عندما يكون هم الحاكم وغايته ووسيلته السلطة واستمرار التشبث بها، فهنا تتماهى استجابته مع النفاق السياسي والبراغمماتية المصلحية الصرفة، وأول ما يراود الحاكم كنوع من أنواع الاستجابة للتحولات هو البحث عن كبش فداء ليرمي اي تعثر او فشل سابق او أي تأخر تم الاستجابة على ذمة الضحية...

لماذا تخفق النخب الحاكمة في فهم التحولات والاستجابة الإيجابية لها؟ وماهو دور الأحزاب السياسية والمؤسسات الاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني في قيادة التغيير والتحول الديمقراطي؟

في البدء لابد ان نحدد ماهية التحولات وفيما إذا كانت إيجابية ام سلبية تحولات اجتماعية ام سياسية، محلية ام إقليمية ام دولية. 

استيعاب التحولات وحنكة إدارتها والتعامل معها امران مهمان يحتاجهما أي حاكم، وكلما تم ذلك وفق وعي وتأني ودراية كانت الخسائر أقل من حيث زعزعة الاستقرار ورضا المحكومين بالحاكم.

 وهنا لا بد من التنويه إلى أمرين: 

الاول: عندما يكون هم الحاكم وغايته ووسيلته السلطة واستمرار التشبث بها، فهنا تتماهى استجابته مع النفاق السياسي والبراغمماتية المصلحية الصرفة، وأول ما يراود الحاكم كنوع من أنواع الاستجابة للتحولات هو البحث عن كبش فداء ليرمي اي تعثر او فشل سابق او أي تأخر تم الاستجابة على ذمة هذه الضحية. 

الأمر الثاني: عندما يكون الحاكم متمتعاً بقيم ومبادئ الفضيلة فان استجابته ستكون بالتنحي عن السلطة، ان كانت التحولات سبقته إلى ما هو أفضل وقد تأخر عنها نتيجة قصوره او تقصيره، ليرشح من هو أفضل وأجدى وحتى لو يكن المرشح كذلك فهو يقوم بذلك كي لا يُظنّ به انه يدور مع كرسي الحكم حيث دار. 

أما إذا كانت التحولات سلبية وغوغائية جاءت بفعل فاعل او انحدار قيمي، فستكون النخبة في امتحان صعب جداً والأفضل لها ان لا تستجيب محاولةً مرةً بعد اخرى لإعادة المجتمع إلى جادة الصواب، وقد يستغرب البعض من خروج العامة عن تفكير النخب الحاكمة وسيطرتها اذ لا يمكن للعوام ان يتسيدوا المشهد من دون نخبة قائدة او طليعة متحكمة؛ وهذا الاعتراض في محله وجوابه ان النخب متعددة ومتصارعة في الرؤى والأفكار، فمثلما هناك نخبة حاكمة هناك نخبة معارضة. 

المبدئية التي تحملها النخب الحاكمة تحملها المسؤولية في ان تتمسك بالحكم إلى أجل معين، وذاك الأجل تحدده الأغلبية والأكثرية، فحين تكون الاغلبية مع صف التغيير وان كان للأسوأ فلابد من الاستجابة انطلاقاً من مبدأ حق الشعب في تقرير مصيره وان كانت الأغلبية بخلاف فتستمر النخب في الحاكمة في مسؤولياتها. 

المشكل الحقيقي هو في تحديد الاغلبية عن الأقلية ولا حل في ذلك إلا بالرجوع إما إلى انتخابات مبكرة او استفتاء حسب الحال.

* مداخلة مقدمة الى الجلسة الحوارية التي عقدها مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية تحت عنوان: (ديناميكية السلطة وغياب ادراك النهايات)

اضف تعليق