لو استغفلك نزيه فاعلم انه باستغافله لك قد أصبح فاسداً فكيف لو أن من استغفلك فاسد أصلاً، فهو فاسد وصلف بامتياز!

لو خدعك شريف فأعلم أنه بخداعه لك قد أصبح سافلاً فكيف لو أن من خدعك سافل أصلاً، فهو سافل ومنحط بامتياز!

تظاهر الشعب العراقي هذه الأيام كما تظاهر من قبلها مرات ومرات ولم تلبى حاجاته بل سارت عجلة الفساد بكل صلافة واستمر سير السفالة بكل انحطاط ليحتل العراق صدارة الدول بمؤشر الفساد، وساء حال الشعب على مر السنين وزاد سوءه الذي تلبسه وعاش به ليتصدر العراق قائمة أسوأ البلدان على الصعيد الخدمي والأمني.

تظاهر الشعب هذه الأيام وبدت له نية الاستمرار بالتظاهر والاصرار أكثر مما سبق من تظاهرات فلربما عرف أن الحقوق يجب أن يتم الاصرار عليها لنيلها، وربما أدرك ولو لاحقاً أن هؤلاء المسؤولين قد استخفوا بعقل الشعب وبوجدانه لحدٍ لا يطاق.

بدت حركة اصلاحية لرئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بتقليص المناصب وفتح ملفات الفساد بصورة جدية ليعطي بارقة أمل بوجود إصلاح وإن كانت جائت بعد مضي سنوات وسنوات ولكن أن تأتي لاحقاً خير من أن لا تأتي بالمرة. شجعته التظاهرات للمضي قدماً في تنظيف ما تراكم من أوساخ.

يخرج بعض المسؤولين اليوم ممن هم كانوا ومنهم من لازالوا طرفاً في معادلة الفساد الاداري واللامبالاة بحقوق الشعب لتأييد التظاهرات وبكل صلافة ويطالبون بتنفيذها ليصبح المثل المصري واقعياً جداً (يقتل القتيل ويمشي في جنازته). رحم الله امرء عرف قدر نفسه، وخير الخطائون التوابون ورحم الله من تكلم فغنم وسكت فسلم وهي حكم ومأثورات كان ينبغي ادراكها فهنالك مجال دائماً للتصحيح والاعتراف بالخطأ، فمتى يحين وقت اعترافكم بخطئكم يا مسؤولين، وليس أن تؤيدوا مطالب وكأنكم المظلومين؟!

أتستغفلون الشعب وتخدعوه وتتصورون ان شعب بهذا التعداد الهائل يمكن استغفاله وخداعه؟!

ربما بانت لكم سوأة أخرى غير سوأة الفساد واللامبالاة والتهاون بالمسؤولية وهي سوأة الاستحمار.

إن خدعتم مئة فأعلموا أن ألف غيرهم لهم عقل يزن جبال ويفهمون بالدين والسياسة والاجتماع أكثر مما تم تلقينكم إياه.

فقط اعترفوا بالتقصير والخطأ وابدأوا التصحيح ذاتياً وجماعياً فلو لم تعترفوا بأخطاء أحزابكم وسياساتكم فلا يوجد إصلاح بل مجرد تبريرات واهية تنم عن عمق غباء وتغطية فساد تنم عن عمق نذالة والقاء التهم على الاخريين والتستر على من ينتمي لكم وهو ينم عن عمق نفاق.

مسؤولون (مدراء اقسام دوائر دولة ومدراء عامين ومتنفذي تلك الدوائر، اعضاء ورؤساء مجالس بلدية ومجالس محافظات، محافظين ونوابهم والمتنفذين في المحافظة، سفراء وكبار موظفي السفارات والقنصليات، اعضاء البرلمان ورئاسته، وزراء ونوابهم وكبار موظفي الوزارة ومجلس الوزراء ورئاسة الوزراء، رئاسة الجمهورية ونوابه وكبار الموظفين فيها). طبعاً ومن خلفهم احزاب ورجال دين كلٌ يغني على ليلاه. قد اخطأ الكثير منكم بحق شعب العراق منذ أيام مجلس الحكم العراقي سنة 2003 وللآن وجر فسادكم الويلات على الشعب وما كانت تلك المناصب إلا عبارة عن حزمة محاصصات حزبية بائسة وتوزيع مناصب حسب الولائات لا الكفائات مع الأسف.

اليوم ربما هنالك صحوة وبارقة امل بوجود اصلاحات ولكن يجب عليكم ان تعترفوا بخطئكم الفادح بحق العراقيين وتبدأوا بالتصحيح ذاتياً وجماعياً. هذا الخطأ واقع ومنطق لا يغفله العقل البسيط وأما الفاهم فلديه عليكم مأخذ اكثر واكثر من جرائم وتهاون ولا مبالاة بالمسؤولية ومؤامرات وفساد اداري ولكن ليكون الاكتفاء الان بالاعتراف بخطئكم وتصحيحه ومحو اثاره وسيغفر لكم الشعب كل ما سلف لأنه ربما سيرتاح ويتناسى لأنه سئم الوضع الماضي والحالي ويريد أن يقضي ما بقي مما يُسمى عمر وحياة في راحة طالما حلم بها ولم يراها، ولكن لست اضمن لكم مسامحة التاريخ فهو دوّن عليكم مساوئ كثيرة كما لا اضمن لكم عفو الله فالله صارم جداً في حقوق الناس وانتهاكها.

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق