المشكلة الكبرى في اليمن هي القيادة كانت دائما فاسدة وقصيرة النظر وتدار بشكل سيء. الجميع تقريبًا، بما في ذلك الغربيون، وجيران اليمن في الخليج الفارسي، والعديد من اليمنيين يعرفون ذلك. الفساد، أو إساءة استخدام السلطة من أجل الربح، متجذر بعمق في الاقتصاد السياسي اليمني. على مدى عقود...
أخيرًا، اقتنع التحالف بأن ما يسمى بالشرعية (هادي) كان عبئًا على التحالف طوال السنوات السبع الماضية وأظهر عدم قدرته على تحقيق أهداف عملياته العدوانية على اليمن. لذلك قرر فصلها في السابع من أبريل. عين الديوان الملكي السعودي شرعية جديدة برئاسة الدكتور رشاد العليمي. ترى السعودية أن القيادة الجديدة أكثر تماسكًا وكفاءة ويمكنها معالجة التحديات التي يفرضها الواقع على الأرض بشكل أفضل.
لكن نجاح المجلس مرتبط في النهاية برد فعل أنصار الله عليه، تقول الباحثة إليزابيث كيندال إن تغيير القيادة لن يوقف الحرب، لكن هذا التغيير مطلوب بشكل عاجل. لكن التقارب مع أنصار الله لن يحدث أبدًا إذا لم تتحقق الشروط اللازمة للقيادة الجديدة. إن رفض أنصار الله لمقترحات السلام التي قدمها المجتمع الدولي في الماضي واليوم يرجع إلى غياب المحاور الآخر.
بايدن ينهي الحرب في اليمن
لقد مر عام على إعلان بايدن إنهاء الحرب في اليمن ولم يتغير شيء على الأرض، فقط بايدن قلص الدعم الأمريكي لحمام الدم في اليمن. أما حصار التحالف السعودي وعدوانه العسكري، فلا يزال مستمرا. الولايات المتحدة الآن بحاجة إلى النفط الرخيص بعد أن حظر بايدن واردات الخام الروسية في مارس، وهدد الجمهوريون وشركات نفط كبرى أخرى بنشر أخبار مناهضة لبايدن من خلال إلقاء اللوم على زيادة الأسعار على البيت الأبيض. هذا الوضع يمنح السعودية فرصة مثالية للضغط على بايدن لإعادة المساعدة العسكرية الأمريكية إلى مستواها السابق.
ارتفاع أسعار الطاقة والغاز يؤدي إلى خسارة الديمقراطيين مجلسي الشيوخ والنواب في انتخابات التجديد النصفي لشهر نوفمبر. لذلك جاء تشكيل المجلس الرئاسي من الرياض. لكن الباحث في المركز الوطني الفرنسي للبحوث العلمية فرانسوا فريزون روش أعرب عن تشاؤمه قائلا: "أخشى ألا يغير هذا المجلس الرئاسي ولا الهدنة الوضع في حرب مستمرة ما دام النزاع قائماً. الحرب في اليمن هي حرب محلية، لكنها حرب إقليمية ودولية أيضًا. ولن يتم حل أي شيء حتى يجلس اللاعبون معًا على طاولة المفاوضات. "اللاعبون الأساسيون هم أمريكا، السعودية وأنصار الله وسلطنة عمان والبقية دمى وتجار حرب". لذا أتفق مع فرانسوا فريزون روش، الذي يرى أن "هذه الحرب تُشن من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وبما ان لفرنسا وامريكا وبريطانيا مصالح مالية هناك. وفي نفس الوقت، فإن أعينهم تتجه إلى أوكرانيا". لذا فالحل ليس "شرعية رشاد العليمي"، بل قرار من مجلس الأمن الدولي بوقف الحرب ورفع الحصار عن اليمن.
