ثقة الجمهور بالفائزين قد اهتزت هزة عنيفة وأحدثت شقوقا لا يمكن علاجها الا بحكومة قوية قادرة على النهوض بواجبها الوطني دون معرقلات، كما ان لغة التسقيط وكسر الإرادات افقدت الثقة بين الساسة انفسهم ولا يمكن ردم الهوة بينهم الا بتغليب مصلحة الوطن على المصالح الشخصية وتقسيم المناصب...
سواء عقدت جلسة انتخاب رئيس الجمهورية واكتمل نصابها او لم يكتمل، انتخب الرئيس او لم ينتخب... فان فرصة الانتخابات المبكرة ضاعت بعد ماراثون من الصراع والنزاع بين قطبي الفائزين استمر لأكثر من اربعة اشهر، ويمكننا ان نؤشر الحقائق التالية على الوضع السياسي والعام في العراق خلال هذه الفترة، وبالشكل التالي:
١. ان الطبقة السياسية الحالية غير قادرة على التفاهم فيما بينها اولا؛ ومواكبة التطورات ثانيا؛ ومواجهة التحديات ثالثا. وبالتالي فإنها غير كفؤة وغير مستعدة على إبداع الحلول للازمات لذا فإنها لا تستحق تسيد الموقف السياسي اذا استمرت بهذه الوتيرة.
٢. استخدام لغة تسقيط الاخر هو الخطاب الاعلامي لكل الفائزين منذ اغلاق صناديق الاقتراع خلافا لبروتوكول الديمقراطية في حكومة وطنية ومعارضة وطنية تتعاون وقت الازمة داخل قبة البرلمان، وبالرغم من انعقاد جلسات الاخير فإننا لم نرى بصيص امل في تغيير السلوك والخطاب والركون الى لغة الحوار الوطني الهادف لتقريب وجهات النظر بين الفرقاء، وهذا الاسلوب أدى الى: فقدان ثقة الجمهور بالفائزين اولا؛ دق إسفين بين الفائزين أنفسهم ثانيا؛ مما سيعيق اي تفاهم مستمر بينهم مستقبلا.
٣. تأثير الفواعل الإقليمية والدولية في المشهد السياسي اكثر من الفاعل الداخلي المهم الذي أدى دوره في إيصال الفائزين الى البرلمان، وهذا الامر انعكس سلبا على جملة المشهد السياسي العراقي الداخلي الذي اصبح يستجيب لرغبات الخارج اكثر مما يسمع أنين الداخل.
٤. غياب دور المرجعية الدينية طيلة الفترة الماضية رغم الحاجة الماسة اليها لحسم الامور في هذا الوقت عبر الاشارة او التلميح، ويمكن تفسير الامر برغبة المرجعية بالنأي بنفسها عن الخلافات السياسية او ان صوتها قد بح سابقا دون مجيب، لكن عقدة المشهد الحالي ما زال يحتاج تدخلها وبقوة.
٥. ان دور المواطن أصبح متفرجا وينوء بحمل الازمات، فالموازنة معطلة وأزمة الغذاء العالمية أثقلت الميزانية العائلية واجراءات حكومة تصريف الاعمال شكلية لا تتجاوب مع عظم التحديات التي تسارع كل حكومات العالم للتخفيف من وقعها على مواطنيها، بينما يتصارع سياسي العراق على الكتلة الاكبر، حتى اصبح المواطن في واد والساسة في واد اخر.
ان ثقة الجمهور بالفائزين قد اهتزت هزة عنيفة وأحدثت شقوقا لا يمكن علاجها الا بحكومة قوية قادرة على النهوض بواجبها الوطني دون معرقلات، كما ان لغة التسقيط وكسر الإرادات افقدت الثقة بين الساسة انفسهم ولا يمكن ردم الهوة بينهم الا بتغليب مصلحة الوطن على المصالح الشخصية وتقسيم المناصب... ان العراق يمر بمخاض عسير ولن يخرجه من هوته السحيقة الا تغليب روح المواطنة اولا؛ وحكومة وطنية قادرة ثانيا؛ وسياسي ثالثا؛ يستجيب للداخل قبل مطلب الخارج.
اضف تعليق