q
في خضم الأحداث الجسيمة التي تخيم على بلادنا هذه الأيام، لا بد لكل مواطن يعيش على هذه الأرض من وقفة متأنية مع الذات، لمراجعة ومعاينة ما يدور حوله بعين بصيرة، بعيدا ً عن الأهواء والعواطف، وأن يكون جــُل هذه المراجعات يدور حول مصير ومستقبل هذه البلاد...

في خضم الأحداث الجسيمة التي تخيم على بلادنا هذه الأيام، لا بد لكل مواطن يعيش على هذه الأرض من وقفة متأنية مع الذات، لمراجعة ومعاينة ما يدور حوله بعين بصيرة، بعيدا ً عن الأهواء والعواطف، وأن يكون جــُل هذه المراجعات يدور حول مصير ومستقبل هذه البلاد. والسؤال المركزي الذي يجب طرحه في المرحلة، هو عن الكيفية التي يمكن بموجبها التصدي لهذا الاعصار المدمر الذي يضرب البلاد الآن، وما هي الوسائل التي يمكن من خلالها إن لم يكن إيقاف هذا الاعصار فعلى الأقل الحد من حجم الأضرار المترتبة على ذلك؟

وعند البحث عن إجابات لهذه التساؤلات سوف لا نجد صعوبة في ذلك، فكل شخص ٍ يعيش في هذه البلاد لدية وسيلة أو أداة للحد من هول هذا الاعصار، ولكن هذا لن يحصل إلا بعد سلسلة من المراجعات مع الذات، والنظر بعيدا ً، وبعيدا ً جدا ً بعواقب الأمور اذا ما أستمر التدهور على هذا الحال، على ان يرافق كل ذلك حـُسن النوايا، وصفاء القلب، وروح المواطنة الصالحة، مع الابتعاد عن التجاذبات الشخصية والمصلحية.

لقد تعامل هذا الشعب مع كم هائل من التجارب والطروحات السياسية التي خرجت علينا من مختبرات ومعامل شتى، إلا انها عجزت في ايجاد الدواء الناجع لمعالجة جرح العراق النازف، بل البعض ساهم في تعميق هذا الجرح وجعله أكثر غورا ً وأيلاما ً.

ومن المؤكد إننا اليوم بحاجة الى دماء جديدة ومتجددة، بعد ان ثـَبـُت تلوث الكثير من الدماء المتداولة الآن على الساحة بالعديد من الفايروسات القاتلة والشديدة العدوى. وعلى الجميع ان يدرك حقيقة في غاية الأهمية، وهي ان وسائل عدوى انتقال هذا الوباء متنوعة، وهي من السهولة، بحيث لا يمكن لأحد ان يكون بمنأى عن الإصابة به، لذا يجب ان تتظافر جهود الجميع لمكافحته واستئصاله، والحد من عواقبه وآثاره السلبية التي توزعت في زوايا قاتلة من مجتمعنا، وهذا لن يتم إلا بالخروج من هذا النفق المظلم.

وما دام الأمر كذلك فحري بنا جمعيا ً ان نعمل ودون توجس او خوف على تصحيح المسارات، وتلافي العقبات التي كانت ولا تزال تعترض سير القافلة الوطنية من خلال وضع خارطة طريق تحدد فيها الثوابت الوطنية التي حصل عليها الأجماع الوطني، وكذلك تعديل وتجاوز السلوكيات والمفاهيم الخاطئة بمختلف اشكالها التي ثبت هشاشتها وعجزها في تحقيق ما كانت تصبوا اليه شرائح واسعة وعريضة من أبناء هذا البلد.

ولعل اهم ما يمكن الاشارة اليه والعمل بموجبه في هذه المرحلة وقبل الاقدام على وضع اي خطة عمل او استراتيجية معينة، هو القيام بمراجعات شاملة وعلى كافة المستويات، وهذا الأمر يستوجب المكاشفة والوضوح ووضع النقاط فوق الحروف والحروف فوق السطور.

ويفترض ان يصاحب ذلك نقد ذاتي بناء لمجمل الطروحات والتصورات التي إعتاده المجتمع التعايش معها وكأنها مُسلمات غير قابلة للطعن او المساس. وقد يعقب ذلك مراجعة المفاهيم والقيم السياسية والاجتماعية والمعرفية بما فيها النظم الأيديولوجية التي تتبناها بعض الجهات السياسية وما تحويه من ثوابت وقيم ظلت على مدى من الزمن على اعتبارها مقدسات لا يجوز المساس بها، وبطبيعة الحال هذا منطق غير سليم في التعامل مع الأحداث.

فها هي الشواهد التاريخية بما فيها نزول الرسالات السماوية وظهور الأنبياء والرسل والتي روعي فيها التدرج والتعاقب، وتجديد المفاهيم والقيم بما يتناسب وتطور المدارك الفكرية والحسية للفرد والمجتمع. فليس العيب ان يقف المرء في منتصف الطريق لمعاينة ما تركه من أثر وما يعترضه من أهوال، ولكن العيب ان يستمر في خطاه وهو في طريقه الى المجهول.

.............................................................................................
* الآراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق