بالسكن في البلدان الاسلامية، بدون الحاجة الى اقامة وطن قومي خاص بهم في فلسطين. ونحن نعرف ان يهود الاندلس ذهبوا الى البلدان الاسلامية بعد ان طردتهم السلطات المسيحية من الاندلس بعد سقوط غرناطة في عام ١٤٩٢. لا تتعلق القضية الفلسطينية بغزة او الضفة الغربية او جزء من القدس، انما تتعلق بكامل الارض الفلسطينية كما كان حالها قبل سقوط الدولة العثمانية، وان وجود الكيان الصهيوني على اي جزء من الارض الفلسطينية هو وجود غير شرعي لا يسوغ الاعتراف به. هذا هو النصاب الصحيح للقضية الفلسطينية، وحل هذه القضية لا يكون بتقسيم الارض، ولا باقامة دولتين، وانما باقامة دولة فلسطينية واحدة على كامل التراب الفلسطيني مع السماح بتواجد اليهود الاصليين فيها باعتبارهم مواطنين حالهم كحال المواطنين العرب المسلمين والمسيحيين.

نحن نعلم انه بسبب ضعف الموقف العربي، تفكك هذا النصاب الصحيح للقضية الفلسطينية وقبل الفلسطينيون ومعهم بقية العرب بوجود الكيان الصهيونى التوسعي على جزء من الارض الفلسطينية، و اصبحت فلسطين لا تعني سوى الضفة الغربية المزروعة بالمستوطنات اليهودية وقطاع غزة المحاصر. وهذا انحراف خطير عن النصاب الصحيح الذي دافع عنه السلطان عبد الحميد الثاني، بل ان التاريخ اثبت ان الاعتراف بالامر الواقع لم يؤدي سوى الى زيادة الغطرسة والشراسة والوحشية الاسرائيلية وقضم المزيد الاراضي الفلسطينية بالتدريج.

اسفرت العملية الاخيرة عن الكثير من الضحايا، وحتى لا تذهب الدماء التي سالت على الارض الفلسطينية سدى، فان على الفلسطينيين خاصة والعرب والمسلمين عامة ان يصححوا نصاب القضية الفلسطينية ويعيدوه الى سابق عهده، كما كان في عهد السلطان عبد الحميد الثاني. فالقضية الفلسطينية متعلقة بكل الارض الفلسطينية، من النهر الى البحر كما يقولون، ولا يمثل مشروع الدولتين حلا عادلا لها، فالحل الوحيد هو الدولة الفلسطينية الشاملة للتعددية الدينية الاسلامية والمسيحية واليهودية، دولة يعيش في ظلها اتباع الديانات الابراهيمية الثلاث، بسلام، بلا تقسيم، او حروب لا تنتهي.

............................
* الاراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق