لا يهمني (كريستوفر) المستكشف ولا حتى أثره في رحلاته ولا طريقة حكمه ولا حتى حياته. كل ما يهمني يا سادتي هو هذه القصة التالية التي تم نسبها اليه رمزياً دون أن تكون قد حدثت فعلاً رغم شهرة نسبتها اليه عالمياً وبالحقيقة أن قام بتأليفها كاتب إيطالي بكتاب...
من أوائل من اكتشف أمريكا قبائل من ايسلندا اشتهروا بمسمى الفايكنغ (Vikings) ولكن كان قد وصلها قبلهم بحارة من الصين ومستكشفين من الهند، لكنها كانت رحلات لم تشتهر.
ارتبط اكتشاف أمريكا بإسم (كريستوفر كولومبس) الذي كان يبحث عن طريق تجاري (أقصر) من طريق الحرير (البري) مع الصين مستخدماً الممر الشمالي الغربي المائي لأوروبا.
بعدما وصلها أدرك لاحقاً أنه لم يصل الصين ولا الهند ولم يصل آسيا أصلا، بل وصل لما تم تسميته لاحقاً (العالم الجديد).
سمى (كريستوفر) الناس هناك اول الأمر بالهنود لأنه كان يتصور أنه رسي على ارضٍ في المحيط الهندي و(الحمر) لاستخدام الشعوب الأصلية (indigenous) هناك مزيج من طين ورمل يشكل درجات من اللون الاحمر يرسمونه خطوطاً على وجوههم، فالتصقت التسمية بهم رغم أنهم ليسوا (هنوداً) وليسوا (حُمراً).
جاء اسم (أمريكا) للقارتين جنوبها والشمال تكريماً للبحار والمستكشف الإيطالي (أميرك فيسبوجي) (باللفظ اللاتيني) الذي كان أول أوروبي فكر بأن سواحل أمريكا ما هي إلا قارة جديدة بينما كان الكل في ذلك الوقت بما فيهم (كريستوفر كولومبوس) يظنون أنها امتداد لقارة آسيا، لهذا تمت تسمية العالم الجديد لأول مرة في خريطة بمسمى (أمريكا) تكريماً له.
ذاعت شهرة اسطول (كريستوفر) البحري، فقد مهّد الطريق لاستكشاف الأمريكيتين أكثر ولوصول رحلات اوربية أكبر لتلك البقعة المنسية يومها، ولفتح عالم جديد ليُستكشف من جديد.
الكثير من مسميات الأماكن والمدن هناك قام هو بتسميتها او سُميت تأثراً به وباستكشافاته.
لولا رحلات (كريستوفر) الاستكشافية لتأخرت حركة التجارة العالمية والتغيرات الاجتماعية والسياسية فترات طويلة بعده، فقد ساهمت رحلاته بتلاقح ثقافات ومعرفة الناس بآخرين لم يكن ليُتَخَيَل وجودهم أصلاً كما ساهم بتنشيط حركة التجارة العالمية وما سُمي اليوم بالعولمة.
ينقده بعض الدراسين والباحثين أنه ساهم بفرض احكام صارمة (مجحفة) على شعوب تلك المناطق المستكشفة وانه غيّر من ثقافتهم بأن فرض عادات وطرق عيش اوربية وساهم بفرض احكام قسرية، ولقد ازدادت سوءاً واجحافاً وظلماً من قِبَل المستعمرين الاوربيين الجدد من بعده.
مثلما يتم الاحتفال بيوم (كريستوفر كولومبس) في الولايات المتحدة (الأمريكية) وبلدان أخرى تخليداً له ولإنجازاته.
لا أرفع الشعارات وأُغلق الشوارع بالمظاهرات لأصطف مع الحانقين عليه ولا (أهز) (وسطي) محتفلاً مع (المطبلين) لروعة إنجازاته.
إحترم العقل والتفكر في أي موقف من المواقف ولأي فكرة من الأفكار ولا تقدس بشراً.
التقديس لبشرٍ (مثلي ومثلك) غباء.
لا ترهن عقلك لبشرٍ خطّاء.
