q
بتوجيه المعالي هذه المتلازمة التي لن تفارق المشروعات والإنجازات الحكومية، ومن يتابع مخرجات الجلسة الاعتيادية لمجلس الوزراء يكثر فيها التوجيه المباشر لعدد من الوزارات والهيئات العامة وغيرها من المؤسسات الحكومية، بينما تبقى العديد من التوجيهات والقرارات حبر على ورق بمجرد انها خرجت من رحم الحكومة الى الوجود الفوضوي المليء بالتراكمات...

المهتم بمتابعة الاخبار بشكل يومي سواء في الصحف او الوكالات الخبرية او القنوات التلفزيونية، سيقرأ ويشاهد المئات من عبارة بتوجيه رئيس الوزراء او معالي الوزير المحترم، او المدير العام ...الخ من المناصب الحكومية، وكأن الوظيفة الأساسية هي التوجيه وليس العمل.

عبارة بتوجيه التي وضعت بانتظام في مداخل المدن، وفي مقدمة المشروعات التي تنفذها الحكومة، وكأنها الهوية التعريفية للمسؤول الموقع على المباشرة في أحد المشروعات، لكسب الرضا الجماهيري وخدعهم عبر تعظيم المنجزات البسيطة وكأنها الجنائن المعلقة.

لا يحتاج العراق في الوقت الحالي الى إصدار المزيد من التوجيهات والتعليقات الفارغة، بحاجة اليوم لكتابة بديلا عن العبارة التوجيهية، عبارات تؤكد انجاز المشروع وبالتكلفة الفعلية والمدة الزمنية التي عادة ما يتم تجاوزها وتصل في اغلب الأحيان الى فترة مضاعفة.

التوجيهات الكثيرة يقابلها انجاز قليل او شبه معدوم في المشروعات التي يتم وضع حجر الأساس لها، وإقامة احتفال رنان طنان بحضور معالي الوزير والمدراء العامين، والجهات الحكومية المحلية والقيادات الأمنية، والنخب الاجتماعية وغيرها وسط أجواء من الفرح والايجابية المفرطة.

وبعد سنوات من فعالية وضع حجر الاساس لا تعرف جميع الفئات المشتركة في الاحتفال، أين ذهبت الأموال المخصصة للمشروع، ومن هي الشركة المنفذة، وكيف تسير الاعمال فيه، وهل سيتم الانتهاء من العمل في المشروع في الوقت المحدد، كل هذه التفاصيل ستكون مجهولة لدى الجميع، سوى المعني الي تقاسم المبالغ وقد يكون هرب الى دولة أخرى او ينشغل في الحصول على مشروع آخر ليكون فريسته القادمة.

بتوجيه المعالي ... هذه المتلازمة التي لن تفارق المشروعات والإنجازات الحكومية، ومن يتابع مخرجات الجلسة الاعتيادية لمجلس الوزراء يكثر فيها التوجيه المباشر لعدد من الوزارات والهيئات العامة وغيرها من المؤسسات الحكومية.

بينما تبقى العديد من التوجيهات والقرارات حبر على ورق بمجرد انها خرجت من رحم الحكومة الى الوجود الفوضوي المليء بالتراكمات، من عهد الحكومات السابقة، وبالتالي تأتي هذه الحزم من التوجيهات لتضاف الى المستندات في الرفوف الحكومية المثقلة على مدى سنوات طوال.

كثرة التوجيه يعطي مؤشرا سلبيا على الأداء الحكومي، فمن الممكن ان تكون الوزارات والدوائر الأخرى المرتبطة برئاسة الوزراء، غير مهتمة بإنجاز عملها، ويعتبر التوجيه المستمر بمثابة المنبه الدوري لإخراج المسؤولين من السبات الذي يمرون فيه وقد يستمر لشهور او سنوات.

الخمول الذي عليه الوزراء والمدراء وحتى الموظفون، هو الذي دفع بالمسؤول الأعلى ان يقوم بوظيفة التوجيه والإرشاد المستمر، رغم الإشكالية الكبيرة على هذه المهنة التي تُصدع فيها الرؤوس، لكنها من المؤكد تكون بمثابة مفاتيح التشغيل لآلة متوقفة عن العمل لفترة طويلة، وقد أصابها الصدأ.

وهذا بالفعل ما نعيشه اليوم ونلمسه كمواطنين بغياب كثير من الجهات عن القيام بأعمالها وواجباتها المنوطة بها، وهو ما يظهر جليا في عدم التقدم الكبير الذي تشهده المرفقات الحكومية، مقارنة بكميات الأموال الطائلة التي صرفت ولم يتحقق شيء على ارض الواقع.

المتقاعس عن أداء عمله وواجباته ومهامه لا يستحق توجيهات ممن هو أعلى منه تحركه لمعاودة تأديتها، وإنما يحتاج إلى عقوبات ادرية وحتى اقالة من الوظيفة، واستبدال من هو أقدر منه على تلك المهام وأشجع منه في اتخاذ القرار به، وإلا سيركن الجميع لاختيار وضعية السبات لحين صدور التوجيهات من المعالي المحترم.

اضف تعليق