نوعية قيادة المجلس اليمني الجديد
هنا أبدأ بما كتبته مراسلة وول ستريت جورنال إيلين كنكمير في 1 أكتوبر 2010: إذا عدنا إلى تاريخ اليمن الحديث وبحثنا عن المشكلة الكبرى في اليمن، نكتشف أنها ليست تنظيم القاعدة، كما أنها ليست الحركة الشيعية في شمال أو الحركة الانفصالية في جنوب. ولا ارتفاع معدل البطالة، ولا إرتفاع معدل الوفيات أو سوء التغذية المرتفع. في حين أن كل هذه العوامل مأساوية، وكلها بالطبع خطيرة، المشكلة الكبرى في اليمن هي" القيادة". كانت دائما فاسدة وقصيرة النظر وتدار بشكل سيء. الجميع تقريبًا، بما في ذلك الغربيون، وجيران اليمن في الخليج الفارسي، والعديد من اليمنيين يعرفون ذلك.
الفساد، أو إساءة استخدام السلطة من أجل الربح، متجذر بعمق في الاقتصاد السياسي اليمني. على مدى عقود، نرى القادة السياسيون ينتزعون عائدات مؤسسات الدولة لتستفيد منها قلة مختارة. الفساد الإداري والمحسوبية شائعاً في الحياة اليومية. شرعية الدكتور رشاد العليمي امتداد لهذه النخبة الفاسدة التي أرسى أسسها الرئيس صالح. لنبدأ برسم صورة موجزة للفساد المتجذر في النخبة السياسية اليمنية مرتبطة بشكل أساسي بأمريكا والسعودية. بدأ ارتباطهم بأمريكا مع حملة الحكومة لمكافحة الإرهاب في عام 2001. تعززت في عام 2008 عندما أعلنت القاعدة عن تحول أعمالها من استهداف المصالح اليمنية والسعودية إلى استهداف الولايات المتحدة ومصالحها.
في نوفمبر 2002 قُتل زعيم الجماعة أبو علي الحارثي. بعد ذلك، بدأ صالح في تقليص جهوده في مكافحة القاعدة. خلال هذه الفترة عمل الوحيشي لدمج فرعي القاعدة السعودي واليمني في يناير 2009 لتشكيل القاعدة في شبه الجزيرة العربية التي كان أميرًا لها. منذ ذلك الحين، لم تمنح السعودية للقاعدة ملاذاً آمناً داخل حدودها. لكن الرئيس صالح وفر الملاذ من خلال الإجراءات الأمنية المتساهلة للحكومة اليمنية ضد القاعدة، والتي تنبع جزئياً من العلاقات الوثيقة التي أقامها جهاز الأمن للرئيس صالح مع الإسلاميين على مدى العقدين الماضيين لاستغلال مواردها الأمنية لمكافحة التهديدات الأخرى.
في عام 2010، كان فرع القاعدة مزدهرًا في الوقت نفسه كان الرئيس صالح منشغلًا في طلب الأموال من أمريكا. عندما زاره برينان من وكالة المخابرات المركزية ضغط عليه لدفع 300 مليون دولار التي تنوي إدارة باراك أوباما منحها لليمن لمساعدته على قتال القاعدة. والجميع يعرف ماذا سيحدث إذا لم يحصل الرئيس صالح على أموال مجانية، هذا تهديد يستخدمه صالح ومسؤولوه في كل مرة. ومن الأمثلة الأخرى أثناء مؤتمر "أصدقاء اليمن"، لمح رئيس الوزراء اليمني آنذاك علي محمد مجور إلى نوعية الأموال التي تحتاجها اليمن. قال إننا بحاجة إلى خطة مارشال لدعم اليمن. وقال مجور لصحيفة الشرق الأوسط اللندنية "أعتقد أن المبلغ المطلوب حوالي 40 مليار دولار".
وفي لقاء آخر بين قائد القيادة المركزية الأمريكية الجنرال ديفيد بترايوس والرئيس صالح، حضر اللقاء وزير الدفاع محمد ناصر أحمد (حليف هادي) ونائب رئيس الوزراء لشؤون الدفاع والشؤون الأمنية رشاد العليمي الرئيس الحالي. أخبر الجنرال بترايوس صالح أنه طلب 150 مليون دولار كمساعدة أمنية لعام 2010، بزيادة كبيرة عن عام 2009 (67 مليون دولار) على الرغم من الدعم الأمريكي لصالح لم يكن صادقًا معهم. وفقًا لشهادة هاني مجاهد "عميل مزدوج عضو في القاعدة وفي نفس الوقت مخبر للحكومة اليمنية". يقول إن صالح كان يتلاعب بالولايات المتحدة. وقال جريجوري جونسون، الخبير الأمريكي في الحركات الإرهابية لشبكة إن بي سي نيوز: تصريحات الرئيس صالح استخدمتها القاعدة مرارًا وتكرارًا كأداة للتجنيد والدعاية. كما تعاون أفراد عائلته مع القاعدة، بمن فيهم العقيد عمار صالح، ابن شقيق الرئيس ونائب مدير مكتب الأمن القومي، ساعد القاعدة بشكل فعال في الحصول على الأموال والمتفجرات اللازمة لمهاجمة السفارة الأمريكية. تدرك الإدارة الامريكية ذلك جيدًا، وفقًا لجيفري فيلتمان، مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى.
اليمن لديها بيروقراطية غير فعالة وفاسدة واستعدادها لمواجهة القاعدة في الماضي كان "غير متسق" ومشتت بسبب تمرد قبلي في الشمال (الحوثي) والاضطرابات في الجنوب (الحراك الجنوبي). يتابع فيلتمان: "لكني أود أن أشير إلى أنه في الأشهر أو الأسابيع الستة الماضية كان هناك اهتمام متزايد من الحكومة اليمنية بالتهديد الذي تشكله القاعدة هذه علامة مشجعة". وقال الدكتور القربي لصحيفة واشنطن بوست إن اليمن غير نظام إجراءات التأشيرات إلى اليمن واضاف أن الحكومة اليمنية طلبت أيضًا من جميع مؤسسات تدريس اللغة العربية في اليمن تقديم معلومات عن الطلاب الأجانب.
اضف الى ذلك، اليمن عرضت على الولايات المتحدة سياسة "الباب المفتوح" لمهاجمة القاعدة على الأراضي اليمنية وعلى أن تعلن حكومة صالح هي المسؤولة لا الولايات المتحدة. وقال صالح لبترايوس سنواصل القول إن القنابل هي قنابلنا وليست قنابلكم. وكذا نائب رئيس الوزراء رشاد العليمي، الذي كان حاضرًا في الاجتماع، إلى القول بسخرية إنه أيضًا قد "كذب" للتو على البرلمان وابلغه ان القنابل التي تم تفجيرها في أرحب وأبين وشبوة (معاقل القاعدة) أمريكية الصنع لكن الحكومة اليمنية استخدمتها. لأن الإعلان عن تورط الولايات المتحدة يثير التعاطف مع القاعدة.
مرة اخرى أخبر بتريوس الرئيس صالح بأن باراك أوباما سيسمح للقوات البرية الأمريكية، المجهزة بمعلومات استخبارية موجهة من خلال الأقمار الصناعية أو طائرات التجسس، بالانتشار في اليمن للقيام بعمليات مكافحة الإرهاب. لكن صالح رفض العرض، وبدلاً من ذلك وافق على وجود خبراء أميركيين في مركز القيادة اليمني. تزايدت الضغوط الأمريكية والتقى الجنرال ديفيد بتريوس بالرئيس صالح عدة مرات وحثه على ملاحقة عناصر القاعدة وحرمانهم من ملاذ آمن داخل البلاد. لكن حكومة صالح ركزت انتباهها إلى تهديدين داخليين، مقاومة الحوثيين في الشمال والحركة الانفصالية في الجنوب. وهما لا يرتبطان أيديولوجيًا ولا عمليًا بالقاعدة، لكن المجموعات الثلاث تشترك في الرغبة في الإطاحة بحكومة صالح. هذه قيادات يمنية فاسدة تسعى للكسب غير المشروع بحماية القانون من الرئيس صالح الى هادي والان رشاد العليمي.
