الرحمة على شهداء حجاج البيت العتيق، ونسأل الله الشفاء العاجل للمرضى والجرحى، الذين ذهبوا وهم في أقدس بقعة في بيت الله الحرام بمكة المكرمة، بسبب سقوط رافعة ضخمة تقوم بتشييد التوسعة الجديدة، التوسعة التي تحولت إلى معول تدمير وخراب وإعتداء على أهم الآثار والتراث الإسلامي، وعلى ضياع هيبة أقدس المواقع الدينية والروحية.
لا شك ان القيام بالتطوير لخدمة الحجاج أمر مطلوب ولابد منه. ولكن؛ ينبغي أن لا يكون ذلك على حساب الموقع بما يحمله من قيمة روحية، والإعتداء على عظمة وتاريخ وآثار هذا الموقع العظيم المقدس، حيث لكل شيء فيه قيمة لا تقدر بثمن.
في السابق قبل مشروع التوسعة كانت الكعبة الشريفة التي يتوجه إليها المسلمون - رجال ونساء - في صلواتهم، من أي مكان في العالم، تشكل عظمة روحية بالإضافة إلى الحالة البصرية، فالقلوب تهوى إليها، والعيون تنجذب لهيبتها بحيث يصبح كل ما حولها صغيرا، ولكن بعد تشييد المباني الجديدة ناطحات السحاب حول المسجد الحرام وإنشاء المزيد منها لحساب أفراد للعائلة الحاكمة، - باسم التوسعة -، فقدت الكعبة المشرفة القيمة البصرية العظيمة، نتيجة الإرتفاع الشاهق جدا لتلك المباني التي تجعل المرء بشكل لا إرادي ينظر إليها لأنها أعلى من الكعبة المشرفة، وبالتالي أصبحت تلك المباني الشاهقة محل الاهتمام من قبل بعض زوار بيت الله الحرام!!.
وخير دليل على ذلك - أي اهتمام الحجاج بالمباني على حساب الكعبة المشرفة، - مقاطع الفيديو التي نشرت لتوثيق حادثة سقوط الرافعة الضخمة المؤلمة، حيث تبين هذه المقاطع أن الناس حينها كانت مشغولة بتصوير المباني الشاهقة الإرتفاع حول البيت العتيق والكعبة المشرفة!!.
بيت الله الحرام بمكة المكرمة، -وكذلك المدينة المنورة- في خطر، نتيجة ما يحدث من تخبط واعتداءات على التراث والآثار الإسلامية في أقدس بقعة على وجه الأرض، حيث تم خلال عقدين من الزمن تدمير كل ما تم المحافظة عليه خلال أكثر من 1400 سنة، من تراث وآثار إسلامية، وعلى هيبة وعظمة وقدسية وروحانية لبيت الله العتيق والكعبة الشريفة.
سقوط الرافعة القاتلة، ربما رسالة إنذار وتنبيه لخطورة الوضع في مكة المكرمة - وغيرها مثل المدينة المنورة - بسبب التجاوزات الخطيرة، لمصالح أشخاص لكسب المزيد من المال، مثل انشاء مباني عملاقة ناطحات السحاب تحيط ببيت الله، وتطل على الكعبة مباشرة بحيث تجعل من يطل من هذه المباني يرى سطح الكعبة ذات حجم صغير.
فهدف من يقف وراء هذه المشاريع باسم التوسعة والتطوير، هو تحقيق مكاسب مادية، حيث ارتفعت أسعار السكن في مكة المكرمة، وبالخصوص في المباني التي تحيط ببيت الله الحرام إلى مبالغ خيالية، وأصبح حلم بعض زوار بيت الله الحرام الدخول لهذه المباني والتقاط سلفي منها، كل ذلك على حساب المكانة الروحية والدينية، وهذا أمر في غاية الخطورة، إذ إن الحجاج يأتون الى مكة المكرمة لتأدية فرض مناسك الحج الواجب، والتزود من الروحانية، والسير على خطى النبي ابراهيم الخليل وأبنه اسماعيل (ع)، وسيد الخلق الرسول الأعظم محمد (ص)، لا لأجل زيارة مدينة استعراضية على الطراز الغربي الحديث.
إن ناطحات السحاب الحديثة الاستعراضية السياحية حول بيت الله الحرام جعلت الكعبة العظيمة مجرد مبنى صغير أمامها، وتحولت إلى مشروع تجاري لكسب المال على حساب الجانب الروحي، وما يحدث في الحقيقة هو تحطيم للعظمة البصرية للكعبة، ذات العظمة الروحية.
وما حدث للرافعة من سقوط والتسبب بقتل العشرات من الحجاج، يؤكد على خطورة تلك المباني العملاقة ناطحات السحاب المحيطة ببيت الله الحرام، وما تمثله من خطر حقيقي على البيت العتيق والكعبة الشريفة، وعلى الحجاج وزوار بيت الله،.. لقربها الشديد وذلك بسبب التخبط وسوء التخطيط والجشع.
مكة المكرمة وبيت الله الحرام والكعبة المشرفة هي ملك لله، وتتعلق بكافة المسلمين من عرب وعجم في الشرق أو الغرب، وقد حان الوقت لإيقاف كافة التجاوزات والاعتداءات على بيت الله وعلى التراث والآثار الإسلامية، وأن يشارك كل مسلم قادر على تقديم ما فيه فائدة ومصلحة للمحافظة على قدسية وروحانية وعظمة المواقع وخدمة الحجاج.
رحم الله شهداء بيت الله الحرام، وشهداء بيوت الله التي يتم الإعتداء عليها من قبل المجرمين التكفيرين الانتحاريين.
اضف تعليق