العراق والدول العربية يقيمون في عالمٍ مملوءٍ بالسقف المُرقَّع. وفي هذا الكون المتخيَّل، تتعانق الطقوس والتقاليد كأنها أقمشةٍ ملونة تُسدل على سقوف قديمة، تتناثر منها رقعٌ ملونةٌ من ماضٍ أليم. هؤلاء القوم يرتقون جراحاتهم بتقنياتٍ بدائية، يشبكون خيوط الأمل مع نسيج الإهمال، بينما تسيل العبرات من الأسقف التي تئن تحت وطأة الزمن...
في عالمٍ تتشابك فيه خيوط الزمن والفضاء، حيث تُفَصِّلُ الشعوبُ معانيها وتبتكر حلولها لمواجهة التحديات، نجد أن تقدم الأمم أو تراجعها ليس مجرد حظٍ أو مصادفة، بل هو نتاجُ فهمٍ عميقٍ لكيفية التعامل مع الحياة.
كيف تأخذ الأمم زمام المبادرة وتستثمر المعرفة والمهارات والأخلاقيات التي تفرزها بيئاتها، وكيف تعجز أخرى عن المضي قدمًا، تغرق في سُباتٍ عميق.
تسعى الشعوب إلى التعامل مع أزماتها من خلال سُبُلٍ مختلفة، ومن الأمثلة التي تجسد هذه الفروقات نجد كيفية صيانة السقف في البيوت. ففي عالمٍ غني بالتنوع الثقافي والتجارب، تُعرض لنا صور متعددة للتعامل مع مشكلات السقف، كما يلي:
في أمةٍ تُقدِّر الصيانة وتحرص على التجديد، يُعقد جدول دوري لمراجعة السقف وتجديده قبل أن يصل إلى نهايته. تلك الأمة تَفْهَمُ أن الإبقاء على الصيانة المستمرة يقيها من العواقب الوخيمة.
أما الشعوب المنتبهة، فتقوم بفحص السقف بانتظام، وتستشعر عند اقتراب نهاية عمره، فتقوم باستبداله بشكلٍ مسبق. هؤلاء يسعون للحفاظ على الأداء الجيد لمرافقهم ويقدرون قيمة التحوط والاستباق.
في جهة أخرى، توجد شعوب ترقّع السقف بوسائل مؤقتة، لكن دون أن تُغيِّر السقف بشكلٍ كامل. هؤلاء يعيشون في أملٍ زائف، يعالجون الأعراض دون الخوض في جذور المشكلة.
أما الشعوب التي تستسلم لأمر الواقع، فتنتظر حتى يُسمع خرير الماء وهو يتسرب من خلال السقف، عندها فقط يبدأون في عملية الاستبدال. هؤلاء يتصرفون بعد فوات الأوان، مستسلمين لما قد حصل.
وفي نهاية المطاف، هناك الشعوب التي تواصل “الرتق” و”الترقيع” إلى الأبد، متجاهلة أن السقف سينهار في يومٍ ما. هؤلاء يعيشون في حالة من الإهمال الدائم، ينتظرون الكارثة التي ستكون في متناول اليد.
العراق والدول العربية يقيمون في عالمٍ مملوءٍ بالسقف المُرقَّع. وفي هذا الكون المتخيَّل، تتعانق الطقوس والتقاليد كأنها أقمشةٍ ملونة تُسدل على سقوف قديمة، تتناثر منها رقعٌ ملونةٌ من ماضٍ أليم. هؤلاء القوم يرتقون جراحاتهم بتقنياتٍ بدائية، يشبكون خيوط الأمل مع نسيج الإهمال، بينما تسيل العبرات من الأسقف التي تئن تحت وطأة الزمن.
في هذه البيئة، يُحتَفَى بالترقيع كفنٍ نبيلٍ، حيث تأمل الشعوب بألوانه في الأفق البعيد، تبحث عن لحظةٍ سحريةٍ تتجاوز صرخات النداء، لتسعى نحو سقفٍ جديدٍ يعيد إليهم عبق الأمل المفقود.
العبرة من هذه الفصول المتعددة تتجلى في أن المداواة الصحيحة ترتبط ارتباطًا وثيقًا بطبيعة المجتمعات.
لن نتمكن من التغلب على “السقف المُرقَّع” ما لم نقُم بتحديث أدواتنا الثقافية والاجتماعية، لنثري قدرتنا على التعامل المناسب مع الأزمات، ونبني أسسًا متينةً تُمكّننا من مواجهة المستقبل بثقةٍ وإبداع.
اضف تعليق