الشخصية الإيجابية شخصية حسنة الأخلاق، فتراه منبسط الأسارير، مشرق الوجه، منشرح الصدر، مبتسم الثغر، طيب المعاشرة، لين التعامل. وفي المقابل فإن الإنسان السلبي هو الذي يتمتع بصفات سلبية من قبيل: التشاؤم، واليأس، والإحباط، والتثبيط، والقنوط وغيرها من الصفات السلبية والسيئة. وعادة ما يكون الشخص السلبي منطوياً على ذاته...
من العوامل المهمة في تقدم أي مجتمع من المجتمعات الإنسانية هي سيادة الروح الإيجابية فيه، لأن التفكير الإيجابي والنظرة الإيجابية تحفزان روح الإبداع والتنافس الإيجابي بين أفراد المجتمع ونخبه العلمية والاجتماعية، بينما التفكير السلبي يؤدي إلى غياب روح الابتكار والإبداع العلمي وانعدام الإنجاز في مختلف المجالات الحياتية.
والمقصود بالتفكير الإيجابي النظر لأي موضوع من الزوايا الإيجابية له، وتغليب البعد الإيجابي على البعد السلبي، ومعالجة المشاكل والظواهر السلبية بمبادرات إيجابية فعالة.
والمراد بالإنسان الإيجابي هو الذي يتمتع بصفات تحمل دلالات إيجابية من قبيل: التفاؤل، وحسن الظن، وحب الخير للآخرين، والتحلي بالعطاء والتطوع، والتفاعل الإيجابي، وتحمل المسؤولية وغيرها من الصفات والخصائص التي يجب أن يتحلى بها الإنسان الإيجابي.
ويتصف الإنسان الإيجابي بالنظر إلى الأشياء بالمنظار الإيجابي، وتقدير العاملين في خدمة المجتمع، والمتطوعين والناشطين الاجتماعيين وغيرهم من أهل العطاء والبذل والانفاق، والوقوف معهم مادياً ومعنوياً، وتشجيعهم على فعل الخير وبذل المعروف.
والشخصية الإيجابية شخصية حسنة الأخلاق، فتراه منبسط الأسارير، مشرق الوجه، منشرح الصدر، مبتسم الثغر، طيب المعاشرة، لين التعامل.
وفي المقابل فإن الإنسان السلبي هو الذي يتمتع بصفات سلبية من قبيل: التشاؤم، واليأس، والإحباط، والتثبيط، والقنوط وغيرها من الصفات السلبية والسيئة.
وعادة ما يكون الشخص السلبي منطوياً على ذاته، ومنغلقاً على نفسه، وحاداً في نقده، ومثبطاً في كلامه.
كما أن الشخصية السلبية شخصية سيئة الخلق؛ فتراه متجهم الوجه، ضيق الصدر، كثير الانفعال، خشن التعامل، فقد سُئلَ رسول الله (صلى الله عليه وآله): عنِ الشُّؤْمِ؟ فقال: «سُوءُ الخُلُقِ »[1].
وكما يتفاوت الأفراد في مستوى درجات المؤشر الإيجابي والسلبي عندهم، تتفاوت المجتمعات أيضاً في ذلك، ففي حين نرى بعض المجتمعات تتحلى بالتفكير الإيجابي، والنظرة الإيجابية للأمور، مما يدفع بها نحو مزيد من التفاعل الإيجابي والتنافس العلمي والتعاون الاجتماعي، تعيش بعض المجتمعات تحت وطأة السلبية والانطواء والتقوقع على الذات وضيق الأفق.
وتشجع النصوص الدينية على النظرة الإيجابية للأشياء، وتنهى عن التشاؤم واليأس والقنوط، فنقرأ في القرآن الكريم قوله تعالى: ﴿وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾[2] وهذه دعوة قرآنية إلى اجتناب الشعور النفسي بالضعف أو الحزن أو الهم والغم لأن ذلك يضعف السلوك الإيجابي.
وقد أشارت الدراسات العلمية إلى أن العامل النفسي أهم من العامل الفيزيولوجي في الشعور بالسعادة والراحة وطول العمر، ولذا نقرأ في قوله تعالى: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾[3]، وهي دعوة إلى التفاؤل بالنظر إلى رحمة الله الواسعة، وغفران الذنوب، واجتناب القنوط واليأس من رحمته، وهذه الحالة تعزز من التفكير الإيجابي عند الإنسان.
ويعلمنا القرآن الكريم قاعدة مهمة في التعامل الإيجابي حتى مع الأمور التي نكرهها، كما في قوله تعالى: ﴿وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ﴾[4]، وهذه الالتفاتة القرآنية مهمة للغاية في معالجة المشاكل والأزمات الصعبة وتجاوز آثارها وتداعياتها السلبية، وتحويل المحن إلى فرص إيجابية.
