q
آراء وافكار - مقالات الكتاب

التنعّم بالاستقرار بقوة الاستقامة

المسلم بين الاعتدال والتطرف (7)

لأن الميزان هو الذي يجعل الحياة مستقيمة، مستقرة، والميزان ثابت في كفَّتيْه، فإذا اختل الميزان يختل الاستقرار، ويختل الصدق، وتختل الثقة، ويرتفع الكذب، وتتضخم الخيانة وتهيمن مختلف السلوكيات السيئة، والميزان هو الذي يحافظ على الاستقرار، وعندما يحدث الطغيان، فإن هذا يؤدي إلى اختلال الميزان واختفاء الاستقرار، وضياع الاستقامة...

الاعتدال في حياة الإنسان وسلوكه وتفكيره حاجة أساسية، وطريق منهجي مهم لتحقيق التوازن في الحياة، وبالنتيجة تحقيق الاستقرار والأمن، والعيش هانئا آمنا بلا مشكلات قد تنغّص عليه حياته.

فالحاجة إلى الاستقرار لاسيما في عصرنا هذا، اصبحت قضية أساسية في حياة الإنسان والمجتمعات والشعوب، فكيف يتحقق الاستقرار؟

يتحقق الاستقرار من خلال الاستقامة، والاستقامة تتحقق من خلال الاعتدال في مناهج الحياة.

لو أننا دقّقنا فيما يحدث اليوم، فإن معظم الأزمات والمشكلات التي يعاني منها الفرد في حياته نابعة من غياب الاستقرار بسبب التطرف أو الإفراط أو التفريط في السلوك، والاختلال في المناهج والسياسة والاقتصاد، وفي معظم القضايا التي يعيشها الإنسان والمجتمعات.

ما هو مفهوم الاستقرار؟

نحاول أن نبحث في مفهوم الاستقرار، وكيف يمكن أن يتحقق هذا الاستقرار من خلال الاستقامة والاعتدال في المنهج السلوكي، والنفسي، والروحي للإنسان؟

الاستقرار يعني البقاء ثابتا، أو القرار، أو البقاء، أو الثبات، أي بقاء الإنسان في مكان ثابت قوي، وليس متزلزلا ولا متحركا، على سبيل المثال إذا ذهب الإنسان إلى البحر وركب سفينة على سبيل السفر، وهاجت به العواصف والرياح، فسوف يصبح هذا الإنسان متزلزلا وغير مستقِّر، لذلك فإن معنى هذا النوع من الاستقرار هو الثبات، ولكن كيف يتحقق الثبات للإنسان؟

يتحقق ثبات الإنسان من خلال الانضباط والانسجام، وبالتالي يتحقق ذلك عن طريق الاستقامة وحفظ التوازن في الحياة، فكما يحتاج الإنسان إلى الاستقرار عندما يركب وسيلة نقل ما، أو حين يقف في مكان معين، أو حين يقف في مكان متحرك، كذلك هو يحتاج الاستقرار النفسي والروحي والمعيشي في حياته، والذي يخلّ بالتوازن سيخل بالاستقرار وسوف يتعرض للانحراف.

الانحراف والجريمة

يؤدي الانحراف إلى الشعور بعدم الأمن، كما ان أحد الأسباب أو المسببات الكثيرة للاختلال الأمني، هو الجريمة التي تؤدي بدورها إلى عدم وجود الاستقرار، وخوف الناس، وهلعهم الذي يحدث كنتيجة للجريمة، والجريمة هي انحراف عن السلوك والعمل، وبالتالي هي انحراف أخلاقي كبير.

وهذه الجريمة هي شيء واضح للعيان تأثيره المباشر في حياة الإنسان وفي العمق الاجتماعي، وتؤثّر على أمن الناس بشكل كبير ومباشر، ولكن هناك أشياء أعظم وأكبر من هذه القضايا الظاهرة، وهي قضايا مخفية وغير واضحة كما هي الجريمة، فهذه الأشياء المخفية هي التي قد تؤدي إلى حدوث الجريمة.

ما هي أسباب حدوث الاختلال الأمني؟

لنأخذ على سبيل المثال الاختلال التعليمي، والانحراف الأخلاقي، فإن كليْهما يؤديان إلى حدوث الجريمة، فعندما تغيب التربية الجيدة والسليمة، ويغيب التعليم الصحيح، ويغيب التعليم بالقدوة، وبالنموذج الصالح، فإن الإنسان ينحرف لأنه سوف يتربّى تربية غير سليمة.

لذلك فإن الانحراف عن التوازن يؤدي إلى الاختلال الأمني، وعدم شعور الناس بالأمن والأمان، بل يشعرون بالخوف والقلق والتعاسة، وفقدان الأمل في الحياة، لذلك كما نلاحظ ونتابع، فإن معظم الدول التي تكون فيها اقتصادات مضطربة أو قلقة أو مقلقة، هي البلدان التي تعاني من عدم وجود استقرار اقتصادي.

إن عدم وجود الاستقرار الاقتصادي، نابع من وجود خلل واختلال في المعايير الأمنية التي يمكن أن تؤدي إلى فقدان الاستقرار الاقتصادي، فالأسواق مختلّة، مع وجود الاحتكار، أو وجود ضرائب كثيرة، أو فقدان للسلع، أو الغلاء في الأسعار.

كلّ هذا يؤدي إلى إرباك الأسواق واختلالها وعدم استقرارها، وبالنتيجة يؤدي ذلك إلى ارتفاع تكاليف المعيشة بين الناس، ويؤدي ذلك إلى ازدياد الفقر، ويحدث الاضطراب الاجتماعي الكبير نتيجة لاختلال الأسواق، وعدم وجود الاستقرار الاقتصادي.

كذلك عدم وجود الاستقرار يؤدي إلى غياب الثقة في المجتمع، فعدم الشعور بالأمان واستمرار القلق يؤدي إلى غياب الثقة، وأيضا غياب الحريات، حيث تحتاج الحريات إلى الاستقرار لكي يمارس الإنسان حريته في حياته، وفي عمله، وفي نفسه، وفي تعليمه، وفي سفره، وفي التعبير عن رأيه، لذلك يحتاج إلى استقرار أمني وسياسي.

العبودية الاضطرارية

كذلك يشعر الإنسان بضبابية المستقبل، حيث لا يرى الإنسان أي أفق مستقبلي بسبب غياب الاستقرار، وعندما يكون الاستقرار غير حاكم، وغير ثابت، ومتزلزل، وعدم وجود استقامة واضحة للمجتمع أو عند الإنسان، فيؤدي ذلك بالإنسان إلى الحاجة للأقوى، لكي يحميه من هو أقوى منه، وهو ما يجعله عبدا لذلك الأقوى.

وهذا أحد أسباب العبودية التي تحصل في المجتمعات، العبودية بمختلف أشكالها، العبودية السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية، وهي نتيجة لضعف الإنسان وشعوره بعدم الأمن والأمان، فيصبح مضطرا أن يلتجئ الى غيره لحماية نفسه وعائلته، ومستقبله.

لذلك علينا أن نلاحظ كيف أن معادلة الاستقرار مهمة جدا، حيث يعيش العالم اليوم حالة كبيرة وعظيمة جدا من اللا استقرار، ومن الاختلال الأمني وعدم شعور الناس بالأمن والأمان، وكل ذلك يحدث بسبب غياب الاعتدال، وعدم وجود الاستقامة عند الإنسان وعند المجتمعات، وعدم السير في الطريق الصحيح وفي الجادة الواضحة.

لو أننا نلاحظ مختلف المجتمعات التي تعيش الانحراف، والتي يتعمّق فيها الانحراف تعمّقا شديدا، وتعمقا بنيويا وجوهريا، نرى في مظاهرها صعود التطرف، بل التطرف العنيف، أو حتى التطرف السلوكي، والتطرف النفسي، والتطرف المادي الذي تعيشه هذه البلدان. مثل صعود ما يسمى بـ (اليمين المتطرف) الذي يمارس الكراهية ضد الآخرين، وهذا التطرف هو نتيجة للتطرف المضاد، والتطرف المضاد هو نتيجة للتطرف المضاد، فهذه السلسلة المتوالية من التطرفات تؤدي إلى مزيد من الاختلال، سببها عدم وجود حلول واقعية قائمة على الاعتدال بما يحقق العدالة والانصاف واستيعاب الاختلالات عبر بناء الاستقامة وإنتاج الاستقرار.

التضادّ بين الطغيان والميزان

فازدياد التطرف والانحراف، يؤدي إلى المزيد من الطغيان، والطغيان يؤدي بدوره إلى التطرف والاختلال، والاختلال أيضا يؤدي إلى المزيد من الطغيان وإلى تجاوز الحدود، كما تقول الآية الكريمة (ألّا تطغوا في الميزان)، فلماذا قارن سبحانه تعالى بين الطغيان والميزان؟

لأن الميزان هو الذي يجعل الحياة مستقيمة، مستقرة، والميزان ثابت في كفَّتيْه، فإذا اختل الميزان يختل الاستقرار، ويختل الصدق، وتختل الثقة، ويرتفع الكذب، وتتضخم الخيانة وتهيمن مختلف السلوكيات السيئة، والميزان هو الذي يحافظ على الاستقرار، وعندما يحدث الطغيان، فإن هذا يؤدي إلى اختلال الميزان واختفاء الاستقرار، وضياع الاستقامة.

من أسباب فقدان الاستقرار الطغيان، التطرف، الاستبداد، الدكتاتورية، وهناك كثير من الناس يعتقدون في أفكارهم بالاستبداد، وينظرون إليه على أنه طريقة لحفظ الاستقرار، ولكن هذا اعتقاد خاطئ، لأن أحد أهم أسباب ضعف الاستقرار، وتبديده هو الاستبداد، لأنه يؤدي إلى سيطرة رأي واحد يتحكم بالجميع، وهذا الرأي ليس فيه مشاورة، وليس فيه تعقّل، وليس فيه جمع لعقول العقلاء والحكماء والخبراء والمتخصصين.

عالم الإنسان الحرّ

(من استبد برأيه هلك، ومن شاور الرجال شاركها في عقولها)، كما روي عن الإمام علي (عليه السلام)، وهذا يعني أن الاستبداد طريق للهلاك والفوضى والاضطراب.

وأما الاستشارة والشورى، فهو طريق الاستقرار، لأنه يجمع العقلاء في طاولة واحدة، العقلاء هم الذين يقررون الأمور، وليس فردا واحدا يمارس الطغيان، ويمارس العنف أيضا في قمع الآخرين من خلال استبداده، بذريعة تحقيق الأمن، فيستبد بحجة ذلك.

لكن هذه المعادلة غير صحيحة وغير متوازنة في عالم الإنسان الحر، عالم الإنسان المختار، عالم الإنسان العاقل، فالعاقل لا يحتاج إلى الاستبداد لتطبيق الأمن. بل يحتاج العاقل إلى التعقّل، وإلى المعايير الصحيحة، وإلى الاستقامة، وإلى الاعتدال حتى يحقق معادلة التوازن والاستقرار.

الاستبداد وزيف الأمن الوهمي

لذا فإن العنف والقوة الغاشمة يؤديان إلى مزيد من الاختلال، وإلى ترسيخ الفساد، وتضييع الإصلاح، وهكذا فإن النتيجة واضحة لنا، فعندما نتكلم عن الاستبداد بأنه هو الذي يحقق الأمن، فإن هذا الأمن يسمى بالأمن الوهمي، (توهُّم الأمن)، أو أنه يتوهّم الأمن، لأنه يرى حاكما قويا لدية أجهزة أمنية كالشرطة التي تتحكم بالناس وتفرض عليهم سطوتها، لكن كل هذا الامن الصلب يؤدي بالنتيجة إلى متواليات من الفساد الكثير، والاستبداد العظيم.

ومن ثم يحدث الانهيار الكبير للقيم في المجتمع، وسيطرة الخوف على الناس، وفقدان البوصلة الأخلاقية عند الناس.

كيف نحقق الاستقرار في مجتمعاتنا؟

تقول الآية القرآنية الكريمة: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) الأحقاف 13.

(الذين قالوا ربنا الله)، أي أنهم رجعوا إلى المعايير الإلهية، وليس المعايير الوضعية، فهذه المعايير تضعها بعض النظم التابعة للمستبدين، أو النخب المزيَّفة، أو النخب الاقتصادية، أو الاستهلاكية التي تهدف إلى تحقيق مصالح اقتصادية، فتضع معايير من أجل السيطرة والهيمنة على الناس، لكن المطلوب الجوهري هي المعايير الإلهية.

(ثم استقاموا..) على هذا الطريق وهو طريق المعايير الإلهية، (فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون)، فيرفلون بالأمان، ويشعرون بالاستقرار، وينعمون بالسعادة.

أما الذين قالوا وعملوا بالمعايير التي وضعها بعض الناس من أصحاب المصالح، وساروا في هذا الطريق الآخر، فهؤلاء يعيشون دائما في خوف، بسبب زيف المعايير وعدم صدقها، وبالتالي فإنهم يعيشون في طريق التعاسة.

لنلقِ نظرة على عالم الاستهلاك اليوم، إنه عالم مريع، يدمّر البشر من خلال الاستهلاك غير المحدود الذي يؤدي إلى استنزاف موارد الأرض، واستنزاف صحة الانسان، وصحة المجتمعات، من خلال العيش المادي الفظيع الذي يسلب كرامة الإنسان وأخلاقياته، لأنه يعيش في حياة مترفة خالية من المضمون والمعنى والغاية.

هذه الأمور تؤدي دائما إلى المزيد من التعاسة، ولا تحقق السعادة للإنسان، وإنما المعايير الإلهية القائمة على الاعتدال والاستقامة والتوازن والفضائل، هي التي تحقق التوازن والسعادة والأمن والاستقرار في حياة الإنسان.

لذلك يقول الإمام علي (عليه السلام): (من لزم الاستقامة لزمته السلامة)، فالإنسان الذي يسير في طريق الاستقامة، يسير في طريق الاعتدال عدم التطرف بعيدا عن الإفراط والتفريط، تلزمه السلامة، يحدث هذا من باب السبب والمسبّب، إذا أردت السلامة في حياتك، فماذا تعني السلامة؟

إن السلامة تأتي بمعنى الاستقرار، بمعنى الأمن، بمعنى الشعور بالسعادة وعدم الاغتراب والانسجام مع الواقع، بمعنى السلامة النفسية والصحة العقلية، والجسدية، والتوافق الاجتماعي، والانضباط والتوازن الاجتماعي، والاستقرار الاقتصادي، فالسلامة هو العيش بسلام وهناء واطمئنان.

تجنّب الوقوع في مستنقع الانحراف

وهذا يأتي من خلال الاستقامة والسير في طريق الاعتدال، وعدم الانحراف إلى مسميات أخرى تغري الإنسان، وتجعله بدل من أن يختار الطريق الصحيح، يقع في مصائد الخطأ، ومستنقع الانحرافات، وبالتالي يضيع في ذلك العالم الذي لا يعطيه شيئا مفيدا، بل يزيده تعاسة فوق تعاسة.

لكي يستطيع الإنسان أن يعيش في رحاب الأمن والسعادة بلا خوف ولا حزن، لابد أن يلتزم بطريق الاستقامة، وطريق الاعتدال.

في وصفه لرسول الله (صلى الله عليه وآله) وفي وصفه للبعثة النبوية وأهداف الرسالة الإلهية، يقول الإمام علي (عليه السلام): (إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّداً (صلى الله عليه وآله) وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنَ الْعَرَبِ يَقْرَأُ كِتَاباً وَلَا يَدَّعِي نُبُوَّةً فَسَاقَ النَّاسَ حَتَّى بَوَّأَهُمْ مَحَلَّتَهُمْ وَبَلَّغَهُمْ مَنْجَاتَهُمْ فَاسْتَقَامَتْ قَنَاتُهُمْ وَاطْمَأَنَّتْ صَفَاتُهُمْ).

