لقد عاش اغلب الساسة العراقيين الوهم المزيف في الحصول على السلطة والتشبث فيها، وبالفعل تحكم فيهم وهم الزعامة الزائلة والقوة الخاوية والنفوذ الشكلي، حتى جعلتهم جميع هذه العوامل يشيدون الأبنية الكونكريتية التي تجعلهم في مأمن عن جماهيرهم المكافحة والمحاربة على جميع الجبهات...
سأخبركم اليوم عن أكثر السياسيين فشلا في العراق، هؤلاء الذين جاءوا بدافع التغيير فصار على أيديهم التدمير، هؤلاء الذين قالوا الكثير الكثير ولم يفعلوا الا القليل اليسير، نعم سأحدثكم عنهم، لأنهم من تسبب ببؤسكم وتعاستكم طيلة السنوات الماضية ولا نتأمل الخير في الايام القادمة.
الانموذج الذي حكم العراق قد يكون الأكثر فشلا على مستوى العالم، فلا توجد دولة فيها ما في العراق من خيرات، واغلب مواطنيها يعيشون تحت خط الفقر، مشمولا بذلك الموظف من الدرجة الخامسة في السلم الوظيفي بحسب وزارة التخطيط العراقية، التي وقفت عاجزة عن التخطيط في ظل التخبط السائد في البلد.
الفاشلون في العمل السياسي هم الذين يصرون على المشي بذات الطريق المغلق الذي لا يقود الى الخلاص بل يؤدي الى المزيد من التعثر والالتفاف حول الهدف دون الوصول اليه، والامثلة كثيرة على السياسية العراقية التي تخرج من ازمة وتقع في أخرى، أكثر تأثيرا من السابقة على الجمهور.
يمكن ان نصف بعض الساسة في العراق بالفاشلين لأنهم لا يسمعون طالب الإغاثة منهم، بل يضعون القطن في آذانهم ويكملون المسير الخاطئ دون الالتفات الى ما يجري للرعية المعدومة، والتي يحسبها الجاهل غنية من التعفف، وقد تتحول في يوم ما الى بركان يقذف نيرانه على الخصوم التي تسببت بكل ما يعانيه.
من يقرأ السير الشخصية للمتصدرين للعمل السياسي في العراق يعتقد بأنها ستقلب العراق رأس على عقب بمجرد الوصول الى كرسي الحكم والقرار، بينما الوضع مختلف تماما عما متوقع او مؤمل الحصول، وعلى الرغم من اندلاع الثورات الداخلية ونشوب الاحتجاجات المتكررة، لكنهم لا يرهبهم ذلك ولا يشعرون بالألم الشعبي وكأن بينهم مئات الاميال.
السياسيين العراقيين لا ينظرون الى الغد ولا يضعون في حساباتهم المستقبل القريب، جل همهم قضاء يومهم بسلام، مع مزيد من المغانم والمكاسب الضيقة التي تنحسر ويذهب بريقها بمجرد الخروج من السلطة، فكم شخصية وشخصية أصبحت صاحبة الجلالة لشهور او كثر، لكنها أفلت وسقطت أسرع من الشهب في السماء.
عدم توخي الحذر والعمل على بناء مجدا وصرحا فكريا وأيدلوجيا من قبل هذه الأحزاب والشخصيات، جعلها تصاب بالشيخوخة السياسية المبكرة، وغيرها من امراض نهاية العمر، فمن يصل هذه المرحلة على المستوى الحزبي يكون قد وصل الى حافة الهاوية في علاقته مع الجمهور الذي ابتعد عنه قلبا وروحا وتصرفا ولم يعد هنالك من ترابط يذكر بين الجانبين.
لقد عاش اغلب الساسة العراقيين الوهم المزيف في الحصول على السلطة والتشبث فيها، وبالفعل تحكم فيهم وهم الزعامة الزائلة والقوة الخاوية والنفوذ الشكلي، حتى جعلتهم جميع هذه العوامل يشيدون الأبنية الكونكريتية التي تجعلهم في مأمن عن جماهيرهم المكافحة والمحاربة على جميع الجبهات.
ووصل الامر بهم الى عدم التوافق فيما بينهم، فهم من أوصل رسالة بخط عريض بأنهم لا يفكرون في الدولة وقيامها، ولا يعنيهم ضعفها سقوطها، ومع ذلك لا يملكون الشجاعة لصعود منصة محاسبة الضمير والنفس، مثلما يفتقدون الى الشجاعة في الجلوس الى طاولة النقاش الجاد والتقارب والتفاهم على المواقف والقضايا التي تهم الشارع بصورة عامة.
هذه النوعية من السياسيين التي تستحق وصمها بالفاشلة، لعدة أسباب ذكرنا بعضها وبعضها الآخر لا نستطيع ذكره، وليس خشية منا بل لوضوحه ومعرفته من قبل الجميع الحالمين بتفكير عميق بإيجاد وخلق طرق وأساليب للتنمية والتخطيط لإخراج البلاد وقطاعاته المختلفة الى الجادة السليمة؛ لكي يلحق بالركب العالمي الذي سبقه كثيرا في شتى المجالات.
اضف تعليق