كيف يمكن التعامل مع نتائج وضع العراق في المؤشر السنوي لمدركات الفساد دوليا على وفق المنهجية التي جاءت في التقييم التحليلي لمنظمة الشفافية الدولية؟؟ وما علاقة ذلك بواقع تعامل الدول مع الدولار في العراق وإعادة جدولة ديونه الخارجية وما لهما من تأثيرات على معيشة الشرائح الاجتماعية الأكثر هشاشة للفقر...
في الثلاثاء المقبل، تعلن منظمة الشفافية الدولية عن نتائج مؤشر مدركات الفساد لعام 2022، فيما سبق وان كشفت المنظمة عن إعادة تقييمها لوضع العراق في 2020 والمتضمن تحليلا تفصيليا عن حالة العراق في المراجعة الثالثة، السؤال: كيف يمكن التعامل مع نتائج وضع العراق في المؤشر السنوي لمدركات الفساد دوليا على وفق المنهجية التي جاءت في التقييم التحليلي لمنظمة الشفافية الدولية؟؟ وما علاقة ذلك بواقع تعامل الدول مع الدولار في العراق وإعادة جدولة ديونه الخارجية وما لهما من تأثيرات على معيشة الشرائح الاجتماعية الأكثر هشاشة للفقر وما فيها من تحديات كبرى امام السياسات الحكومية الحالية؟؟
واقع الحال ان مؤتمر واشنطن الأخير الذي عقدته منظمة الشفافية الدولية بحضور أكثر من 100 دولة قد تضمن تلك الاشتراطات لقياس مدى تطابق الفرص والتحديات في مكافحة الفساد واسترداد الأموال وقد مثل العراق فيه من الجانب الرسمي وفدا برئاسة رئيس ديوان الرقابة المالية بمشاركة مدير عام من هيئة النزاهة فيما مثل المجتمع المدني رئيس مؤسسة النهرين لدعم الشفافية والنزاهة، وقد تضمن جدول اعمال المؤتمر نموذجي تحليل الدولة الكلبتوقراطية "دولة اللصوص" واليات الدعم الدولي لاسترداد الأموال والأشخاص وقدرات الدول على انفاذ القانون في اصدار عقوبات مناسبة ضد جرائم الفساد، فيما يذهب تقييم العراق لعام 2020 الى فقرات أساسية تتعامل مع العديد من التحديات المتداخلة المحيطة بالأمن والتنمية الاجتماعية والاقتصادية والحكم. تتمثل في (ضعف المؤسسات، وعدم كفاية الضوابط والتوازنات، وانتشار المحسوبية والمحسوبية، والبيروقراطية غير الفعالة والمتضخمة، والاقتصاد الريعي، والاتفاق غير الرسمي لتقاسم السلطة على أسس طائفية، مؤكدة على ان تتعدد أسباب ودوافع ارتفاع مستويات الفساد في العراق، بما في ذلك الصراع العنيف، وإرث الاستبداد، وضعف سيادة القانون).
فيما تؤكد اللمحات الأولية لمؤشر مدركات الفساد 2022 ان واقع عراق اليوم بعد ما وصف ب" سرقة القرن" ستكون ظاهرة بقوة في تقييم العراق لاسيما في اليات تعامل الحكومة مع مبدأ قانوني مرفوض دوليا قائم على اطلاق سراح المتهم بعد استرداد الأموال منه باعتبار ان الأهم في جرائم مكافحة الفساد عراقيا – كما يبدو من القرارات الأخيرة للقضاء العراقي- تتمثل في استرداد الأموال وليس في إيقاع جريمة تعادل جزاء الاعتداء على المال العام، وربما يكون للحيثيات القضائية ما يدعمها، لكن توصيف ذلك كمعيار من معايير الحكم الرشيد في انفاذ القانون تقرأ بشكل عكسي دوليا، وهذا ما يمكن ان يؤثر كليا على منهجية تحليل المصاعب العراقية من قبل البنك والصندوق الدوليين ومن ثم البنك الفيدرالي الأمريكي او البنك الاتحادي الأوربي، لذلك ربما أقول ربما نسمع من جديد ما ورد في تقييم العراق 2020 ان القضاء العراقي ((مسيسا)) وان الجهات الرقابية غير قادرة على الاتيان بما التزمت به الدولة العراقية في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد.
كل ذلك يتطلب جهودا عراقية متعددة الأطراف، حكومية، قضائية، مجتمع مدني، لإيضاح حقائق تحليل أصحاب المصالح في عدم الاتيان بنظام ((نزاهة وطني)) حتى الان وعجز استراتيجيات مكافحة الفساد عن طرح مصفوفة الحلول التطبيقية المثلى للامتثال العراقي وفقا لأدلة العمل المنشورة عن التزامات الدول في اتفاقية مكافحة الفساد وما يدور في اجتماعات دولية مثل اجتماع واشنطن الأخير، بعدها يمكن للمحليين العراقيين إعادة تدوير احاديثهم عن الشفافية الدولية ومكافحة الفساد والإجراءات التي يمكن ان تعتمد من قبل الجهات الدولية للتعامل مع الدولار في العراق او إعادة جدولة ديونه الخارجية وما لهما تأثيرات كبرى على السوق العراقي ومعيشة الشرائح الاجتماعية الأكثر هشاشة للفقر ... ويبقى من القول لله في خلقه شؤون!
اضف تعليق