في سوريا... تبدو خطوط التماس قريبة جدا بين الغريمين، روسيا والولايات المتحدة الامريكية، والحظوظ متساوية فيما بينهما، فروسيا كسبت نقطة، (تضاف الى نقاطها السابقة)، أخرى بعد ان نجحت إيران في طي صفحة الاتفاق النووي، الذي سيحررها كثيرا... سيما على المستوى الاقتصادي والدبلوماسي، وهما امران مهمان لدعم جهود موسكو ودمشق ضد التيار المعاكس، وقد بانت بوادر النفوذ الإيراني (الرسمي) في سوريا... بعد الزيارات والتصريحات الأممية، بضرورة اشراك إيران كطرف رئيسي في أي مبادرة او حل سياسي يلامس الضفة السورية.

بالمقابل... فان الولايات المتحدة الامريكية وحلفائها، فيما يبدو، عازمون على انهاء دور الأسد السياسي، لكن مع الحفاظ على اركان النظام ومؤسساته قائمة حتى الوصول الى الاستقرار، وهو دور سيحتاجون فيه الى وجود "بشار الأسد" لحدود معينة... وهذا التناقض، بين الرحيل والبقاء، يعتمد على خارطة المعارك والتحالفات، إضافة الى الرغبة في انهاء صراع دامي استمر لخمس سنوات من دون توقف.

الأرض السورية شهدت في الآونة الأخيرة حراكا عسكريا متناميا، من الطرفين ايضا... الجيش السوري وحزب الله متجهون نحو السيطرة الكاملة على الزبداني... والحسكة تم طرد تنظيم داعش منها، واقتسام السلطة فيها مع الاكراد، فيما ارتفعت، على الجانب الاخر، العمليات العسكرية واللوجستية، والترتيبات الأخيرة، لزج مقاتلين جدد، وتامين مناطق يمكن ان تسيطر عليها، لاحقا، ما تسميهم أمريكا وحلفائها بالمعارضة (المعتدلة)، ويبدو ان تركيا... التي سمحت للولايات المتحدة الامريكية، باستخدام قاعدتها الجوية، بعد طول عناد وخصام، سعيدة بالتقارب الأخير، او الاستعدادات الجديدة، فعندما توجه صحفي الى وزير الخارجية التركي، "تشاووش أوغلو"،بالسؤال عن موعد تواجد القوة السورية المعارضة والفعالة في (منطقة عازلة) بشمال سوريا، إجابة بالقول: "الآن نقوم بتدريب وتجهيز المعارضة المعتدلة مع الولايات المتحدة وسوف نبدأ في قتال داعش بفاعلية قريبا، حينها ستكون الأرض أكثر أمنا للمعارضة المعتدلة التي تحارب داعش على الأرض".

ويبدو ان (حدود التماس) بين روسيا والولايات المتحدة الامريكية، بدت أكثر قربا من أي وقت مضى... والبوصلة تشير الى (حل سياسي)، ينفذ بعد خطوات ترسيم خطوط المعركة... ومكافحة تنظيم داعش، واضعاف الجماعات المتطرفة الأخرى، وقد تجتمع الاختلافات حول خطوط الخطر المشترك، لتفترق مجددا في التفاصيل، لكن هذا لا يعني بالضرورة الخلاف الذي يفضي الى قطيعة.

الازمة السورية في طريقها الى (الانفراجة السياسية)، وليس العسكرية، بخطوات بطيئة الحركة، قد لا يشعر بها مع اقتراب نهاية أيام الرئيس الأمريكي "أوباما" في البيت الأبيض، لكنها ستكون واضحة المعالم والتأثير فيما بعد.

إيران تستعد للتحرك السياسي، (الموازي للحراك الروسي الذي حاول اقناع السعودية وتركيا بمشاركة الأسد في مكافحة الإرهاب)، نحو تقديم (خطة معدلة) عن الماضية، والتي تم تجاهلها سابقا، لأسباب معروفة، تشمل أربع نقاط رئيسية، منها إيقاف إطلاق النار واجراء انتخابات تحت اشراف اممي، وبعد جولة خليجية سابقة، يبدو ان إيران واثقة بتقريب وجهات النظر، في مفاوضات لن تكون سهلة مع جميع الأطراف المعنية، والتي لا تقل أهمية عن المفاوضات النووية التي جرت بينها وبين القوى الكبرى.

اضف تعليق