في وقت الفوضى والّلا أمن وعدم الاستقرار والضياء والتيه، جاءهم رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فأعطى للأمة الخير الكبير، وأنقذهم من براثن التخلف وأخرجهم منها إلى قمة النهضة والتقدم، وأنجاهم من تلك المحن، وأنقذهم من الخوف والقلق، بالنتيجة أفاق الناس وتنبّهوا (حتى بوَّأهم محلتهم)، وتعني مفردة (محلّتهم) المكان الذي يعيشون فيه، (وبوّأهم محلتهم) يعني جعلهم مستقرين في حياتهم، فمحلتهم أي منزلهم اللائق بالإنسان من الالتزام بالعقائد الحقة والفضائل والآداب، والأعمال الصالحة والنظام الصحيح.

الاستقرار حاجة أساسية للإنسان

هذه هي قيمة الاستقرار، فالإنسان عندما يريد أن يشتري بيتا، فإنه يريد أن يشعر في بيته بالاستقرار، وبالأمن، وهذا ما فعله رسول الله (صلى الله عليه وآله)، هذه هي الحاجة الأساسية للاستقرار، (وبلَّغهم منجاتهم) يعني أوصلهم إلى طريق النجاة، أي أنجاهم في الحياة حيث عاشوا بلا خوف ولا حزن.

(فاستقامت قناتهم) مفردة القناة تعني الرمح المستقيم وغير المعوجّ، لذلك فإن جملة (فاستقامت قناتهم) تدل على معنى القوة لهذه الأمة وليس الضعف، لأن الأمة التي تعيش عدم الاستقرار، هذا يعني إنها تعيش الضعف، وحينما تعيش الاختلال الأمني فإنها تعيش الهشاشة والضعف أيضا.

لكن عندما تحصل على الاستقرار، وتحصل على الأمن والأمان، فتحصل القوة في هذه الأمة، (فاستقامت قناتهم) وهذا تعبير عن الاستقامة مضافا إليها القوة الحقيقية، وهي القوة الحقيقية النابعة من الاعتدال ومن الفضائل، والسير في طريق الله سبحانه وتعالى، وطريق رسوله (صلى الله عليه واله)، وطريق اهل البيت (عليهم السلام).

هذا هو معنى القوة الحقيقية، وهي لا تكمن في كثرة السلاح، وليس في السيف والرمح والدبابة والرشاشة والصاروخ، كلا، إن القوة الحقيقية تكمن في اعتدال الناس واستقرارهم وشعورهم بالأمن والأمان، فهذه استعارة مجازية تعبر عن معنى مناقض، ويأتي تفسير ذلك في كلامه اللاحق الذي يقول فيه (واطمأنت صفاتهم)، وهي تعني أن الصفات والفضائل الإيجابية عند الإنسان أصبحت مستقرة، فاطمأنت (ألا بذكر الله تطمئن القلوب) الرعد 28.

الصفات الإيجابية تجعل القلب مستقِرا

عندما يحمل الإنسان في قلبه الصفات الجيدة، فإن هذا القلب يكون مستقرّا، وعندما يحمل الصفات السلبية كالخوف، والحسد، والحرص، فهذه الصفات تؤدي إلى تزلزل النفس الإنسانية وعدم شعورها بالاطمئنان والسكون والهدوء.

واطمئنان الصفات يعني اعتدال الفضائل، كالشجاعة، والكرم، والصدق، والأمانة، والتقوى، واليقين، هذه الصفات تحقق الاطمئنان في نفس الإنسان.

لذلك فإن هذا المنهج الذي يؤدي بالإنسان للسير في طريق الله سبحانه وتعالى، ورسوله (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته (عليهم السلام) هو الذي يؤدي نجاة الإنسان، ونجاة المجتمعات وقوتها السياسية والاقتصادية والعلمية والتربوية. ويؤدي أيضا إلى ثبات الصفات والفضائل الجيدة.

وللبحث تتمة...

* سلسلة محاضرات تبث على قناة المرجعية تحت عنوان (جواهر الأفكار)

اضف تعليق