أخيرا صوّت مجلس النواب بالإجماع على الحزمة الأولى من الإصلاحات الحكومية التي قدمها رئيس مجلس الوزراء السيد حيدر العبادي. تضمنت هذه الحزمة من الإصلاحات التي بدأت بعدد من التوجيهات الصادرة من قبل السيد رئيس مجلس الوزراء ويمكن إيجازها بما يلي : تقليص فوري بأعداد الحمايات لكل المسؤولين بضمنهم الرئاسات الثلاث، وإلغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء فوراً، وإبعاد جميع المناصب العليا عن المحاصصة الحزبية والطائفية، وترشيق الوزارات والهيئات لرفع الكفاءة وتخفيض النفقات، وإلغاء المخصصات الاستثنائية للرئاسات والهيئات ومؤسسات الدولة والمتقاعدين منهم، وفتح ملفات الفساد السابقة والحالية بإشراف لجنة "من أين لك هذا".
هذه هي الخطوة الأولى من الإصلاحات التي نتجت عن مطالب الشعب من خلال المظاهرات التي خرجت خلال الأسبوعين الماضيين، وهي نتاج دعم واضح وقوي من قبل المرجعية الدينية العليا التي كان لموقفها وصوتها الحكيم والحاسم دورا رئيسا وفاعلا في استجابة مجلس النواب لمطالب الناس، فهي التي طالبت بكل وضوح وقوة من السيد العبادي بأن يكون أكثر "جرأة وشجاعة" بمكافحة "الفساد المالي والإداري"، ودعته إلى "الضرب بيد من حديد على العابثين بأموال الشعب"، مشددة على ضرورة فضح من "يعرقل" مسيرة الإصلاح..
ولهذا نقول أن رسالة الشعب وصلت تماما، مدعومة بشكل كامل من قبل مرجعيتنا الرشيدة وقد حققت الخطوة المهمة الأولى في جانبها التشريعي، أي الموافقة عليها بالإجماع في مجلس النواب، وهي الخطوة التي ستتبعها خطوات لاحقة أخرى أكثر أهمية في جانبها التنفيذي، مما يعني أن نعطي الفسحة والفرصة الآن كاملة للسيد رئيس مجلس الوزراء الذي تعهد بتنفيذ كامل هذه الإصلاحات وما سيتبعها من إصلاحات كبيرة، ولا ننسى أننا نخوض في الجهة الأخرى حربا شرسة وخطرة ومصيرية ضد داعش الإجرامي الذي ينتهز الفرصة للإفلات من هزائمه المتكررة على يد أبطال الحشد الشعبي ورجال المقاومة الوطنية الشريفة.
وبما أن الشعب الذي تظاهر في ساحة التحرير وغيرها من مناطق العراق قد فوض السيد العبادي لتنفيذ مطالبه، فعلينا نحن كمطالبين بهذا الإصلاح، أن ندعمه من خلال جملة من الإجراءات والسلوكيات والمواقف اللاحقة، كي نفوت الفرصة على المتربصين بهذه المظاهرات والمطالب المشروعة من أعداء العراق وشعبه، وأن لا نضيع حقوقنا هذه بممارسات غير مدروسة ومدفوعة بشكل عاطفي ربما وغير ناضج ولا يتناسب مع حساسية المرحلة وخطورتها كبلد وشعب مستهدفين، ولكي لا تضيع الدماء الطاهرة التي تروي يوميا أرض الوطن في الجبهات ضد وحوش الحياة من تنظيمات داعش وغيرها من الوحوش..
لهذا نتمنى على أهلنا وأخوتنا في الساحات المطالبة بالإصلاح والتغيير أن يراعوا خطورة المرحلة وأن لا يكون التهجم على الرموز الدينية والفكرية والسياسية هو الهدف والغاية لاسيما وقد تداخلت بعض الأصوات الناشزة مع الأصوات الحقيقية مستثمرة اللعب على الورقة السياسية والدينية تحت دوافع معروفة وخبيثة، وقد سمعنا من (يهوس) متهما الدين ورجال الدين مثلا، بوصف لا يليق بهم وبدورهم الكبير في دعم وإسناد حقوق الناس في المظاهرات وقبلها وحتى بعدها، وبما لا يليق أيضا بمستوى وعظمة هذه المظاهرات والمطالب الشعبية الحقيقية، ولهذا نقول لا تفسحوا المجال لهؤلاء الخبثاء (المهوسجية) من الذين بلا قيم ومبادئ، بين صفوفكم لأن أهدافهم غير أهدافكم، وغاياتهم بعيدة عن غايات الشعب التي خرجوا لأجلها..
نتمنى التهدئة مستقبلا لغرض إعطاء الفرصة للسيد رئيس مجلس الوزراء وللجهات التنفيذية في الحكومة كي يبدؤوا عملهم في تلبية مطالبنا المشروعة بالإصلاح، وأن لا تكون المظاهرات هي الهدف بل هي الوسيلة لتحقيق الهدف الوطني والإنساني، ونحن على ثقة كاملة بوعي شعبنا وأهلنا، وذكائهم وفطنتهم مقرونا بحرصهم على حاضر العراق ومستقبله من كل سوء.
[email protected]
...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية
اضف تعليق