العراقيون يجب أن يكون لهم موقف متوازن، في عالم تسيطر عليه القوة العسكرية والاقتصادية والثقافية الأميركية، ويستخدم الدولار كعملة احتياطية له، إذا ما اخِذ بنظر الاعتبار، أنّ النظام العالمي الليبرالي في أعقاب الحرب العالمية الثانية هو من تصميم الولايات المتحدة، وأنّ من الجدوى بمكان...
الجدل حول إشكاليَّة العلاقة بين الولايات المتحدة الأميركية، ودول احتلّتها هذه القوة العظمى، لا يقتصر على العراق، بل يشمل أغلب البلدان التي اجتاحتها الجيوش الاميركية، أو أسّست قواعد عسكرية على أراضيها، مثل ألمانيا واليابان، كما انّ هناك دولا تتلقى الدعم العسكري من الولايات المتحدة مثل تركيا وبولندا والبحرين والسعودية، وقطر.
ترسل واشنطن جيشها بشكل دوري الى دول مثل تايلاند وباكستان، الى الحدّ الذي يقول فيه المؤرخ الأميركي كريستوفر كيلي في كتاب “كيف غزونا أو تورطنا عسكرياً مع كل بلد تقريباً”، انّ الولايات المتحدة غزت أو قاتلت في 84 دولة من أصل 193 دولة، وشاركت عسكرياً مع 191 دولة من أصل 193، وهي نسبة مذهلة بلغت 98 ٪، الى الحدّ الذي يقال فيه للسخرية، انّ الدولة الوحيدة التي تخلو من النفوذ الأميركي هي إمارة ليختنشتاين، بين النمسا وسويسرا، وسبب ذلك يعود الى صعوبة العثور عليها على الخريطة لأنها بمساحة 62 ميلاً مربعاً فقط.
لا يجب الرؤية الى الجدل السياسي في العراق بشأن التواجد الأميركي، بسلبية، لأنه تشاور طبيعي في بلد أريد له أن يكون ديمقراطيا منذ العام 2003، وهي حالة تتجانس كثيرا مع البلدان التي تتواجد فيها قوات أجنبية.
في ألمانيا، ثمة من يكنّ الكراهية للولايات المتحدة، لأنها تفرض نفسها على السياسات، بينما يعدها البعض الآخر حامية للديمقراطية الاوروبية. وقد رحّبت الحكومة الألمانية في 9 شباط 2021 بقرار الرئيس جو بايدن ايقاف سحب قوات بلاده من الأراضي الألمانية.
في هولندا وبلجيكا، ينظر كثيرون الى النفوذ الأميركي في أوروبا، والعالم، كحائط صد ضد الأنظمة الشمولية، لكن هناك من يوجّه الانتقاد الى العجرفة الأميركية على أوروبا، لا سيما في حقبة الرئيس السابق دونالد ترامب الذي تنمّر على الاوروبيين وتعامل معهم بفضاضة، حتى انّ الناتو الذي ينظّم، منذ عقود، في ذكرى تأسيسه، قمما ناجحة وحميمية للزعماء، تستمرّ أياما، اختزل هذا التقليد بعدة ساعات، وعلى مستوى الوزراء، العام الماضي.
لكن في دول حاصرتها أميركا، اقتصاديا مثل كوبا، وإيران، وفنزويلا، يُنظر الى القوة الاميركية على انها امبريالية، تحاول استرقاق الشعوب.
العراقيون يجب أن يكون لهم موقف متوازن، في عالم تسيطر عليه القوة العسكرية والاقتصادية والثقافية الأميركية، ويستخدم الدولار كعملة احتياطية له، إذا ما اخِذ بنظر الاعتبار، أنّ النظام العالمي الليبرالي في أعقاب الحرب العالمية الثانية هو من تصميم الولايات المتحدة، وأنّ من الجدوى بمكان، الانتفاع من تجارب الدول في علاقاتها مع الوجود الأميركي على أراضيها، لاسيما أوروبا التي انتقلت من التبعية لواشنطن الى المنافسة لها في الاقتصاد والصناعة، بعد أن أقصت نفسها عن الحروب التي تورّطت بها لعقود، وركّزت على انتاج السلع، والسيارات الفارهة التي غزت أسواق العالم، ومنها أميركا نفسها.
اضف تعليق