إذن ما هي معوقات وقف الحرب وإحلال السلام؟
مشاورات الرياض واستقالة هادي هو اقرار من التحالف بفشل الحملة العسكرية بعد سبع سنوات من إطلاقها ولا تزال قوات التحالف واقفة في طريق مسدود. والحقائق الأساسية للصراع لم تتغير. صحيح ما قاله توماس جونو، الأستاذ بجامعة أوتاوا، حول استقالة هادي على تويتر: "لا تزال هناك الكثير والكثير من العقبات". "ولكن تهميش هادي بطريقة أو بأخرى سيكون دائمًا خطوة ضرورية، ولكنها بعيدة عن أن تكون كافية ".
في أعقاب الحرب الأهلية عام 1994، بدأ صالح تركيز السلطة في أيدي مجموعة صغيرة من النخبة في صنعاء. العادة توزيع المناصب على أساس الروابط القبلية والقرابة. وشكل صالح منها مجموعة صغيرة من المستشارين لاتخاذ القرارات في دائرة متماسكة وعملت كـ "حكومة الظل" و من ضمنهم (دكتور رشاد العليمي). حكومة الظل جزء من شبكة النخب القبلية والعسكرية التي لعبت دورًا حيويًا في مساعدة صالح على البقاء في السلطة.
في أوائل عام 2000، ردًا على تهميش صالح لفئة الحوثيين في الشمال والحراك الجنوبي تشكلت حركة مقاومة. تدخلت جهات إقليمية ودولية لتهدئة الأوضاع وتسهيل انتقال السلطة، كما جاء في المبادرة الخليجية انتقال السلطة من الرئيس صالح إلى نائبه هادي. في هذه اللحظة شعرت الــ "مجموعة الصغيرة من النخبة" التي بناها صالح خلال فترة حكمه بالقلق. اضطرت للتفاوض على ترتيبات السلطة للحفاظ على نظام المحسوبية. العديد من النخب المتحالفة سابقا مع صالح انضمت إلى المعارضة. لانهم رأوا في الانتفاضة فرصة لمحاولة الاستيلاء على السلطة "تحت ستار دعم متظاهري عام 2011".
أدت مشاركة النخب القبلية والعسكرية التي أسسها صالح في الثورة إلى نقطة مواجهة، هي "التنافس الداخلي بين النخبة ذاتها". هذا التنافس كان حاضرا أيضا في مؤتمر الحوار الوطني، ونراه من خلال التوصيات التي قدمها المؤتمر بخصوص الدستور الجديد. قدم المؤتمر رؤى غامضة حول هيكل النظام الفيدرالي اليمني. هناك العديد من المشاكل مرتبطة بهيكل النظام الفيدرالي، ومنها حل المظالم في الجنوب [الحراك الجنوبي] و في الشمال [الحوثي]. هذا على الجانب السياسي.
لكن هيكل الدولة يحدد أيضًا من لديه صلاحيات الإشراف على الموارد الطبيعية وإدارتها في اليمن، وخاصة النفط والغاز الطبيعي ومن يتحكم في تدفق عائدات النفط والغاز في اليمن هو صاحب السلطة. لهذا السبب، بنى صالح نظامًا للمحسوبية من شأنه أن يضمن احتكار الحكومة المركزية لعائدات الموارد الطبيعية للدولة. تقع معظم المناطق الغنية بالموارد في جنوب شرق اليمن، وبعد الحرب الأهلية عام 1994، بدأ صالح وغيره من الشماليين المؤثرين في استغلال الموارد الطبيعية الموجودة في جنوب شرق اليمن، غالبًا دون تعويض.
يتذكرها الكثير من الجنوبيين عندما استولى صالح على عائدات النفط والغاز واستفادت منها النخبة في المناطق الشمالية من البلاد. حمل الجنوبيون الذين حضروا مؤتمر الحوار الوطني معهم ذاكرة جماعية لحكومة مركزية قوية تهيمن عليها نخب الشمال والتي سيطرت على معظم عائدات الموارد الطبيعية في اليمن لعقود. على هذا النحو، كان الجنوبيون مصرين على إعادة التفاوض بشأن السيطرة على الموارد الطبيعية لإنهاء الأرباح غير المتناسبة لحقول النفط الجنوبية.
اضف تعليق