القيم الانسانية التي ينادي بها الغرب واللاعنف والسلم ومناهضة الكراهية والعنصرية، ينادي بها مادامت توفر له الازدهار وتحولنا الى رعايا سمحين مطيعين، يحلب مواردنا ويستثمر خيراتنا، حتى إذا أحس بتنامي قدراتنا ورغبتنا باستقلال قراراتنا ضرب كل تلك الشعارات والمعايير عرض الحائط وراح يعاقبنا ويحاصرنا وان اقتضى الأمر يغزونا...
كيف تسهم ازدواجية المعايير الغربية في تعميق الشرخ بين الحضارات والثقافات الإنسانية المختلفة؟ وكيف يمكن مواجهة خطاب الكراهية؟
نحن نعيش في عالم اسمه العالم الدنيوي بما يقابل العالم الأخروي أو العالم الأرضي بما يقابل العالم السماوي، ومفردات مثل المُثُل والقيم والأخلاق الفاضلة تبقى أسيرة صراع المصالح والجاه والسيطرة في عالمنا.
لذا لا غرابة على الإطلاق من المعايير المزدوجة والتفسير المصلحي لكل مفردات الخير والشر، والتاريخ شاهد على ذلك، فمتى تمكنت حضارة أو دولة وبات لديها فائض من القوة سال لعابها بما لدى الغير من ثروة او جاه. ما يمنع الغرب من فرض حضارته وأخلاقه وقيمه على المسلمين ليس المثل التي ينادون أو يدعون بها وانما قوة المسلمين وكثرة عددهم وارتباط مصالحهم أي مصالح الغرب معهم.
لا نحتاج الى مزيد من الجهد لنكتشف ازدواجية معايير الغرب في قضايا مهمة مثل حقوق الانسان، والاحتلال الصهيوني لفلسطين، ودعم انظمة ديكتاتورية موالية للغرب. متى يتخلص الغرب من ازدواجية المعايير؟ عندما تتمكن الشعوب المسلمة من امتلاك زمام المبادرة في مجال العلم والتكنلوجيا واستثمار الثروات الطبيعية حينها ستحسب حكومات الغرب الف حساب قبل المساس بمقدسات المسلمين ومشاعرهم الدينية.
إن التبرير بحرية التعبير، والحفاظ على الحقوق، ومراعاة لقوانين المحلية، كل ذلك يقف خلفه شعورهم بقوتهم وضعفنا، وحاجتنا اليهم واستغنائهم عنا، وغيابنا عن صانع قرارهم وحضورهم في صنع قرارنا.
ازدواجية معايير الغرب ليست وليدة اليوم، إنها برزت منذ بان ضعفنا وغزينا بعقر دارنا، وتفرقنا عن حقنا وهكذا هي الدنيا لا تخلو يوما من صراع.
إن القيم الانسانية التي ينادي بها الغرب واللاعنف والسلم ومناهضة الكراهية والعنصرية، ينادي بها مادامت توفر له الازدهار وتحولنا الى رعايا سمحين مطيعين ودودين، يحلب مواردنا ويستثمر خيراتنا، حتى إذا أحس بتنامي قدراتنا ورغبتنا باستقلال قراراتنا ضرب كل تلك الشعارات والمعايير عرض الحائط وراح يعاقبنا ويحاصرنا وان اقتضى الأمر يغزونا.
أما كيف نواجه خطاب الكراهية فلا سبيل لذلك إلا عندما تدرك الحضارات والشعوب المختلفة حاجتها لبعضها البعض وتوازنها مع بعضها البعض وخشيتها من العواقب المترتبة على عدائها لبعضها البعض فمن أمن العقاب أساء الأدب، هكذا هو طبع الانسان، وطبع الأقوياء. اذا امتطينا ناصية العلم، وبنينا دولاً ذات هيبة ونفوذ، واعتمدنا على ذواتنا في المعرفة والعمران، حينها سنواجه خطاب الكراهية، ولا أبالغ اذا ما قلت حتى نحن -اعني المسلمين- حينما نشعر بفائض القوة سيصدر منا ما يغيض الغرب ويهيج مشاعرهم، تلك غرائز البشر وصراعهم من أجل السيادة والسيطرة على هذه الأرض.
اضف تعليق