التفاؤل والإيجابية
والتفاؤل الذي هو من أسباب السلوك الإيجابي وتعزيز الروح الإيجابية عند الإنسان يؤدي إلى سلامة النفس، وانشراح الصدر، وتوقع الخير؛ وقد ورد في منثور الحكم: «تَفاءَلُوا بالخَيرِ تَجِدُوهُ»[5] لأن التفاؤل استئناس بالخير واستبشار به.
والتفاؤل مفتاح النجاح، لما روي عن الإمام عليّ (عليه السلام) أنه قال: «تَفَأّلْ بالخَيرِ تَنجَحْ»[6]، لأن التفاؤل يحفز الإنسان على العمل والنشاط والحيوية والفاعلية، وينمي لديه الثقة بالنفس، والإرادة القوية، والعزم والتصميم على الإنجاز؛ فينجح.
والإنسان الإيجابي ينظر للحياة بأمل، ويكون متزناً في مواقفه، ومعتدلاً في نظرته للأمور، وواقعياً في نظرته للمتغيرات في الحياة.
وضد التفاؤل التشاؤم، ونقيض الفأل الطيرة، ويبعث التشاؤم على الإحباط والتذمر واليأس والقنوط، ويؤدي إلى تنمية التفكير السلبي، والنظر إلى الأمور بسلبية وسوداوية مطلقة.
والتشاؤم والسلبية من الأسباب الرئيسة لاعتلال النفس، وضيق الصدر، وتوقع الشر، والإصابة بالقلق المرضي والاضطراب والكآبة وغيرها.
وقد كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) كثير التفاؤل، ويحب الفأل الحسن ويعجبه، فقد روي: «إنّ النبيَّ (صلى الله عليه وآله) كانَ يُحِبُّ الفَألَ الحَسَنَ ويَكرَهُ الطِّيَرَةَ»[7].
وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يتفاءل في غزواته وحروبه كلها، كما كان يتفاءل بمستقبل المسلمين وأنهم سيفتحون بلاد الروم وفارس، وهذا ما تحقق فعلاً.
النظر بالمنظار الإيجابي
يختلف الناس في النظر للأشياء والأمور، ولكن الشخص الإيجابي يركز على البعد الإيجابي في أي أمر أو قضية أو موضوع، بينما يركز الشخص السلبي على البعد السلبي لأي موضوع أو مسألة، وفي قصة نبي الله عيسى (عليه السلام) مع الحواريين ما يؤكد ذلك، فقد ورد أنّ عيسى (عليه السلام) مَرَّ والحَوارِيّونَ عَلى جيفَةِ كَلبٍ، فقالَ الحَوارِيّونَ: ما أنتَنَ ريحَ هذا الكَلبَ! فقالَ عيسى (عليه السلام): ما أشَدَّ بَياضَ أسنانِهِ![8].
وهذا ما ينبغي للمؤمن فعله، بأن ينظر إلى الأمور والأشياء في الحياة بنظرة إيجابية كما نظر نبي الله عيسى (عليه السلام)، فبالرغم من أنه رأى جثة كلب ورائحته نتنة ولكنه نظر إلى الجزء الإيجابي منه قائلاً: ما أشَدَّ بَياضَ أسنانِهِ!
أما الحواريون الذين كانوا معه فقد نظروا إلى الرائحة الكريهة الناتجة من تعفنه، ولذا قالوا: ما أنتَنَ ريحَ هذا الكَلبَ!
إن الكثير من الأمور في حياتنا ستتغير عندما ننظر للأشياء بمنظار إيجابي، ونتجنب النظر إليها بمنظار سلبي، فالكثير من المشاكل الزوجية والأسرية، والكثير من المشاكل الاجتماعية، والكثير من المشاكل الأخلاقية، والكثير من المشاكل العملية والحياتية ناتج من النظر إليها بنظرة سلبية، وعدم رؤية الجوانب الإيجابية منها.
إن المجتمع أحوج ما يكون إلى التفكير الإيجابي، والمبادرات الإيجابية، إذا ما أردنا أن نساهم في تطوير المجتمع وتقدمه، وأن نخلق البيئة الإيجابية المناسبة لنمو وتعزيز الأعمال الخيرية والتطوعية والعلمية والثقافية والرياضية والاجتماعية وغيرها من الأنشطة والفعاليات التي تسهم في تنشيط روح التعاون والتآلف الاجتماعي.
وأما الحالة السلبية فهي آفة من آفات التقدم الاجتماعي، فما شاعت في مجتمع إلا وأدت إلى تأخره وتقهقره وتخلفه على مختلف الأصعدة والجوانب.
والمطلوب هو تنشيط الحالة الإيجابية في المجتمع، وتشجيع أهل العطاء والبذل والتطوع، ودعم المبادرات التطوعية في أي عمل يخدم المجتمع ويساهم في الارتقاء به اجتماعياً وعلمياً وحضارياً.
اضف تعليق