لا يهمني (كريستوفر) المستكشف ولا حتى أثره في رحلاته ولا طريقة حكمه ولا حتى حياته.
كل ما يهمني يا سادتي هو هذه القصة التالية التي تم نسبها اليه رمزياً دون أن تكون قد حدثت فعلاً رغم شهرة نسبتها اليه عالمياً وبالحقيقة أن قام بتأليفها كاتب إيطالي بكتاب له الفه عقب استكشاف العالم الجديد سنوات بعد وفاة (كريستوفر).
بالرغم من ذلك فلهذه القصة (لَفتَة) ربما تكون (مُلفِتة).
كانت هذه المقدمة التي هي أطول من المقالة نفسها لربط الموضوع بعضه ببعض وللحفاظ على النَسَق و(والله) أنها ليست (حشو).
قال لي بعض الأصدقاء أن مقالاتي طويلة، فيبدو أني بارعٌ في (التطويل) ليس (عمداً) ولا (حُباً) بل لأن الكلام (يجر بعضه بعضاً) فيصبح حينها (التقصير) (نشازاً).
يُحكى يا سادتي أن كان (كريستوفر) جالساً في قاعة بعد اكتشافه العالم الجديد وكان متواجداً فيها شخصيات بارزة أصابتهم الغيرة من نجاحه، فبدأوا يقولون بينهم: (المسألة سهلة، إنها مسألة سفينة تمضي وفقط).
إلى غير ذلك من جمل سلبية تقزّم إنجازه وتلّمح ان اكتشاف (قارة) لم يكن انجازاً كبيراً، مثل الكثيرين من الناس الذين تصيبهم (الغيرة) و(الحقد) و(الغل) على موضوع كتبه (أحدٌ) أو فكرة نطق بها (مُحدّثٌ) أو عمل خيرٍ أنجزه (فاعلٌ)، فيحاولون الحط من شأن من (كَتَبَ) و(حدّث) و(أنجز) فقط للتقليل من شأنه (حقداً، وحسداً، وغلاً)، (مرضى نفسيين) أعاذنا الله وكلُ من ليس في قلبه (مرض).
بطريقة ما سمعهم (كريستوفر) فنهض من طاولته متجهاً نحوهم واراد ان يتحدى منتقديه والحاقدين عليه بذكاء فقال: (من يستطع منكم وضع هذه البيضة على الطاولة بشكل عمودي على رأسها دون أن تتدحرج).
فشل جميع المستهزئين به بتحقيق ما طَلَب، فما كان منه إلا أن أمسك بالبيضة وضربها بلطف بطبق الطعام لتتصدع إحدى قمتيها دون أن تتهشم فتصير بما يشبه القاعدة المقعرة لها ومن ثم تركها (كريستوفر) منتصبة على هذا الوضع العمودي.
من ثم التفت إليهم قائلاً: (هذه مثل اكتشافي، الآن جميعكم يراه سهلاً لكن قبل دقائق كنتم عاجزين عنه).
(اللفتة) يا سادتي أن التفكير (القائد) والمحاولة لمنجز من المنجزات هو أساس هذا (المنجز)، وليس من رَكَبَهُ لاحقاً ونَسَبَه إليه، فيجر له أتباعاً ليصعد بهم مناصباً وأُبهة، والكثير منهم (كالحمار يحمل أسفاراً) فقط حاملاً دون الاكتراث (بما) حَمَل و(كيف) حَمَل وحتى (لماذا) حَمَل.
(اللفتة) يا سادتي أن قيمة الفكرة تظهر عند اكتشافها وإثارتها وبحثها والحديث عنها ونشرها وبعد قليل تصبح (عادية) لدى الكثيرين بعد البوح بها.
(اللفتة) يا سادتي ألا تحاول الحط من شأن واحدٌ من الناس والاستهزاء به وأسأل نفسك ماذا قدمت انت وماذا أنجزت.
(اللفتة) يا سادتي أن الحقد والحسد والغل (أمراض) بقاؤها سيُبقي القلب (أسود)، والله خلقنا بقلوبٍ (بيض).
اضف تعليق